مي الصباغ تكتب: تعدد الزوجات.. شهوة جنسية أم ضرورة اجتماعية؟

 

ظهرت في الآونة الأخيرة، فورة جديدة على الفيس بوك، عن ضرورة تعدد الزوجات، وأن الرجل لمجرد أنه رجل، يحق له أن يتزوج الثانية والثالثة والرابعة، كل هذا قديم والحديث عنه معتاد ورتيب، إلا أن الفورة الجديد حقا، كانت في حديث بعض الفيسبوكيات عن ضرورة تشجيع المرأة لزوجها على التعدد!

وأن المرأة الصالحة المتدينة هي التي ترحب بالزواج الثاني، بل وتختار لزوجها الزوجة الثانية أو الثالثة، على حسب ترتيب المقتنيات، واستخدم الثائرين للدفاع عن التعدد، عددا من الحجج والمبررات، طبعا ليس من بينها، ما له علاقة بالإخلاص أو الوفاء أو الحب أو تقدير الشريكة، أصلا هي ليست شريكة، هي أحد المقتنيات التي يمكن زيادتها عند الملل من بعضها، والتجديد فيها، عندما يضجر من تفاصيلها، مثل ديكور المنزل من مقعد أو منضدة يمكن ببساطة استبدالهم في حال الزهق منهم.

ولكننا سنحاول في السطور القليلة القادمة، أن نخاطبهم على قدر عقولهم، وسنعمل على تفنيد كل حجة يتم الاستعانة بها في الدفاع عن تعدد الزوجات.

العنوسة!

أكثر المبررات شيوعا، هو أن تعدد الزوجات حلا للعنوسة، حسنا، يمكن الرد ببساطة، إن كان هناك رجل قادر ماديا على زواج الثانية والثالثة والرابعة، فلم لا يساعد شابين غير قادرين على الزواج؟ وهنا يكون قد ساهم في إنهاء حالة العنوسة لاثنين وليس واحدة؟ خاصة أنه في مصر، هناك الكثير من القرى الفقيرة، التي تعاني من الفقر والحاجة والتهميش، والتي يعاني شبابها من عدم القدرة على الزواج رغم أن المبالغ التي يحتاجونها ضئيلة جدا، أليس هذا أفضل كثيرا من التعامل مع النساء وكأنهن أوعية إفراغ للشهوات الجنسية؟

عدد النساء والرجال!

يقال إن عدد النساء أكبر من عدد الرجال بأربعة أضعاف، ولذلك لابد من التعدد حتى يكون هناك تكافؤ في فرص النساء في الزواج، بعيدا عن أن هذا المبرر يتعامل مع الرجل وكأنه قطعة لحم لابد وأن تتوزع بالتساوي على النساء، إلا أن تلك من أكثر المبررات المضحكة، التي يطلقها الكسالى الذين لم يسمعوا عن محرك البحث \”جوجل\” للبحث عن نسبة الرجال والنساء الحقيقية في مصر، فوفقا للجهاز المركزي للمحاسبات، فإن نسبة الرجال في مصر 51% والنساء 49%، بفارق 1% فقط بين الجنسين، وهو ما يسقط إدعاء الأخوة المعددين بأنهم ينقذون مصر، يا حرام! من اختلال التوازن الطبيعي.

سُنة واجبة:

أحد المبررات التي تأخذ طابعا دينيا، أن التعدد هو سنة \”واجبة\”، لابد من تطبيقها، ويبدو أن الرجال المصريين لا يعرفون من الدين سوى تلك السنة الواجبة، إلا أنه من زاوية دينية كذلك، يمكن الرد بالواقعة المثبتة في السنة النبوية والتي تفيد بأن الرسول الكريم رفض زواج علي بن أبي طالب، مرة ثانية على ابنته فاطمة رضي الله عنهما، وقال الرسول \”وإِنَّمَا فَاطِمَةُ بَضْعَةٌ مِنِّي، يُؤْذِينِي مَا آذَاهَا\”، وروى البخاري \”فَتَرَكَ عَلِيٌّ الْخِطْبَةَ\”.

وفي تفسير الواقعة، يقول ابن التين، فيما معناه، إن النبي صلى الله عليه وسلم، حرم على علي أن يجمع بين ابنته وبين أخرى، لأن هذا يؤذي مشاعرها، وهنا فضل الرسول الكريم درء الأضرار على جلب المنفعة، أي أنه فضل الحفاظ على إحساس وكرامة ابنته فاطمة، عن تطبيق سنته.

فإن كان التعدد هو سنة أو فرض واجب، لكان رسول الله هو الأولى بتطبيقه، لكنه مانع فيه لحفظ كرامة فاطمة رضي الله عنها.

وأخيرا، من حق كل امرأة أن ترفض التعدد، من حقها أن تتزوج رجلا كاملا وليس \”ربع أو ثلث أو نصف\” رجل، كما يرى مناصرو التعدد، فإن كنت امرأة أهب رجلي كامل تركيزي وطاقتي ودعمي وحبي، فمن حقي أن يهبني هو كامل حبه وإخلاصه ووفائه.

وكذلك فإن كانت هناك إحداهن التي توافق على التعدد، فهو أمر شخصي لها مطلق الحرية فيه، لكن ليس من حق أحد أن يصف الرافضات بـ \”مرضى القلب وناقصات الإيمان\”، مثلما انتشرت تلك الأوصاف من جانب أنصار التعدد ليعطوا لأنفسهم الحق في الانتقاص من إيمان الرافضات والرافضين للتعدد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back To Top