ماجدة خير الله تكتب: للديمقراطية ضحايا.. والدليل.. جوائز الجولدن جلوب!

 

كانت ليلة الجولدن جلوب من الليالي التي تشع بهاءا، وترقبا، لكنها بالتأكيد أقل بهاءا لما هو متوقع حدوثه في ليلة الأوسكار، جرت العادة على أن تكون جوائز الجولدن جلوب متفقة إلى حد كبير مع جوائز الأوسكار، ولكن أحيانا تحدث مفاجأت ليست على البال، ومع ذلك فكل ترشيحات جوائز العام، ومنها الأوسكار والبافتا والجولدن جلوب، لن تخرج عن عشر أفلام، هي الأهم والأقيم فيما قدمته السينما الأمريكية خلال عام 2015وعن خمسة أفلام غير ناطقة بالإنجليزيه تم اختيارها بين أفضل ما قدمته السينما في بقية أنحاء العالم!

قبل الحفل تكثر التوقعات، التي لا تخرج بطبيعة الحال عن حدود الأفلام المرشحة فعلا، وطبعا لا ينكر منصف أن ليوناردو دي كابريو، ألقى كلمة مؤثرة وأنيقة، وإن كانت طويلة بعض الشىء بعد إعلان فوزه بجائزة أفضل ممثل عن فيلم دراما \”العائد\”، ولا ينكر منصف آخر، أن الكثيرين أبدوا تعاطفهم مع ليوناردو وتمنوا له الفوز، حتى لا يصاب بعقدة من تكرار ترشحه وعدم فوزه، ولكن لا هذا المنصف ولا ذاك، يمكن أن ينكر أن أداء إيدي ريدماين في فيلم The Danish girl ، أو مايكل فاسبندر في ستيف جوبز، كان أكثر تأثيرا واحترافا وتمكنا، ولكن أخشى ألا تمتد فرحة دي كابريو للأوسكار، ولا أخفي أنني لم أكن يوما من المعجبين بأدائه، ورأيي أنه يبالغ كثيرا في ردود فعله، ويبذل جهدا صوتيا وعضليا أكثر مما يستحق الموقف، بينما يصل غيره إلى نتائج أفضل من خلال أداء أكثر بساطة وإحترافية، ولكن ماعلينا، فإن جائزة أفضل ممثل عن فيلم كوميدي، التي حصل عليها مات ديمون عن فيلم \”المريخ\”، جاءت صادمة أيضا، لأن لا وجه مطلقا لمقارنة أداء ديمون بما قدمه مارك رافللو في فيلم

Infinitely Polar Bear، بينما لم يخرج الأول عن حالة ثابتة من الأداء طوال أحداث الفيلم، قدم الثاني مجموعة من الإنفعالات المتباينة في الموقف الواحد، وهو يقدم شخصية زوج وأب يتهمه كل من حوله بالجنون، والخروج عن المألوف، بينما يقدم هو كل ألوان التضحية، لبقاء الأسرة علي ترابطها، ولا يتوقف عن خدمة ابنتيه، اللتين لا تكفان عن الشكوى واتهامه بغرابة الأطوار، مما يسبب لهما حرج مع الجميع، ولكن رغم ذلك لا يلتفت هو لكل نظرات الدهشة والاستهجان في عيون وأسلوب الجميع في معاملته، ويستمر في تقديم المزيد من التضحيات، دون أن ينتظر حتى الثناء، بينما زوجته، تتركه غارقا لأذنيه مع مشاكل ابنيتهما، لتتفرغ لإنهاء دراستها، في بلدة أخرى، ولا تعود لمنزلها إلا مرة كل شهر أو اثنتين! طبعا عندما نقول إن فلانا كان يستحق الجائزة، فهذا ليس طعنا فيمن منحها لا سمح الله، فتحديد من الفائز، يأتي من خلال تصويت أعضاء رابطة الصحافة الأجنبية في هوليوود، وقد يفرق صوت، أو اثنين في ذهاب الجولدن جلوب إلى هذا الممثل دون غيره!

لكن مما يثير الغيظ حقا أن تحصل جينيفر لورانس على جائزة أفضل ممثلة عن فيلم كوميدي \”جوي\”، وهو فيلم متواضع القيمة، ودور ليس فيه أي تميز أو تفرد، أو حتى أداء يستحق الإلتفات، جوي فتاة موهوبة منذ صغرها، وتقوم ببعض الشخبطة، التي تعتبرها جدتها إرهاصة لموهبة سوف تعلن عن نفسها، وتكبر الفتاة وتخترع آله تنظيف ومسح بلاط، عبارة عن \”الشرشوبة\” التي نستخدمها في بيوتنا، ويحقق هذا الاختراع نسبة توزيع كبيرة، بعد أن تشارك جوي \”جنيفر لورانس\” في تسويقها شخصيا، بعد أن عانت من الفشل فترة غير قصيرة! ولأن الكحكة في إيد اليتيم عجبة، في كل بقاع الأرض، فإن شقيقة \”جوي\” تحسدها على نجاحها، وتقدم اختراعا شبيها يفسد مشروعها، ويكون رد فعل \”جوي\” أن تقص شعرها، وكأنه كان عائقا لتقدمها، وتقرر أن تستمر في المحاولة!

وكما قال أحدهم إن الديمقراطيه لها عيوب، لا تخفى على أحد، حيث نضطر أحيانا لقبول حكم الأغلبية، ولو كانت على ضلال، فإن نتيجة التصويت، التي منحت جنيفر لورانس جائزة لم تكن تستحقها إطلاقا، أغفلت حق ميليسا مكارثي التي قدمت أداءا عفويا جميلا في فيلم \”جاسوس\”، كما أغفلت طبعا عبقرية أداء الممثله العجوز المخضرمة ماجي سميث، في فيلم \”السيدة في السيارة الفان\”.

ومن الحالات المجحفة أيضا، إغفال دور \”مارك ريلانس\” الذي قدمه في فيلم \”جسر الجواسيس\”، ومنح جائزة أفضل ممثل مساعد لسيلفستر ستالون عن دوره في فيلم \”كريد\”، وربما من باب التعاطف، والذكريات التي نحملها لستالوني من أيام \”روكي\”.. فرحانة له والله، ولكن هذا لم يخفف من وطأة الألم الذي أصابنا من إجحاف شخصية الجاسوس الروسي التي قدمها باقتدار عجيب مارك ريلانس، الذي كان يراهن على فوزه الجميع، ولما نقول الجميع، فأنا أقصد فعلا الجميع!

وطبعا لا يمكن أن ينكر أحد قيمة ومكانة المخرج المكسيكي أليخاندرو كونداليز أنيريتو، وما قدمه من كادرات مدهشة في فيلم \”العائد\”، وهذا موضوع تحدثنا عنه قبل ذلك، في مقال مفصل، لكن كون أن \”العائد\” يحصل على جائزة أفضل فيلم، متخطيا فيلم \”سبوت لايت\”، فهذا كثير، لأن \”العائد\”، لا يعدو أن يكون فيلم مغامرات عنيفة وصراع بين أطراف عدة يحدث في منطقة غابات جليدية، حيث خطر الطبيعة وخطر الإنسان، يحيطان بالشخصية المحورية \”ليوناردو دي كابريو\”، بينما فيلم \”سبوت لايت\” يناقش بأسلوب سينمائي مفعم بالحيوية قضية الانتهاكات التي يتعرض لها الأطفال في الكنائس من خلال رجال الدين، وهي قضية فجرتها الصحافة وتابعتها وكشفت عن أسماء المتورطين فيها خلال ثلاثين عاما!

هذا ما كان عليه حال الجوائز التي أخطأت طريقها، أما الجوائز التي أثلجت صدري شخصيا، فهي جائزة أفضل ممثلة مساعدة، التي حصلت عليها كيت وينسليت في فيلم \”ستيف جونز\”، وأفضل ممثلة في فيلم دراما التي حصلت عليها الممثلة الشابة \”بيري لارسون\” عن فيلم \”الغرفة\”، وجائزة أفضل فيلم غير ناطق بالإنجليزيه التي ذهبت إلى \”ابن شاؤول\”، وجائزة أفضل مسلسل \”روربرت\” التي فاز بها المؤلف والمخرج المصري سام إسماعيل، وشارك في بطولته الممثل المصري \”رامي مالك\”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back To Top