\”محاكمة الخيال\” تعبير ظهر مع محاكمة أحمد ناجي الأولى، ويعني أن الخيال لا يحاكم، ويا لهول هذا الأمر!
فبغض النظر عن معاملة الرواية أو النص الأدبي بوصفها خيالا أم لا، إن كانت محاكمة ما يسمى الخيال ضربًا من ضروب العبث، فماذا عن الواقع؟ ربما تكون محاكمة الواقع هي أيضًا من ضروب العبث بل والجنون أحيانًا، خاصة إذا كان المقصود الواقع المصري الحالي.
يخرج بعضهم علينا بتضامن مشروط \”متضامن مع ناجي رغم اختلافي معه“. اللعنة على اختلافك، بل وعليك أنت. هذا هو الواقع. الناطق بمثل هذه الجملة في الحقيقة أحط ممن سجنوا ناجي ومن يهللون لسجنه. هؤلاء لا يستحقون إلا الإهانة المستمرة الخالية من أي نقاش أو منطق. لا تحاول أبدًا أن تشرح لهم غياب أية علاقة بين الاختلاف والتضامن. لا تقل لهم \”إما أن تتضامن أو لا تتضامن“. عُبّاد الصواب هؤلاء هم ورثة الفاشيين، حفنة أوقيتهم الذكرية وحفاضات حيضهم.
دعونا نتوقف ولو للحظة عند الخطاب الدفاعي المبرر الشارح التوعوي البغيض من جانب بعض المتضامنين مع أحمد ناجي، دعونا حتى نتخلى عن أنفسنا الغارقة في وساوس الانخراط في كل شيء ولاشيء. محاكمة وسجن أحمد ناجي واقع لا يصح معه الدهشة ولا التهكم، وما دعوات التضامن بالشكل القائم حاليًا إلا أداة عجزنا المدقع. هذا الواقع حيث تتمدد الماكينة الحاكمة، مغلقة أية مساحة وكل فضاء ممكن، حيث تمعن في هرس البشر بين تروسها. هذا الواقع الممتد يغطي فيه المارة جثة قتيل حادث تصادم بورق الجرائد، يتوسل فيه أب لربه على شاشات التلفاز كي لا يترك العساكر يسجنون ولده، ذا الأربع سنوات، بينما تتأكل عظام قدم معتقل قاصر ارتدى يوما قميص \”وطن بلا تعذيب“. وطن بلا تعذيب.. محاكمة التمني؟
في العقود اﻷربعة اﻷخيرة من القرن العشرين، وُلدت مدرسة فلسفية ترى أن وظيفة الفلسفة الأساسية والوحيدة هي خلق المفاهيم. نشأت هذه المدرسة في فرنسا على يد جيل دولوز الذي اشترك لاحقًا مع فيليكس جواتاري في كتابة عمليهما الأهم، كتاب \”ما هي الفلسفة\”، ومن قبله \”الانفصام والرأسمالية\” بجزئيه: \”ضد أوديب\” و\”ألف مسطح\”. سُميت فلسفة دولوز بـ\”الفلسفة العملية\” أو \”المادية الإمبريقية“. يتجه دولوز وجواتاري في \”ألف مسطح\” لطرح مفهوم جديد عن الدولة، فيريانها كأفهومة أوسع من فكرة الدولة كمكان، أي الدولة الوطنية وغيرها من أنواع الدولة كما تراها العلوم السياسية، بل تكون الدولة مفهومًا واسعًا ومشتركًا بين أنواع الدول المختلفة، سواء كانت دكتاتورية أو شمولية أو دول تنتمي للديمقراطية الغربية. طبقًا لدولوز وجواتاري فإن الدولة هي ماكينة اجتماعية/سياسية/ثقافية/ اقتصادية/جغرافية، يعتمد وجودها في ذاته على عدم السماح بما هو خارجها: آخرها. بناء الدولة رأسي يتسم بترسيم الحدود وتخطيط المساحات. الدولة هي ماكينة التحكم والتقسيم/إعادة التقسيم (Territorialisation and Reterritorialsation). أما في حالة الواقع الشمولي الديكتاتوري المصري، فالتحكم والتقسيم والترسيم وتخطيط المساحات يحدث عن طريق القمع بشكل عام (القوة المادية للدولة المتمثلة في الشرطة والجيش) وتتشعب أنواع هذا القمع: سياسي، جغرافي، قانوني، ثقافي، اقتصادي، قيمي أخلاقي
عرفي ديني. ماكينة الدولة في مصر حاليًا ترسم الحدود وتقسم المساحات Territorialises فقط، أي أن الدولة لا تسمح لآخرها حتى بالوجود المجرد، غير آبهة حتى بالامتصاص وإعادة التقسيم والتوظيف.
سياسيًا لا توجد حتى معارضة كرتونية على طريقة مبارك من شأنها إيجاد حالة وهمية من التعددية غير الخارجة عن ثوب الدولة. أية محاولة للمعارضة، بل والاختلاف حاليًا، تُستأصل من جذورها ويُمارس عليها القمع، وصولًا للقتل الجسدي الذي صار سائغًا مباحًا بشكل إحصائي شبه عادي. قيميًا ودينيًا، أحيل الأمر للأزهر والكنيسة بشكل رسمي قاطع، وما هو خارجهما أيضًا يُستأصل ويقمع بشكل مباشر. اقتصاديًا، انحصرت دوائر رأس المال ما بين المؤسسة العسكرية وبعض تايكونات الفساد المالي والصناعي، إلا أن توغل المؤسسة العسكرية بالشكل التي شهدته السنوات الثلاثة الماضية غير مسبوق. قانونيًا/تشريعيًا، فكما نرى، لا يوجد حاليًا من هو خارج عقيدة السلطة المفسرة للقانون إلا القلائل. أما ثقافيًا فالدولة تحاول إعادة خلق فئة ما تعبر عنها ثقافيًا، إلا أنها فاشلة تمامًا نظرًا لانهيار الأجهزة البيروقراطية المعهودة القائمة على الثقافة من ناحية \”وزارة الثقافة\”، \”المسرح القومي\”، \”الإنتاج السينمائي الرسمي\”.. إلخ. ونظرًا للطبيعة الركيكة للفئة الممثلة للسلطة حاليًا من كتاب، ممثلين، موسيقيين الخ، فبعد وفاة الكثيرين ممن نسميهم \”يساريين دولتيين\” وغيرهم، ممن كانوا يمتلكون القدرة على الإبداع ولو حتى نظريًا، لا تمتلك الدولة الآن عرابين لها يتمتعون بثقل ما.
هنا نجد ماكينة الدولة معنية، وبشكل هيستيري، بغلق أي مساحة ثقافية بديلة خارجة عن سيطرتها، مثل الـ\”تاون هاوس\”، و\”روابط\”، ومن قبلهما منع احتفالية \”الفن ميدان\” على سبيل المثال.
وهنا نعود لقضية ناجي، كما أسلفت فإن الدولة هي ماكينة تحكم متشعبة لا تتمثل فقط في النظام الحاكم الرسمي وأجهزته، بل أيضًا في الدوائر الاجتماعية المتناصة ببنية قيمها، مع ما تمثله السلطة الحالية في رؤيتها لمعنى وتطبيق تلك القيم. وبما أن أي مساحة تحاول أن تكون خارج التكوين الرأسي لماكينة الدولة، وما ترسخه تلك الماكينة من أنماط محددة فيما يخص الفن والإبداع، تقابل بالغلق أو الاستئصال، وبما أن رواية أحمد ناجي \”استخدام الحياة\” تمثل خطا مغايرًا ومنفلتًا (line of flight) عن المساحات المقسمة المُرسّمة، وهذا من وجهة نظر ماكينة الدولة، فما كان من اﻷخيرة، المتمثلة في الفرد المخدوش، وفي النيابة نصيرة المخدوشين، إلا أن تنقض قاطعة هذا الخط، فكما يذكر دولوز وجواتاري، بجانب خاصية ماكينة الدولة في التحكم والغلق، هي أيضا وبالأساس ماكينة أسر لأي خط مغاير منفلت، إما أن تعيد توظيفه بما يناسبها ويفيدها وإما أن تقطعه تمامًا، وهو ما يحدث حاليًا في مصر وقضية أحمد ناجي هي أحد الأمثلة على ذلك.
ناجي، كغيره من الكتاب والفنانين والمبدعين، في أماكن عدة وحقب زمنية مختلفة، سلبته السلطة حريته، إلا أن المحاكمات هي دائمًا الحلقة الأخيرة في سلسلة كثيرة الحلقات. والسلطة هنا كما ذكرت، ليست بالضرورة نظامًا حاكمًا. فمَن وراء سجن ناجي هو ما يسمى بـ\”المجتمع المصري“، وسأستخدم تعبير \”المجتمع\” هنا تجاوزًا لما أعتقد فيما يخص المصطلح ككل مجمل. هذا المجتمع صار كيانًا مفلسًا من كل شئ، ولكنه لا يزال متعلقًا في ثوب رب واحد أحد فرد صمد اسمه الأخلاق، وهذا الرب هو عنوان المأساة. في أغلب النقاشات يتعامل المتناقشون مع لفظ الأخلاق، (وأنا هنا لست معنيًا لا بالسلطويين، ولا بغيرهم من مريدي السيسي) كمعنى إيجابي، فالأخلاق من وجهة نظرهم مرادف للصحيح والنبيل والجيد والملائم. أناس يقدمون أنفسهم كمثقفين/مفكرين/محللين لا تصل أناملهم لما هو أبعد من قراءات جهولة ثقافوية سطحية، بينما الأخلاق طبقا لفريدريك نيتشه ما هي إلا صناعة تاريخية لمفهوم ما من قِبَل الأقوى والمسيطر. في كتابه \”عن جينالوجيا الأخلاق\” يطرح نيتشه قراءة تاريخية للأخلاق كمنتج مرادف للكيان الأرستقراطي، أي أن \”الجيد\” كنقيض لـ\”السيئ\” هو ما يصف الأرستقراطي به ذاته، وبما أن الأرستقراطي في التاريخ الأوروبي هو السيد المسيطر القوي، فاختراعه لفكرة الأخلاق ما هو إلا فرض من جانب القوي لسيطرته على الآخر الضعيف، وأما الضعيف فله أيضًا أخلاقه، \”أخلاق العبد“.
يكمن الأمر في فكرة الثنائيات، فبينما هناك ثنائية الجيد والسيئ، المستمدة من الحقبة الرومانية، الضاربة بجذورها في جميع الحضارات القديمة، أتت الديانات الإبراهيمية بثنائية الخير والشر. إن الادعاء القائل بأن علاقة الثنائيتين تتسم بالتضاد أو التغيير العكسي، ينم عن سذاجة صارخة. فثنائية الخير والشر الإبراهيمية استعارت من سالفتها، ففككت ما فككت وعكست ما عكست وأبقت على البعض حيث مكانه. لم تتحول طبقات المستضعفين بأكملها إلى طبقات قوة، وسلوكيات النبلاء الحاكمين لم تنتف بجملتها، إلى آخره من تفصيلات. وما طرأ على ثنائية الخير والشر هي صبغة القداسة، فتشبعت الأخلاق بما زادها قوة وإحكامًا. الفرد الخيِّر ذو خلق، والشرير عديم الخلق.
يبدو الأمر وكأن مفهوم الأخلاق كما يراه نيتشه لا يصلح إلا في السياق الأوروبي المسيحي، لكن إذا كلفنا أنفسنا عناء التفكير والمراجعة التاريخية لن نجد فرقًا بين السياق الأوروبي والمسيحي وغيره، فيما يخص مفهوم الأخلاق من المنطلق النيتشوي المادي. ولنحل القارئ هنا لذات الإشكالية في التراث العربي، ففي الرسالة الثالثة عشر للجاحظ \”كتاب مفاخرة الجواري والغلمان\” يهاجم الكاتب المتسلحين بسيف الأخلاق من طبقة العلماء والمتصوفة وامتعاضهم من ذكر وكتابة ألفاظ الجنس فيقول:
\”وبعض من يظهر النسك والتقشف إذا ذُكر الحر والأير والنيك تقزز وانقبض. وأكثر من تجده كذلك فإنما هو رجل ليس معه من المعرفة والكرم، والنبل والوقار، إلا بقدر هذا التصنع“.
وبعد أن يذكر الجاحظ أمثلة عدة على استخدام تلك الألفاظ حتى من قبل نبي الإسلام وصحابته، يواصل قائلًا:
\”وإنما وضعت هذه الألفاظ ليستخدمها أهل اللغة، ولو كان الرأي ألا يُلفظ بها ما كان لأول كونها معنى“.
أما من هو مهتم باللغة فلينظر إلى التعبير العامي المصري \”خُلقي/ما تتخلقش عليا\”، ليجد لمحة ما من استخدام سلبي لمشتق من مشتقات الخُلُق/الخُلْق، يعني العصبية ومحاولة التحكم، وهو ما يرجعنا للمفهوم النيتشوي الذي يربط الأخلاق بالفئة القوية المسيطرة. كل ما سبق أدركه أيضًا ناجي عندما تكلم، في أكثر من مناسبة، عن ممارسة الرقابة والحذف والتنقية والمنع، من قِبَل الأرستقراطية والبرجوازية المصريتين في القرن التاسع عشر، لتراث كامل من الأدب والنصوص العربية، التي تتعامل مع الجنس بمسمياته اللغوية الصريحة، كما فعل من قبله الجاحظ وآخرون تحدثوا، ويا للأسف، فيما هو بديهي.
أما إن عدنا لمفهوم الأخلاق، فسنجد إشكالية كبرى، وهي الفرق بين الأخلاقيات Ethics والأخلاق Morality. هذا الفرق الجذري طرحه جيل دولوز كثيرًا في أعماله معتمدًا ومطورًا لطرح نيتشه، ومن قبله سبينوزا، لسؤال الأخلاق. بالنسبة لدولوز فإن مفردة الأخلاق تُعرِّف أي مجموعة من القواعد المقيدة مثل العقد أو الكود الأخلاقي، والذي من شأنهم الحكم على الأفعال والنوايا عن طريق ربطهم بقيم مجردة ذات دلالة متجاوزة، أما الأخلاقيات فهي مجموعة من القواعد الاختيارية الطوعية والتي من شأنها أن تُقيم ما نفعله، نقوله ونفكر فيه طبقًا لنمط الوجود المحايث immanent mode of existence (يؤكد دولوز في مشروعه الفلسفي على فكرة المحايثة، أي حضور الشيء في ذاته، حيث لا وجود للمفارقة: لا يوجد سبب أو مبدأ ما خارج العالم، وأن الحياة هي عملية إنتاجية داخلية) الذي تطبقه تلك الأفعال والتعبيرات والأفكار. بمعنى آخر، فإن الأخلاقيات لا تطرح سؤال: \”ماذا يجب علي فعله\”؟ والذي هو سؤال الأخلاق، إنما: \”ماذا أستطيع أن أفعل؟ كيف أتمكن من التملك الفعال لقوتي؟ كيف أصل إلى أقصى حدود ما أستطيع فعله\”؟ باختصار، الأخلاق معنية بالحكم والتقييد، وهي إحدى صفات ماكينة الدولة، أما الأخلاقيات فهي معنية بالتقييم الإرادي الاختياري الذاتي، بخلق الممكن وبحث الإمكانية.
الخطاب السائد، ويُفترض أنه يتصدى لحبس أحمد ناجي، يستخدم تعبير \”محاكمة الخيال\” في إقرار ضمني أن اللا أخلاق لا يمكنها التواجد إلا في العالم الخيالي، وغير مسموح لها بالتسرب خارجه. أي أننا نود ترسيخ عملية الحكم المقيد القمعي على الأفعال والأقوال والأفكار، باستثناء إن كانت تلك الأفعال نتاج الخيال. وبالتالي إن جلست مع صديقك على مقهى ما، وانخرطتما في حوار عن رغباتكما الجنسية مثلًا ورسمتما سيناريو خياليًا عما يجب أن يكون عليه الأمر، فأنت معرض للمحاكمة والسجن، حيث أن أحد الجالسين على الطاولات المجاورة، ربما لن يعجبه ما قد سمع منكما، ومن المنطقي هنا أن يصرخ أحدهم قائلًا إن \”مثل هذا الخيال مكانه الغرف المغلقة\” أو \”احتفظ بخيالك لنفسك“. وماذا إذن عن كتابة المقالة؟ ماذا لو خدشت حياء أحدهم الآن في هذه المقالة وقد فعلت؟ بأي شعار سوف تتضامنون معي إن سُجنت أو مُنعت؟ محاكمة ماذا؟
السلطة لا تلام ولا يُمنطق خطابها ولا تُستخدم مفرداتها. السلطة تُهاجم وتُحارب ويُدحض خطابها عن طريق استخدام مفردات مغايرة. توقفوا عن ذكر الحياء ووضع مقارنات بالية بين نص ناجي وممارسات السلطة ومحبيها، توقفوا عن تبرير وجود النص بوصفه بالخيال، توقفوا عن بث صفات ونعوت لنص ناجي، ولو دفاعًا عنه، من نوعية \”رواية تجريبية\”، وما إلى ذلك من هراء. إن هذا الخطاب ما هو إلا جريمة تواطؤ أخرى، تضاف إلى جريمة حبس أحمد ناجي. الأمر واضح وغير قابل للتأويل: هناك نص قد نشر وعوقب صاحبه على كتابته، والناشر على نشره إياه. وكما تُعلمنا العلوم الإنسانية فإن كل شيء نص. أحمد ناجي حوكم على تعبيره، وهنا تتضاءل أهمية البحث عن دوافع من أبلغ عنه وأقام عليه الدعوة. من فعل هذا فعله لأنه يستطيع، ومن حكم على ناجي حكم عليه أيضًا لأنه يستطيع. حُكم منذ أيام على قاصرين مسيحيين بتهمة ازدراء الأديان، أو ازدراء الإسلام بمعنى أصح، ومن قبل حُكم على شاب لكونه ملحدًا وآخر لإهانة الذات الرئاسية، والآتي أبشع وأقذر. كل هؤلاء حوكموا على ممارسة حق التعبير. الأمر بديهي جدًا إلا أننا أدمنا النقاش في البديهيات.
لا تزال قراءتنا للنصوص باختلاف أنواعها قراءات انطباعية، قائمة على البعد الشخصي لمنتِج النص، ونواياه في إنتاج المعنى، وهو أحد أسباب مأساة الخطاب المدافع التبريري المساند لأحمد ناجي. لا زلنا لا نملك سوى تحليلات ونقاشات لا ترقى حتى إلى أن تكون ثقافوية، مما ينتج تيارًا معاديًا، وبضراوة، للفكر بشكل عام، وللفكر المادي بشكل خاص، حتى صار التنظير سبة.
في حديثنا الغاضب عن قضية أحمد ناجي، تحين لنا فرصة مراجعة خطابنا الذي أثبت فشله آلاف المرات، بل من الممكن أن ننساه تماما ونتجه إلى إنتاج خطاب جديد، بل وتيار جديد يستثمر ما حدث ويحدث في مصر خلال الخمس سنوات الفائتة، في محاولة لفهم وتشريح الواقع الآني بمنهج مادي، لعلنا في يوم ما نقدم منتجًا فكريًا يتناسب مع ما يحدث في العالم من تغيير وخلخلة.
من يريد التضامن مع حق التعبير في العموم، ومع أحمد ناجي بشكل خاص، عليه أن يطرح على نفسه هذا السؤال أولًا: هل أنا أخلاقي؟