ريم ربيع تكتب: أنا خائف

مثلى مثل الملايين، ليس لنا باع كبير فى السياسة.. كل علاقتنا بها تتوقف عند مشاهدة الأخبار، أو تصفح مواقع التواصل الاجتماعى والاكتفاء بالدعم بلايك أو التعليق، نتناول بها الأحداث من بعيد، لا نملك سوى المشاهدة والجلوس فى موقع المتفرج.

قبيل 25 يناير كانت المشاركة فى المظاهرات هو ضرب من الجنون، أو الإلقاء بالنفس إلى التهلكة، فنحن الجبناء لا نستطيع مواجهة النظام، أو الوقوف أمام سجان خوفنا، ولأننا لا نستطيع الاعتراف بالجبن، اتفقنا اتفاقا سريا على معاداة من يثبتون جبننا بشجاعتهم.

حتى جاء ما كنا نعتبرهم يوما ما مجانين، ليعطونا قبلة الحياة، ويحركون المياه الراكدة بداخلنا، ويحررونا رويدا رويدا من خوف قد سكننا لعقود طويلة، ويبثوا الحياة فى أجساد، كنا نعتبرها قد ماتت.

وانطلقنا وراء من كنا نتهمهم بالجنون.. انطلقنا ونحن نكتشف أنفسنا من جديد، ونحرر الأصوات التى لم تكن تعرف سوى الهمس، حتى لا يسمعها أحد.. انطلقت الحناجر بالهتاف وهى تحمل قائدها المجنون ونسير وراءه.

حتى عاد الوضع من جديد وتقوقعنا بداخل الخوف مرة أخرى، لكن هذه المرة الخوف أقسى وأصعب بكثير، لأننا قد ذقنا طعم الحرية قبل ذلك، فكان من الصعب العودة إليه.

لم تكن لى إلا مشاركة واحدة فى مظاهرة ضد المجلس العسكرى، وبالطبع كانت مشاركة سرية لم يعلم بها أحد.

لم اشارك بعدها لأننى جبنت.. لا استطيع الوقوف أمام النظام وكلابه.. لا استطيع مواجهة الداخلية والاعتقال والتعذيب.

اعترف أننى وملايين حولى نحن أجبن بكثير من تحمل دفعات المطالبة بحقوقنا.. لا نملك سوى الدعاء وتعاطف قلبى خفى محاط بخوف شديد لمن يحمل أصواتنا وينزل بها إلى أرض الشارع ليحارب بها النظام.. نحن ننظر إليكم بعين تحمل كل إعجاب وحسد.. أنتم تملكون شجاعة قد حرمنا منها.. خلقتم لتقودوا وتمهدوا لنا الأرض، ثم ننزل ونسير وراءكم.

اعذروا لنا خوفا يسيطر علينا، ولا نستطيع التخلص منه.. واعذروا لنا جبننا وتخاذلنا المؤقت عنكم.. يعلم الله أن النفس تشتاق لليوم الذى نلحق فيه بكم، وإلى أن ياتى هذا اليوم، لا تيأسوا، فياسكم يعنى موت هذا البلد الذى أنتم حجر الزاوية فيه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back To Top