ثلاثة ممثلات حققن شهرة كبيرة ونلن جوائز قيمة هن؛ نجمة هوليوود كرستن دانست والممثلة والمغنية الفرنسية فانيسا بارادي والممثلة والمخرجة الإيطالية فاليريا جولينو، إلى جانب منتجة لها ثقلها في مجتمعها الإيراني المتشدد، لتكون الحصيلة أربع نساء مميزات – بالتساوي مع عدد الرجال المحكمين – في اللجنة الرئيسية بمهرجان كان السينمائي الممتد في الفترة من 11-22 مايو الجاري. إنها اللجنة المسئولة عن تحديد الفيلم الفائز – من 21 فيلما – لمنحه جائزة السعفة الذهبية أو إكليل الغار الجائزة المميزة للمهرجان، تلك الجائزة لم تُولد مع أولى دوراته عام 1946 وإنما في عام 1955 عندما استبدلت الجائزة الكبرى بجائزة السعفة الذهبية والتي مُنحت للفيلم الأمريكي \”مارتي\” إخراج دلبرت مان، وكثيراً ما نجحت السعفة الذهبية في التعبير عن أحدث وأبرز الاتجاهات الجديدة في السينما العالمية.
ليست المرة الأولى في مهرجان \”كان\” السينمائي التي يتساوى فيها عدد النساء والرجال في لجنة التحكيم الرئيسية، فقد تكرر ذلك في دورات العامين الماضيين، وكذلك عام 2007 تساوى عدد الرجال والنساء في التحكيم، أربعة مقابل أربعة. تماما كما حدث خلال الأعوام 2006، و2005 ، و2004، وهناك مرات أخرى تفوق فيها عدد النساء على الرجال بلجنة التحكيم الرئيسية مثلما حدث في الدورة رقم 53 المنعقدة عام 2000 إذ تفوق عدد النساء على الرجال وبلغ خمسة مقابل أربعة. وكذلك تكرر الأمر ذاته في عامي 1999، و1998.
إضافة إلى ما سبق، فإنه في مرات عدة ترأست اللجنة ممثلات أو كاتبات أديبات مثل فرانسوا ساجان، أو إنجريد برجمان، جين مورو، ليف أولمان، إيزايبل أوبير، إيزابيل إدجاني. ومَنْ يراجع أرشيف المهرجان بدقة يُدرك تماماً زيف الادعاءات الصحفية عن تحيز المهرجان الكاني ضد المرأة، فما أكثر المرات التي اهتمت بعرض أفلام تتناول قضايا المرأة، وهناك مرات أخرى افتتح فيها المهرجان بأفلام من توقيع امرأة مثلما حدث في العام الماضي، وإن كنت شخصيا لا يشغلني التواجد الكمي للمرأة بقدر ما يشغلني نوعية الأعمال التي تتواجد بها المرأة، والفكر الذي تحمله المرأة، وهل هو فكر تقدمي مستنير يُناصر قضايا المرأة وحقوق الإنسان، أم أنه فكر يُعبر عن عقل بطريركي ذكوري؟
تعود حكاية المرأة مع التحكيم في كان إلى عام 1949 مع Madame Georges BIDAULT التي شاركت في التحكيم ثلاث دورات متتالية عام 1949، 1951، 1952. أما المرأة الممثلة فقد اختيرت بلجنة التحكيم لأول مرة عام 1951 بعضوية الممثلة Gaby MORLAY، وفي عام 1952 بعضوية الممثلة الفرنسية التي جمعت بين التمثيل للمسرح والسينما Gabrielle DORZIAT، وعام 1955 بوجود الممثلة الإيطالية Isa MIRANDA ثم الممثلة المكسيكية دولوريس ديل ريو عام 1957 للدورة العاشرة، وتزايد عدد النساء تدريجيا حتى ترأست لجنة التحكيم في منتصف ستينيات القرن الماضي ثم على تكرر الأمر مرات عدة وصولا إلى دورة عام 2014.
كانت الممثلة البريطانية الأمريكية أوليفيا دو هافيلاند الحاصلة على جائزتي أوسكار وجائزتي جولدن جلوب، وجائزة من فينيسيا عام 1949 هي أول امرأة تترأس لجنة تحكيم المسابقة الرسمية في \”كان\” عام 1965. أما الممثلة الأمريكية ميشيل مورجان الحائزة على سعفة كان لأحسن ممثلة عام 1946، وجائزة الأسد الذهبي لتكريم العمر من مهرجان فينيسيا عام 1996، وسيزار الشرفي عام 1992 فقد ترأست لجنة التحكيم الرسمية في الدورة الرابعة والعشرين للمهرجان المنعقدة عام 1971.
عندما نتأمل اختيارات النساء اللائي ترأسن لجنة التحكيم بمهرجان كان نجدها تشي بالحرص في الاختيار، فجميعهن حصلن على جوائز رفيعة وعريقة، وتركن بصمة قوية في مجال إبداعهن فمثلاً، وإضافة لما سبق فإنه في عام 1973 ترأست لجنة التحكيم الممثلة السويدية إنجريد برجمان الحاصلة على ثلاثة جوائز أوسكار، وأربعة جوائز جولدن جلوب. أما المرأة الاستثنائية التي ترأست لجنة تحكيم الأفلام الطويلة مرتين في مهرجان كان السينمائي فهى الممثلة والمغنية الفرنسية جين مورو؛ الأولى عام 1975 ، والثانية عام 1995 ، وقد سبق لها الفوز بجائزة أفضل ممثلة في \”كان\” عن دورها في \”سبعة أيام سبعة ليال\” MODERATO CANTABILE إخراج بيتر بروك.
لم يقتصر الأمر على نجمات التمثيل ففي عام 1979 وفي الدورة الثانية والثلاثين ترأست لجنة التحكيم الرئيسية الأديبة الفرنسية فرانسوا ساجان، وفي الدورة الخمسين عام 1997 ترأست لجنة تحكيمها الممثلة إيزابيل إدجاني، وفي الدورة الرابعة والخمسين المنعقدة عام 2001 فقد شاركت أربعة نساء مقابل خمسة رجال في التحكيم برئاسة الممثلة ليف أولمان. وفي عام 2009 ترأست الممثلة الفرنسية إيزايبل أوبير لجنة التحكيم، أما في عام 2014 فلم يقتصر الأمر على تفوق عدد النساء على الرجال – خمسة مقابل أربعة – ولكن أيضاً ترأست لجنة التحكيم المخرجة النيوزيلندية جين كامبيون Jane Campion وهي أول مخرجة تفوز بجائزة السعفة الذهبية عن فيلمها البيانو عام 1993.
نساء التحكيم في 2016
تماما مثل العام الماضي يتساوى عدد الرجال والنساء في لجنة التحكيم التي يترأسها هذه المرة المخرج الشهير جورج ميلر مخرج \” Mad Max Fury Road\” ربما الفارق أنه في العام الماضي ترأس اللجنة الأخوين كوين – جويل ديفيد كوين، وإيثان جيسي كوين – في سابقة من نوعها أن يتولى رئاسة لجنة التحكيم شخصين بدلا من واحد، أما النساء الأربع لهذا العام فهن الممثلة كرستن دانست والممثلة والمغنية الفرنسية فانيسا بارادي والممثلة والمخرجة الإيطالية فاليريا غولينو والمنتجة الإيرانية كاتيون شهابي والتي ساهمت بدور مهم في السينما الإيرانية المستقلة إذ أنتجت أفلاما لمخرجين بالغي الأهمية مثل أصغر فرهادي ورخشان بني اعتماد، ومن الأفلام التي أنتجتها وحصدت جوائز في أعرق مهرجانات السينما ومنها فينيسيا فيلمي \”حكايات\” إخراج راخشان بني اعتماد (2014) و\”الأربعاء 9 مايو\” إخراج وحيد جليل فاند (2015)، وكذلك فيلم \”ناهد\” لإيدا بناهندة الحاصل على جائزة بقسم \”نظرة خاصة\” بمهرجان كان في عام 2015.
أما نجمة هوليود كريستين دانست Kirsten Dunst ، والبالغة من العمر 33 سنة، فنالت جائزة أفضل ممثلة بمهرجان \”كان\” عام 2011 عن دورها في فيلم \”سوداوية\” أو \”ميلونكوليا\” – Melancholia – للمخرج الدنماركي لارس فون ترايير. في حين بدأت الممثلة والمطربة وعارضة الأزياء فانيسا بارادي Vanessa Chantal Paradis مشوارها الفني وصارت نجمة منذ الطفولة، وأصبحت نجمة مشهورة منذ كان عمرها 14 سنة، وقد نالت خمس جوائز من أهمها سيزار الفرنسية التي تعادل الأوسكار، عن دورها بفيلم Noce blanche ، كما أنها تزوجت من النجم الشهير جوني ديب لفترة وأنجبت منه طفليها.
من أعضاء اللجنة أيضاً الممثلة والمخرجة الإيطالية فاليريا جولينوValeria Golino والتي اشتهرت بدورها في فيلم \”رجل المطر\” بطولة داستين هوفمان وتوم كرروز، وهى الممثلة التي أطلت في عام 2013 لأول مرة في مهرجان كان السينمائي كمخرجة بفيلمها \”عسل\” في قسم \”نظرة خاصة\” ويومها نالت جائزة وتنويهاً خاصاً من المسابقة الكانية وجاء في كلمة لجنة التحكيم أن الفيلم يقدم رؤية معقدة حول إشكالية القتل الرحيم، وتجسيد شكوك وعذابات امرأة شابة تساعد المرضى الميؤوس من شفائهم كي يعبروا إلى الموت، تاركة للجمهور حرية ومسؤولية اتخاذ القرار، وهو الفيلم الذي حصد 23 جائزة من مهرجانات مختلفة إلى جانب الترشح لسبع وعشرين جائزة أخرى، كما أن مخرجته نالت جائزة أحسن ممثلة في مهرجان فينيسيا السينمائي في دورته الـ 72 عن دورها بفيلم \”من أجلكم\” للمخرج جوزيبي جوادينو الذي عُرض ضمن المسابقة الرسمية لمهرجان فينيسيا.
أما أعضاء لجنة التحكيم من الرجال فإلى جانب رئيس لجنة التحكيم المخرج الإسترالي جورج ميلر تضم اللجنة الممثل الدانماركي مادز ميكيلسين، الذي حصل على جائزة السعفة الذهبية عن دوره في ثلاثية \”بوشر\”، والمخرج الفرنسي أرنود ديسبليتشن، مخرج الفيلم الرومانسي \”كريسماس تايل\”، إنتاج 2008، والفنان الكندي المخضرم دونالد سوذرلاند البالغ من العمر 80 عاما فهو من مواليد عام 1935. والمخرج المجري لازلو نمس صاحب الفيلم الرائع \”ابن ساؤل\” الذي عرض بالمسابقة الرسمية لمهرجان كان في دورته الماضية ونال أربعة جوائز هناك؛ منها جائزة لجنة التحكيم الخاصة، وجائزة الفيبريسي \”اتحاد النقاد الدولي، كما نال أوسكار أفضل فيلم ناطق باللغة الأجنبية لعام 2016 .