(200) كلمة مع ماجدة خير الله:
برنامج \”الصدمة\” يحقق نسبة مشاهدة مرتفعة جدًا، وينافس بعض البرامج السخيفة التى تضع ضيفا ما فى حالة خطر، وتراقب تصرفاته وردود أفعاله، التى تأتى مبالغا فيها عادة، مما يعطى إنطباعًا بأن الحكاية كلها مفبركة، مثل برنامج هانى رمزى بتاع الأدغال، الذى هو استنساخ من برنامج رامز جلال، الذى يعتبر بدوره جريمة إعلامية مكتملة الأركان.
أما برنامج \”الصدمة\” الذى يقدمه كريم كوجاك من مصر، ومجموعة من المذيعين من دول عربية أخرى، فهو غير معنى بإضحاك المشاهد، ولا السخرية من المواطن، ولا يستضيف نجومًا، ولا يفتعل مقالب، ولا أى من تلك الأفكار سابقة التجهيز التى اعتدنا عليها لسنوات طويلة، والتى بدأت فى نهاية الثمانينيات مع برنامج \”الكاميرا الخفية\”، ومن بعده \”زكية زكريا\”، وهى برامج كانت متفاوتة الطرافة، تقصد رسم الابتسامة على شفاه الجماهير، وهى تتابع مقلبا يتم تدبيره بعناية لشخص ما، أو عدة أشخاص.
لكن \”الصدمة\”، هو برنامج يحدث صدمة فعلا لدى المارة فى شوارع القاهرة أو أبو ظبى أو بيروت، من خلال مواقف إنسانية تهدف إلى قياس ردود أفعال المواطنين عندما يواجهون موقفًا فيه ظلم أو جور على شخص ما.
طبعا نحن جماهير المنازل ندرك مسبقا أن الموقف مُدبر، ومعد بحرفية من خلال مجموعة من المؤديين، وننتظر تأثير الموقف على المارة.
مثلا، نتابع موقف شاب يقف مع والده الكهل فى سوبر ماركت، والابن يعنف أباه بغلظة أمام الناس ويسىء معاملته، مما يؤدى إلى حالة ضجر بين الناس، وتعاطف شديد مع الأب، ثم عتاب وتأنيب للابن العاق، وقبل أن يحتدم الموقف، يتدخل المذيع لتوضيح الموقف، ويسأل المواطن عن السبب الذى دفعه للتدخل، وتجد الإجابات عليها شبه توافق، أن فكرة إهانة الأب لا يمكن قبولها، وأن أى إنسان سوي، كان لابد له أن يلقن الابن العاق درسا، وعندما تكرر الموقف مع فتاة شابة وأمها العجوز التى أساءت معاملتها، أدى ذلك إلى بكاء فتاة كانت تراقب الموقف ولم تحتمله.
وفى إحدى الحلقات يطلب شخص ضرير من امرأة أن تفك له ورقة بمائتي جنيه، فتعطيه نقودا أقل مما هو مطلوب، معتمدة على عدم قدرته على رؤيتها، والمفاجأة أن معظم من كانوا بالمكان تدخلوا لصالح الرجل، وعاتبوا المرأة بعنف.. الحكاية ليس فيها أى نسبة من الإدعاء أو التمثيل من جانب المواطنين والمارة، أما الهدف الإيجابى الذى يقدمه برنامج \”الصدمة\”، فهو أنه يؤكد أن فطرة كثير من الناس، لازالت نقية، وأن المروءة والشهامة لم تغادر نفوس الناس، فلازال هناك من يثور وينزعج ويتدخل لنصرة الضعيف، دون أن ينتظر حتى كلمة شكر أو ثناء.