\”الانطباع عدو الاتصال\”، هكذا يردد المتخصصون في مجال التنمية البشرية وأصحاب \”البوزيتيف إنيرجي\”، دعك من كونك تحب التنمية البشرية أو لا؛ إلا أن هذه المقولة فعليًا صائبة بنسبة كبيرة في حياتنا وتصوراتنا وأفكارنا، وتفصيل هذه الحكمة قليلة الكلمات غزيرة الفوائد هو: أنه حين يكون لديك انطباع أو تصور ذهني ما عن أحد الأشخاص أو الموضوعات أو حتى الأكلات أو غيرها، فستأتي كل قرارتك وحساباتك بناءً على هذا التصور المسبق، لذا تخبرك الحكمة بأنه لا يجب عليك تبني تصور مسبق أو انطباع قاطع،إلا بعد المعاينة والتجربة.
ذكرت هذه المقدمة، لأحكي لكم عن تجربة شخصية مع قراءة الروايات تحديدًا، كنت من أشد كارهي قراءة الروايات، وأراها مضيعة للوقت، كما أنها تأخذك من أرض الواقع إلى عالم الخيال والتحليق في الأوهام، إلى أن جاءت علىّ فترة كنت مضطرًا فيها لقراءة الروايات، إذ لم يكن أمامي أي كتب أو منوعات غيرها خلال تلك الفترة.
شرعت في قراءة إحدى الرويات لروائي مصري معروف، \”وعصرت على نفسي لمونة\” لحين الانتهاء منها، لم يكن لدي غرض من القراءة سوى محاربة الملل وقتل الوقت في هذه الفترة العصيبة التي مررت بها.
بعد الانتهاء من كم فصل من فصول الرواية، اكتشفت أنها تحكي عن واقع نعيشه وعن أحداث وقعت بالفعل، اندمجت جدًا مع بقية أحداثها حتى انتهيت منها، غير ساخط وراضٍ إلى حد ما عنها، وقتها بدأت نظرتي نحو الروايات تتغير تدريجيًا، انتهيت منها لأقطف أخرى من نوع الروايات التاريخية.. وهذه اجتذبتني للغاية واستمتعت بها جدًا، حيث كانت تصور لك أحداثًا تاريخية وقعت في فترة من التاريخ، تقرأ وكأن الأحداث تقع أمام ناظريك، لا أخفيكم أن هذه الأحداث التاريخية التي أوردتها الرواية، كنت قد قرأتها سابقًا في كتاب تاريخ عن هذه الحقبة التاريخية، إلا أننا جميعًا نعاني من سرعة نسيان الأحداث بتفاصيلها وتواريخها، هذه الرواية بالأخص، حفرت في أعماقي هذه الأحداث والتواريخ، فلا أنساها، وكيف أنسى حدثًا وقع أمام عيني، وكنت شاهدًا عليه؟!
وهكذا تغير بي الحال.. من كاره للروايات إلى مستمتع عاشق لها!
وبدأت رحلتي في التجول بالأزبكية ومعرض الكتاب السنوي وبائعي الروايات والكتب، أبحث عن كُتَّاب الروايات المميزين، أشتري أكثر من رواية في المرة واحدة، غير عابئ بما في جيبيي، روايات تناقش قضايا مجتمعية وعالمية، وأخرى أحداثًا تاريخية، في قالب روائي سلس، لا تملّه.
ومن هنا .. فقد جمعت لكم بعض الفوائد التي يمكن تحصيلها جرّاء قراءتك الروايات.
1- إثراء الحصيلة اللغوية: فلا شك ستجد ألفاظًا وكلمات ربما تتعرف عليها لأول مرة، وهو ما يثري تحصيلك اللغوي على طول الخط.
2- اكتساب معلومات جديدة: لو أنك ستقرأ رواية واحدة في شهر مثلًا، وخرجت منها بمعلومة وحيدة، فكفى.. هذه المعلومة الوحيدة قد تروق لك أو تشغل بالك، فتهتم بتفاصيلها فتبحث أكثر في موضوع هذه المعلومة، فيتكون لديك موضوع متكامل من معلومة واحدة، ناهيك عن تنشيط ملكة البحث لديك.
3- القدرة على التصنيف: فيما بعد.. ستكون لديك القدرة على التمييز بين الغث والسمين من الروايات، وتقرر ما يستحق أن تنفق عليه مالك وتصرف فيه وقتك؛ فالواقع يشير إلى أن سوق الروايات والكتب يضج بالكثير من الغثاء وما لا فائدة منه، فضلًا عن بعض الكتابات الركيكة، التي قد تقع ضحية لها بادئ الأمر.
إذا ما قررت يا صديقي أن تأخذ بقاعدة \”الانطباع عدو الاتصال\”، وتتخلص من موروثاتك القديمة وتصوراتك المسبقة، ستجد أن هناك عالمًا رحبًا لم تكتشفه بعد، حينها يمكن أن نشير إلى أفضل ما يمكنك البدء به كمدخل للإقبال على قراءة الروايات.