أنا بحب أغاني عمرو دياب.. بس بشكل مختلف.. أول شريط جبته في حياتي كان \”ميال\”، وأنا عندي 9 سنين، وفاكر لما أمي إدتني الـ3 جنيه، ومكنتش مصدق، وخدتها جري من بيتنا لحد خردوات عادل في شارع الجيش اللي ارتبطنا بيه، والزحمة اللي عنده يوم صدور ألبومات التسعينيات زي زحمة جمعيات الفراخ واللحمة.. فضلت مشغل شريط ميال لحد ما بوظت هيد الكاسيت الناشونال الأسود في فضي.. أعجوبة عصره في كل بيت مصري، ولما زرار الترجيع تقل، بقيت برجع الشريط على قلم جاف فرنساوي أبيض أبو غطا أزرق، كان دايما محطوط جنب الكاسيت للمهام العاجلة لتظبيط المزاج.. فضلت ألبومات عمرو تأرخ لحالتي المزاجية.. أول إعجاب.. أول بوسة.. أول تنفيضة.. أول مصيبة.. أكبر حزن لحظتها.. المراهقه بكل ما فيها من براءة اكتشاف الأشياء والمشاعر.. كل ألبوم كان لازم يبقى فيه أغنيتين تلاتة مفضلين.. أغنيهم مع صحاب في معسكرات أو رحلات، وإحنا نايمين على الرمل بنعد النجوم.. كان دايما صحابي يطلبوا مني أغني، مع إني شايف صوتي مش حلو.. بس الغريب إنه في أغاني معينة بتبقى حلوة بجد.. مفيش حد غنيت له أغنية.. \”هاقدر ابعد أد إيه\” اللي مانزلتش في ألبوم رسمي لعمرو حتى الآن إلا وطلب إني اعيدها، وأنا بحبها بشكل شخصي وبدندنها كل أما ابقى دابب خناقة مع حبيبتي وأم عيالي، وعلى وشك نخرب البيت ونطربقها.. وبعدين استهدى بالله واشغلها أغنيه لعمرو عن الفراق وكده.. وبعدين تضحك لما اشغل أغنية \”ضحكت يعني قلبها مال\” اللي وأنا باخطبها قولتها سالتك وضحكتي، وعمرو قال يبقى قلبها مال.. نقول مبروك؟
لما دخلت الجيش كان معايا عسكري زميلي اسمه محمد شرابية.. ده كان مجنون عمرون وكان بيقعد يحكي لي عن عمرو دياب، وإنه يعرفه، وإن كل البودي جاردات اللي مع عمرو في الحفلات ولاد حتته، وإنه ياما قعد مع عمرو، أنا ماكنتش مصدقه، بس هو اثبت لي ده، وحكى لي عن تفاصيل أعمال خير بيعملها عمرو من غير بروباجندا، وكان بيقولي أنا بحب عمرو أكتر من ابويا، وكان بيعنيها بس أنا بحب فنه في المقام الأول، اما مواقفه فيؤخذ ويرد عليها كتير، خصوصا آخر كام سنة.
بحب أغاني كتير لعمرو، لكن مثلا أكتر حاجة بحبها هي أغنية \”خليك معايا\” الأصلية، مش بالكلمات اللي نزلت، لأن الكلمات الأصلية أقوى وأحلى وأعلى، خصوصا لما غناها في حفلة بالميديا سيتي في دبي سنة 2010، وكنت حاضرها.. الوحيد اللي حضرت له حفلات في دبي هو عمرو.. كانت حفلاته السنوية في دبي بالنسبة لي كأني سافرت مصر ورجعت.. وتحولت أغانيه الميدلي القديمة اللي بيغنيها في الحفلات من بعد 2005 زي الجبنة الرومي المعتقة.. كل ما تقدم تحلو.. تنسى نفسك وتتنطط مع أغاني سنين المراهقه من جديد وأنت خلاص بتلمس في التلاتين.
في مرة اتجننت وأنا خاطب حبيبتي، وكنت في حفلة لعمرو، ونفسي كانت تبقى معايا.. روحت متصل بيها دولي من 8 سنين، قبل الفايبر والفيسبوك ماسنجر.. سمعتها كام أغنيه لايف، واتظبطت آخر الشهر في الفاتورة، بس سابت في قلبك ذكريات محفورة بتهون عليك أي كعبلة في مشوار حياة أي اتنين متجوزين، وأنت مودك أغنية \”واهي مرة وعدت وخلاص\”.
أهم ما كنت بحبه في حفلات لايف عمرو، إن في الحفلات بتسمع وتستنى القفلات بتاعة الأغنية اللي عمرها ما بتنزل أو تتقال في استديوهات.. قفلة \”تملي معاك\”، و\”بعد الليالي\” -خصوصا- كنت بانزلهم من حفلات معينة واسمعهم إم بي ثري.. تلات أربع قفلات كل قفلة 20 ثانية كانوا كافيين يعملوا دماغ طرب بالليل في \”إزاي يهون علييييك… إزاي يهوووووون علييييك.. ياااااا ياااااا ياااااااااا حبيييييييبييييي\”.
القفلات وبروفات الأغاني اللي ماتزلتش، كانت دايما تراكاتي المفضلة جنب مجموعة من الأغاني دايما معايا كل ألبوم بيتضاف على الليستة. أغنية أو اتنين بالكتير بالعافية من ألبوماته الأخيرة.
طبعا \”رصيف نمرة خمسة\” و\”زرياب\” و\”هاتمرد ع الوضع الحالي\” و\”أنا حر\” ليهم وضع خاص جنب الحتة الشمال، برة منطقة الأحاسيس المرهفة للحبيبة في حبهم وعشقهم وفراقهم وخصامهم ووجعهم، اللي كلها عمرو وصل لخلطتها بذكاء.. نفس الذكاء اللي خلاه يفهم من بدري إنه لو مابطلش سجاير وأشياء اخرى وهو في التلاتينات، فمش هايحقق حلمه بتاع النهاردة إنه يبقى عنده 56 سنة، ولازال مطرب الشباب الأفضل لخمسة أجيال مضروبة في الخلاط، قلوبها معاه.
بكتب الكلمتين وأنا مبسوط، وبسمع أغنيته الجديدة \”عكس بعض\”، بعد ما اتخنقت من الاستسهال فى تنفيذ أغنية مكررة اسمها \”عايزنا نرجع زى زمان\”، أينعم افتكرت \”عكس بعض\” أغنية Skyfall ( (adel.. في الأول نفس الدخلة.. بس اللحن والكلمات والتوزيع وأداء عمرو بيقول إن البير لسه مانشفش، ومرة تانية وعاشرة الاتقان والاجتهاد هو اللى بيخللى شوارع القاهرة والعواصم العربية فجأة كل العربيات ماشية مشغلة نفس المزيكا، والمحلات والمطاعم مبتبطلهاش، وإن الصيف اللي بيبقى فيه ألبوم لعمرو، بيبقى غير الصيف اللي من غير، وكورنيش إسكندرية بيبقى حاجة تانية، ومصيف الساحل بيبقى مختلف، يمكن يكفر عن الجريمة اللي ارتكبها في أغنية \”القاهرة\”، ويرجع تاني يصور بين حديد كوبري بولاق أبو العلا في أغنية \”سافر عند القمر\”، ويخللي الناس كلها تتلخبط بين القاهرة وأوروبا بجد مش تمثيل.
إحنا الجيل اللي بيسرق من وسط الحرب لحظة يفكر نفسه بحبه وانتصاره للحياة.. الجيل اللي فيه عسكري واقف خدمة في سيناء دلوقتي، وصوت السماعة الواطي في ودنه بيقول \”وهي عاملة إيه دلوقت\”، ويلضمها في \”بعد الليالي\” اللي فاضل له على أكل الجراية الناشفة.. في الوقت اللي أمه ذات الأربعين ربيعا بقلب مخطوف، بتسمع أي حاجة تييجي من ريحة الحبايب.. وأخوه الصغير في أوضته بيذاكر وهو حاطط فوارغ الغاز والخرطوش على مكتبه، وبيسمع، و\”من تاني أكيد راجعين\”.