حبس الصحفي والروائي أحمد ناجي، ما هو إلا صورة من صور إنعكاس إشعاع الرجل الكبير على أشلاء دولته.
في مقال قرأته على موقع المصري اليوم بتاريخ 11 فبراير 2016، كتب د. عمار علي حسن بعنوان \”حتى لا يغرق مركب السيسي\” ما نصه:
\”وأنا فى هذا المقام إن برهنت على وجهة نظرى بالسياسة، فلن تقنع الرئيس لأنه يعتبر السياسة مضيعة للوقت، وإن برهنت بالثقافة، فلن يلتفت لأنه يعتبرها رطانة، بدليل أنه قد مضى معرضان للكتاب فى عهده ولم يفتتحهما ويجلس مع المثقفين ينصت إليهم، وإن برهنت بالاقتصاد سيرد سريعاً المعلومات لدينا وليست لدى أى أحد آخر، ناهيك عن احتكار التصور حول الأمن القومى ومصلحة البلد. من هنا ليس أمامى سوى البرهنة بالدين، وهو الباب الأسهل فى إقناع رئيس يراوح، حسب وصف المقربين منه، بين سلفية معتدلة وصوفية عارضة. ولعل الرئيس دفعنى إلى اتباع هذا النهج من البرهان، رغم اختلافى معه، حين اعتبر ما هو فيه الآن «ملك» أعطاه له الله، وذلك فى خطابه الأخير بمناسبة المولد النبوى الشريف\”.
الإقتباس فيه أكثر من نقطة ملفتة جدا، لكن ما يهمني مسألة الملك الذي أعطاه الله له، شُددت من قفايا عنوة لزمن الخليفة الثالث للنبي محمد، عثمان بن عفان، عندما ثار عليه الناس وطالبوه بالرحيل، رد بنفس المنطق تماماً؛ فقُتل وصارت الفتنة الصغرى كبرى، وبرز شيعة وسنة وخوارج وأنياب ملك عضوض كما هو مروي في تراث أهل السنة والجماعة نفسه.
الرجل مُخلص لسلفيته المعتدلة بمسحتها الصوفية الآتية من الجمالية، وناجي في هذا الإطار \”قليل الأدب\”، مثله مثل مسلسلات رمضان، وقد صرح سيادة الرئيس بقيوميته الأخلاقية على الرعية في أكثر من مناسبة، وفي الأشلاء كل الأجهزة والمؤسسات تقريبا تنفيذية تنحاز للملك الذي سربله الله إياه، فتطعن النيابة بعد حُكم الدرجة الأولى بالبراءة.. لا غرابة أبداً عندي في حكم الحبس، الصراحة ما استغربته هو حكم البراءة وحيثياته!
عندما يعطيك الله الملك برؤية في المنام، يصير تفويض الناس لك أو انتخابهم، ما هو إلا إشارات تؤكد ما استقر في يقينك، واليقين قرين الإيمان، والإيمان قرين الحق، والحق قرين التصلب والتمسك به، يجعلك ترى في كل نذير خطر -مهما كان كارثيا- خيرا مستترا، قطعا سيدعم أسس وقواعد ملكك بما خفي عليك من ألطاف الحكمة الإلهية، وبالتالي يصير وصفك لذاتك المتصلة بملكوت العلي \”أنا عذاب ومعاناة\” ما هو إلا رحمة ولطف لا يدرك أمثالنا حكمته وبعد نظره الذي رشق لعام 2063.
وبناءً عليه، فحبس ناجي وسحل غيره، وقتل غيرهما، ما هو إلا تجسيد لقصة الخضر مع موسى، لكننا لا نستطيع معه صبرا، فالمسألة كلها خارج نطاق الإطار البشري العادي الساند على مبادئ عقلانية مستقرة نوعا ما، من عينة الحفاظ على الدستور والقانون.. حرية الرأي والتعبير والنشر بكافة الوسائل المكتوبة والمرئية والمسموعة.. الديموقراطية.. تداول السلطة، وتحقيق العدالة، وغيره وغيره.. المهم أن نحسن استقبال المنقذ وننقاد لإشعاعه كما تنقاد آشلاء الدولة.. وقل هاتوا برهانكم، وهذا برهاني بحقك سيادة الرئيس.
يُنشر هذا المحتوى في إطار حملة مشتركة بين مواقع \”زائد 18\”، و\”مدى مصر\”، و\”قل\”،و \”زحمة\”. للتضامن مع الروائي أحمد ناجي.