أشرف صلاح يكتب: عن أوبر والرأسمالية واليد الخفية

(1)

\”أوبر\” شركة أمريكية تعمل فى أكثر من (68) دولة حول العالم، تأسست منذ خمس سنوات فقط.

\”أوبر\” -طبقا لما تعلن عنه- خدمة توصيل خاصة تتصف بالسهولة والراحة والأمان, تعتمد على \”تطبيق إلكترونى وسائق \”مؤدب\” و\”مهذب\”، وسيارة متطورة وحديثة، ودائما \”نظيفة\” و\”مريحة\” لحل أزمة المواصلات العامة.

بضغطة واحدة, تصل إليك سيارة خاصة فى المكان المحدد، لتبدأ رحلتك اليومية بسعر \”منافس\” وأقل من التكلفة المدفوعة للتاكسي العادى، ومتوفر (24) ساعة، والدفع يكون من خلال البطاقات الائتمانية.

(2)

\”السمك الكفء السريع يأكل السمك الأقل كفاءة وسرعة\”

(طارق حجى)

تعتبر \”المنافسة\” أحد الأركان الرئيسية للـ \”الرأسمالية\”، والمنافسة تعتمد على وجود \”صراع\” البقاء فيه للأقوى, والأقوى هو من يملك مقومات     و\”أسباب\” هذه القوة باختلاف كل عصر.

يقوم أساس الاقتصاد الرأسمالى على العرض والطلب, ومن خلال هذه الآلية تجدد المنتجات والخدمات نفسها وتتحدد الأسعار دون تدخل بشرى, إذا انخفض الطلب وزاد العرض ينخفض السعر آليا والعكس صحيح, تندثر منتجات وتختفى شركات إذا ما قل الطلب على ما تقدمه من منتجات أو خدمات.

اليد الخفية – كما اسماها آدم سميث- تلعب دورها فى تحقيق مصالح المجتمع من خلال تحقيق مصالح الأفراد, فإذا ما – اتاحت الدولة –  للأفراد تحقيق مصالحهم الفردية والذاتية، تتحقق مصلحة المجتمع بالتبعية.

(3)

مهنة \”السائق\” أو \”سائق التاكسى\” تحديدا، مثلها مثل مهن كثيرة فى مصر، اصبحت \”مهنة من لا مهنة له\” كنتيجة طبيعية لانخفاض فرص العمل.

(نحن نحتج على شركتى كريم و\”أوبر\”، لإنهما يشغلان السيارة الملاكى على أنها تاكسى، وهذا مخالف قانونا، لأنها عربات ملاكى، وليست أجرة، وهذا يؤثر سلبا على حقوق سائقى السيارات التاكسى, هذه المطالب حق لنا)

 بيان سائقى التاكسى \”الأبيض\” فى وقفتهم الاحتجاجية ضد شركة \”أوبر\”

المشكلة الحقيقية فى \”عدم التأهيل\” و\”عدم التدريب\” على مبادئ وأساسيات أى مهنة, والنتاج الطبيعى لذلك أننا أصبحنا نعانى من افتقاد معايير الكفاءة والدقة والمهارة فى معظم المهن تقريبا، إلا قلة نادرة, هذا الانحدار المهنى هو ما أدى إلى نجاح شركة \”أوبر\”، وتحول الناس إليها نتيجة للمعاناة فى استخدام خدمة التاكسى العادى، بما يمكن معه القول بأن نجاح \”أوبر\” كان سببا أو نتيجة لانحدار خدمة التوصيل عن طريق التاكسى فى مصر، خاصة أن الفرق فى التكلفة يمكن تحمله.

الأزمة الحقيقية أن عدد سائقى التاكسى يصل إلى (40 ألف) لديهم التزامات عائلية، مما قد يؤدى إلى آثار مجتمعية فيما إذا زاد انضمام شرائح جديدة من مستخدمى \”أوبر\”، وانخفضت بالتبعية شريحة مستخدمى التاكسى العادى.

(4)

ما هو دور الدولة فى الاقتصاد؟

الفكر الذى يسود العالم الآن هو الفكر الرأسمالى, على الرغم مما تعرض له من أزمات, قد يكون عدم وجود البديل بعد فشل الاشتراكية فى التطبيق العملى سببا فى سيادة الفكر الاقتصادى الرأسمالى، ولكن هل مع الرأسمالية لا يكون للدولة دور فى النشاط الاقتصادي؟

الدولة –فى الفكر الرأسمالى– لا تتدخل مباشرة فى النشاط الاقتصادى, الدولة تعمل على توفير الشروط والظروف المناسبة لقيام \”الأفراد\” بالنشاط الاقتصادى من خلال توفير التشريعات القانونية الحاكمة وتوفير نظام نقدى ومالى سليم ومستقر وعملة قوية ومستقرة.

الدولة فى السوق الحر لا تترك الأمور دون ضابط أو رابط، وإنما تضع القواعد والضوابط التى يتم من خلالها النشاط الاقنصادى.

إذن حتى يكون هناك تطبيق حقيقى  للاقتصاد الرأسمالى بآلياته وقوانينه، فلابد من وجود دولة قوية تساند هذا النظام وتدعمه وتقلل من سلبياته، بل وتزيد أيضا من إيجابياته.

(5)

ما الحل إذن؟

الصراع محسوم دون شك لصالح \”أوبر\”، سوف تنتصر الجودة وكفاءة الإدارة والرقابة والمتابعة فى النهاية وتسود، لا شك, أمام مجموعة من الأفراد (سائقى التاكسى) لا تجمعهم رابطة أو منظومة عمل موحدة، لكن –والسؤال الذى يوجه إلى الواقعيين أنصار الفكر الرأسمالى، وليس إلى الحالمين أنصار الفكر اليسارى– ما هو الحل الأمثل فى ضوء مبادئ الرأسمالية لمثل هذه الحالة التى نحن بصددها.

هل تستمر الدولة فى القيام بدور المتفرج إلى أن تصل المشكلة إلى حد  الأزمة المستعصية على الحل؟ أم تصدر قررات من شأنها أن تؤدى إلى حماية سائقى التاكسى؟ أو قرارات من شأنها وضع القيود على شركة \”أوبر\” أو تقلل من أرباحها وفرص نموها؟ أم تترك سائقى التاكسى نهبا للبطالة، وتتعرض البنوك الحكومية إلى أزمة تعثر جديدة تضيف مزيدا من الأزمات الاقتصادية الأخرى؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back To Top