ماجدة خير الله تكتب: "فوق مستوى الشبهات".. عندما تمردت يسرا على يسرا

(200) كلمة مع ماجدة خير الله:

منذ ما يقرب من ستين عامًا، أقدمت السيدة فاتن حمامة على مغامرة اعتبرتها الأكثر جرأة فى تاريخها الفنى، عندما قبلت أن تلعب دور فتاة شريرة تدبر المكائد للآخرين، وتتسبب أحيانا فى ظلم يلحق بالأبرياء، وتخرب بيوتا وتحطم قلوبا، وكانت فاتن حمامة قبل هذا الفيلم وبعده حريصة على أن تبقى صورتها على الشاشة ناصعة البياض، فهى الفتاة الرقيقة الناعمة شديدة النقاء، المظلومة دائمًا، وظلت هذه الصورة الذهنية مرتبطة بها طوال حياتها الفنية تقريبا، ولم تتخل عنها إلا فى فيلم \”لا أنام\”، الذى أخرجه صلاح أبو سيف، وكان رأى كل مستشاريها وأصدقائها، أن الجمهور لن يقتنع بأن سيدة الشاشة يمكن أن تكون شريرة، ولذلك لجأ المخرج إلى حيلة أن يجعلها تصاب فى حريق فى نهاية الفيلم، كنوع من التطهر والتكفير عن الذنب!

وطبعا لم ينجح الفيلم عند عرضه فى السينما، ولكن عرضه التليفزيونى أعاد إكتشافه، وخاصة أنه يضم عددًا كبيرا من النجوم يندر اجتماعهم.

كانت معضلة -أو مشكلة- صورة النجم الذهنية لدى الجماهير أزمة كبيرة، تحد من قدرة بعض النجوم على التلون وأداء شخصيات من لحم ودم، فالجمهور يعتبر أن ما يظهر عليه الفنان على الشاشة، هو جزء من حقيقته، ويحاسبه على هذه الصورة! ولذلك يحرص بعض الفنانين على أن يظل ناصعا على الشاشة، حتى لو كان غير ذلك فى الحقيقة.. قول بقى جهل أو قلة وعى أو ضعف ثقافة فنية، أو عوامل أخرى كثيرة.. المهم أن هذا المنطق لا يزال مسيطرا على البعض حتى الآن.

وبعد ستين سنة من حكاية \”لا أنام\”، تجد الجماهير وبعض من يكتبون فى الصحافة، يعتبرون أن الفنانة يسرا قد أقدمت على مغامرة، وأنها حطمت قيدها، وخرجت من شرنقة أدوار السيدة الرقيقة الناعمة المثالية صاحبة الحكمة، والمضحيه \”غالبا\”، وقبلت أخيرا أن تلعب دور \”رحمة\” السيدة الشريرة التى تعانى من خلل نفسى ما، جعلها تسىء لأقرب الناس إليها، بل جعلها تتورط فى جريمة قتل بشعة، وحتى تخفى جريمتها، تحاول إلصاق التهمة بإحدى صديقاتها وهى جارتها أيضا!

اعتقد أننا لا يجب أن ننساق إلى فكرة الاحتفاء بـ يسرا على أساس أنها تلعب دور امرأة شريرة للمرة الأولى، فالممثل يجب أن يكون قادرا على أداء جميع الأدوار، ولكن الاحتفاء يكون لأنها قدمته بشكل جيد، وعايشته وذابت فى تفاصيله، وأقنعت المشاهد أنها شخصية ثعبانية تتلون فى اللحظة الواحدة ما بين مشاعر وتعبيرات شتى، وسوف يضاف دور \”رحمة\” إلى قائمة أهم ما قدمته يسرا فى مشوراها الفنى.

أما مسلسل \”فوق مستوى الشبهات\” الذى أخرجه هانى خليفة، فهو واحد من عدد قليل من المسلسلات التى تستحق المشاهدة هذا العام.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back To Top