دوما تعبر الرسائل عن أفكارنا،عن عواطفنا ومشاعرنا، وأجمل ما فيها أنها تبعث فينا ذكريات قد محاها الزمان، فتثيرنا من جديد بلحظات الألم والسعادة، وأحيانا التحسر على مافات.
وهذه الرسائل التي أسردها لكم في هذا المقال، هي رسائل أرسلها شاب مصري إلى أحد أصدقائه المقيمين بالخارج، عبر موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك، وإليكم نص هذا الرسائل:
الرسالة الأولي.. بتاريخ 20يناير 2011:
صديقي محمد، عاوز اكلمك في موضوع مهم يشغل بال كثيرين الآن، هل بالفعل يستحق تامر حسني لقب نجم الجيل؟ أم أن عمرو دياب أولى باللقب منه؟ أعتقد أن تاريخ عمرو دياب يؤهله للحصول على اللقب أكثر؟ الرجاء الرد.. أود أن اسمع رأيك.
الرسالة الثانية.. بتاريخ 20فبراير 2011:
إن ما حدث أشبة المعجزة يا صديقي، لا أدري عن أي شيء أحدثك، فما حدث فاق كل التوقعات والآمال، لقد علمنا فجاة أن لدينا وطنا نستطيع من خلاله أن نحقق آمالنا وطموحاتنا، لقد صار الوطن ملكا لنا ولأهدافنا.. إن تلك الثورة العظيمة التي أذهلت العالم، بعثت فينا روحا وحياة جديدة، بل وغيرت مسار تفكيرنا جذريا.. كنا لا نعي تلك المصطلحات حرية، كرامة، ديموقراطية، إنسانية، فكان كل تفكيرنا منصبا على أغنية جديدة، مباراة قوية، فيلم شيق، أما الآن فالوضع بات مختلفا.. لاشك أنك رأيت الميدان بمظهره الحضاري الذي لا يختلف عليه اثنان في العالم، لقد تحولت كل أراضي مصر إلى ميدان التحرير، فعلى سبيل المثال، اكتست ساحة كليتنا بعلم مصر.. لأول مرة تتجسد فينا مشاعرالوطنية الصادقة، فلقد عشقنا الوطن بكل معانيه وتفاصيل.. مصر التي احتضنت أبناءها من جديد بعد طول غياب، ثم رفعنا صور الشهداء، وأقمنا صلاة الجنازة على أرواحهم الطاهرة، والحق إن التفريط في حقهم ليس أن يفلت الجناة من جرائمهم، فهذا أمر بديهي لنا، ولا نقبل سوى القصاص العادل، ونحن واثقون من أحكام القضاء، محسنو الظن بمن تولوا أمورنا بعد الثورة، لكن التفريط الحقيقي هو أن نتخلى يوما عن أهدافهم المشروعة البسيطة التي ضحوا بحياتهم من أجلها.
تحياتي لك محمد.. واعتقد أنك ستسمع عن قريب أخبارا مفرحة وسارة عن بلدنا العظيمة، وسلام على الثورة التي أحيت فينا الوطن من جديد وعلى الورد اللي فتح في جناين مصر.
الرسالة الثالثة.. بتاريخ 25 يناير 2012:
أحدثك يا صديقي والأوضاع مرتبكة، هل يمكن أن يقود الثورة من لم يؤمن بها؟ بالطبع لا، لدينا شكوك قوية بخصوص من يديرون البلاد؟ هل حقا هم مقتنعون بالثورة التي قامت والتي تولوا أمرها؟ وما بين خذلان الأصدقاء وعداء القائمين على الحكم، تحول مجرى الثورة إلى السياسة وألاعيبها، وتساقطت دماء جديدة وشهداء عظام على أرض الوطن من جديد.
الرسالة الرابعة.. بتاريخ 20يونيو 2012:
لقد انفرج الوضع قليلا يا صديقي، لعلك رأيت أجواء التجربة الديموقراطية الأولى التي عشناها في انتخابات الرئاسة، أعظم ما وهبته لنا ثورة يناير بداخلنا هي حرية الاختيار، لقد كانت تجربة ديموقراطية فريدة من نوعها، شارك فيها المجتمع باختلاف طوائفه، لقد أثبت المصريون أنهم مؤهلون للديموقراطية.. لقد رأيت شفافية ونزاهة الانتخابات بعيني، حيث مكثت بداخل اللجان اتابع وأدقق إجراء العملية الانتخابية طيلة ثلاثة أيام مع شباب آخرين تابعين لحملات انتخابية لمرشحين آخرين، يا لها من تجربة فريدة رائعة في عمر هذا الوطن، تحياتي لك صديقي محمد.
الرسالة الخامسة.. بتاريخ 20 فبراير 2013:
أحدثك صديقي محمد في وضع دقيق للغاية، لدي مخاوف وهواجس كثيرة بشأن أول رئيس منتخب للمصريين منذ عهد الفراعنة، اتمنى أن تنجح التجربة الديموقراطية إلى النهاية، لكن هناك حالة من الاستقطاب والاحتدام بين كل القوى السياسية، يؤججها الإعلام الخاص وإعلام ما يسمى بالتيارات الإسلامية، حتى بات الوضع كأننا أمام فريقين متناحرين، ربما يقودنا ذلك إلى مصير مجهول، لا نأمن عواقبه، اتمنى أن يتدارك الرئيس والقوى السياسية الموقف، وأن يكف الإسلاميون عن تلك الراديكالية التي باتت تنفر منهم قطاعات كثيرة من الشعب.
الرسالة السادسة.. بتاريخ 20سبتمبر 2013:
لا اعلم فيما أحدثك يا صديقي تلك المرة، لكنها ربما تكون أمنية بسيطة، اتمنى ألا نكون بالفعل قد فقدنا كل شيء، وأود ان أحدثك بصراحة أن أهم ما اكسبته لنا ثورة يناير هو الوعي، فجعلتنا لا نستطيع أن نترك الوطن يسير في الاتجاه الخاطيء، لماذا قمنا بالثورة؟ هل لمجرد أن شخصا فاسدا سرق أموال الشعب؟ أم كانت ثورة على النظام الشمولي الذي لا يعترف بالديموقراطية أو حقوق الإنسان؟ النظام الذي تدخل أجهزته الأمنية في السياسة والإعلام والقضاء، لا اتمنى أن نعود إلى تركيبة هذا النظام من جديد، لأن كل وقت نمضيه في ظل تلك الأنظمة هو بمثابة وقت ضائع في حياة الأمم، اتمنى أن تظل شعارات الحرية والكرامة والعدالة بداخلنا، وألا نكون قد فقدنا معانيها.
الرسالة الأخيرة:
لقد خُسف بأحلامنا -نحن الشباب- تجاه ذلك الوطن فجأة يا صديقي، وما كنا نخشاه قد حدث، لن أسرد لك الأسباب التي اوصلتنا لتلك المرحلة، ولن أحدثك بما تجيش به خواطري، فلقد كان حلما جميلا وكانت فرصة رائعة، لعلها لم تدم لنا، ربما لأن حظنا قليل، لكن ما أود أن اقوله إلى وطني العزيز في النهاية، أنه ربما نكون قد خسرنا معركة، لكن القضية لم تنته، لأن القيم بداخلنا لن تموت.
سأقولها لأولادي، سأخبرهم بأن ثورة يناير هي أعظم ما قام به المصريون في المائة عام الأخيرة، سأشرح لهم مبادئها وأهدافها، حتى تبقى مصانة في القلوب وملاذا للعقول التي تود لهذا الوطن أمنا وسلاما.
تحياتي لك.
وإلى لقاء.