وائل اسكندر يكتب: مين اللي خان الأرض؟ عرضنا مستمر

من مفارقات يوم #جمعة_الأرض اللي تحدى فيها مصريين كتير، الخوف من القتل والسجن، مقطع فيديو لراجل غاضب أمام نقابة الصحفيين اتهجم على أحد المتظاهرين، وبيقول على الموجودين كلهم خونة.

\”التي شيرت\” اللي لابسه عليه صورة عبد الفتاح السيسي.. على الرغم من العدد الكبير للمتظاهرين، تعاملوا مع الرجل بمنتهى الهدوء.

قرار السيسي المنفرد بالتنازل عن أراضي مصرية لصالح السعودية، اللي شارك فيه إسرائيل قبل ما يعرضه على شعب مصر، اختبار حقيقي لمؤيديه.. هل  مصلحة مصر أهم، ولا الدفاع الأعمى المستميت عن قرارات السيسي؟

وحقيقة المشهد الحالي أنه بيعكس بوضوح فشل نظام السيسي في صياغة نظام مستقر.. النزول هو ثقة من الشعب في عدم جدوى مجلس الشعب، وعدم ثقته في أجهزة الدولة، زي القضاء اللي بينظر قضية إلغاء القرار يوم 17 مايو 2016. هناك عدم اقتناع بحجج الدولة المصرية بأن الجزر سعودية، رغم محاولات إقناع الشعب أن الحكومة تعرف أكثر منك.

مؤيدو السيسي اعتنقوا فكرة الوطنية واختزلوها في فكرة التطبيل للحاكم مهما عمل، حتى لو تصرفاته ممكن تتفسر للبعض أنها خيانة عظمى. وفي اعتناقهم للوطنية خونوا كل معارضي تأييد النظام، بدون دليل أو سند أو معنى. اتهموا المعارضة بالخيانة لما شككوا في اختراع علاج الإيدز، والكبد الوبائي، وبالفعل طلع الاختراع كفتة، رغم أن التخوف كان من خيانة آمال ملايين المصريين المصابين بفيروس الكبد الوبائي.. اتهموهم بالخيانة لما شككوا في مشروع المليون وحدة اللي بالفعل ما حققش وعوده.. اتهموهم بالخيانة لما اعترضوا على التعامل الأمني البحت في سيناء وتهجير الأسر من بيوتهم، وبالفعل الحالة في سيناء بقت أسوأ.. اتهموا المشكك في مشروع تفريعة قناة السويس، اللي أنهكت موارد كثيرة بدون جدوى اقتصادية، وفي نهاية المطاف زودت أعباء اقتصادية مصر في غنى عنها.

اعترض مؤيدوا السيسي على أشخاص نادت بحقوق المصريين عن طريق تفعيل حقوق الإنسان، واتريقوا على فكرة \”حكوك الإنسان\”، وأهانوا فكرة إننا نعيش في وطن بلا تعذيب بحجة الحرب على الإرهاب، لحد ما مصر اتورطت في مقتل وتعذيب شاب إيطالي.. غلطات السياسات القمعية كلفت أبرياء كتير صحتهم وحياتهم، وهتكلف مصر كتير.

وأخيرا، زي الراجل اللي لابس \”تي شيرت\” السيسي، اتهموا الناس اللي بتدافع ضد التنازل عن أرض مصر أنهم خونة، وبكده دافعوا عن بيع بلدهم، عشان فرد ما يطلعش غلطان!

والدفاع ده ممكن يكون نابع من تشبث بإثبات أن المتظاهرين اللي كتير منهم ينارجية، مش أكثر وطنية من اللي اتنازل عن جزيرتي تيران وصنافير، ولكن ساعتها الاتهام بالخيانة هو اتهام ضمني بخيانة المملكة العربية السعودية، مش اتهام بخيانة مصر، وده شيء عجيب من ناس يدّعوا الوطنية، ونادوا بالقتل والحبس والظلم باسم الوطنية.

المشهد  في مصر سيريالي، أصبح من الصعب التعامل مع مصر بجدية، لكن حقيقة الأمر أن السيرك المنصوب مش نكتة، لأن من خلال المهزلة في ناس بتتقتل بدون وجه حق، وفي ناس بتختفي، وناس بتتعذب، وحقوق ضاعت، وأراضي ممكن تضيع.

نزول كثير من المصريين، اللي تجاهلهم الإعلام \”الوطني\”، تعبيرعن كرامتهم وعرضهم، والعرض هنا مش بس الأرض، لكنه حقنا كمصريين أننا نعيش بكرامة بدون انتهاكات من الداخلية على جسدنا وحقوقنا، وبدون التعدي على حقنا في حريتنا وبلدنا، وإحساسنا بصيانة عرضنا مستمر، ومش هنفرط فيه.

أما مدّعي الوطنية فعرضهم بمعنى \”شو\” أو مسرحية، بيمثلوا فيه حب الوطن بدون صيانة مواطنيه ولا حتى أراضية.

نكسة 67 ما كانتش حرب حقيقية، لأن كثيرا بيقولوا إننا ما حاربناش أصلا، والثمن كان سيناء، وفضلنا نحارب عشان ترجع.. النهاردة هنفضل نحارب عشان أرضنا، ولكن للأسف في الوقت الحالي مش بنحارب عدو خارجي، بنحارب اللي مننا.

الحق والحقيقة والعدالة.. هو ده ملخص كل القضايا، وطول ما الحق والحقيقة والعدل غايبين.. عرضنا مستمر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back To Top