تغيرت كثيرا، للأحسن؟ لا ادري.. ربما للأوقع.
في الخمس سنوات الأخيرة، تحولت لحالة دائمة، فاصبحت دائمة التفكير.. دائمة الملاحظة.. دائمة الخوف.. دائمة التقدير.. دائمة البحث.. دائمة الشعور.. دائمة الهروب.. دائمة المواجهة.. دائمة التعايش.
تعلمت كثيرا…
ومازلت، دائما.. اتعلم.
فقد علمتني الثورة أن الخيال لم يتسق تماما مع واقع قط، فإما أن يتفوق عليه فيبهرنا، وإما أن يتحطم على يده، فيحبطنا.
علمتني الثورة أن الإبداع والسخرية والأمل هم سلاح الأقوى، وأن الرصاص هو سلاح المرتعش، وأن الأقوى قد يهزم، وأن الرصاص لا ينفذ، وأن الفكرة ما إن ولدت، فإنها أبدا لا تموت.
علمتني الثورة أن الأهل والأصدقاء أهم من آرائهم وتوجهاتهم أيا كانت، وأن الخوف يظهر أسوأ ما فينا، وليس أصدق ما فينا.
علمتني الثورة أن قبول الآخر كفكرة مطلقة، هي أكبر أكذوبة نسعى لتصديقها، نبحث عنها بداخلنا قبل أن تكون لنا.
وأن حب الآخر هو الخيار الأسهل، والأصدق، والأوقع.
علمتني الثورة أن العالم مكان قاس، وغير منصف بالمرة، وأن تلك هي عكس فطرتنا نحن، ولهذا نتألم.
علمتني الثورة أن النهايات لا تدرك بتلك الحياة، فنحن زائلون، والصراع دائم.
علمتني الثورة أن الحقائق لا تتغير، ولكنها توضح وتختفي عبر الأزمنة.
علمتني الثورة أن الحياة دائرتان. فلا يجب أن تدور حول العالم فقط، ولا أن يدور العالم حولك أيضا.
علمتني الثورة أن التحمل مصير، لا اختيار.
علمتني الثورة أني أضعف من ما ظننت، واقوى.
علمتني الثورة أن الأوطان تجرحنا حين تنزف.. الأوطان كلها. وليس وطني أنا وحده.
علمتني الثورة أن قلبي يتسع أن اتألم حبا للعراق، وسوريا، وليبيا، واليمن ولبنان وفلسطين ومصر، وأن خواطري تكفي لأن اكتب لهم جميعا.
علمتني الثورة أن اقدر الصراعات الإنسانية، وأن احتقر الصراعات السياسية، وأن اتفهم الآلام دون أن اعيشها، وأن احارب لأن تبقي الحدود بين البلدان، وأن تمحى بين الشعوب.
علمتني الثورة أن الشعور بالعجز، هو أصدق لحظة للإنسان مع ذاته، وأوجعها.
علمتني الثورة أن العمر يقاس بالتجارب لا بالسنوات، ففي الحياة شيخ بضحكة طفل، وطفل بعين عجوز، وقلب ينبض لمن لا يستشعر الحياة، وذكرى تحيا لمن توفاه الله.
علمتني الثورة أن الحياة تستمر في ثوبها الرمادي، غير مبالية بما نحمل لها من أبيض أو أسود.
تعلمت كثيرا، ولكن أهم ما تعلمت، هو أنني لا اعلم شيئا.. تماما.