عمر محيسن يكتب: الخلاف السعودي الإيراني.. بين الدبلوماسية وخناقات النواصي

معلش يا حاج، المسامح كريم يا حج، الواد ده بتاع مشاكل ولعبي آه، بس إنت الكبير، وعاقل وفاهم، وأنت اللي في أخواتك، سيبه لوجه الله يا حج، مش عايزين مشاكل، إحنا ناس بتوع ربنا\”.

\”والمصحف ما هسيبه، لازم أخليه عبرة للي يسوا واللي ما يسواش، واد يا حكيييييييم، انزل قَرَّصلي الواد ده من لباليبه\”.

تأبى المملكة العربية السعودية إلا وأن تستفتح الخلافات الدبلوماسية في العام الجديد بالتناوش في صراع مذهبي قد انغلق، وكتم كل متكلم على فمه لكي لا يفتحه مرة أخرى. فكانت قد انطلقت الحملات الدعائية في المملكة لدرء الصراع المذهبي، السني الشيعي، بمساعدة نجوم التمثيل المحبوبين. وبالفعل أتت الحملات الدعائية أُكلها بين أفراد المجتمع، لكن يبدو أن الحكومة السعودية لم تكن تشاهد التلفاز منذ فترة، فقد كانت –وفق الله خطاها- مشغولة بمحاربة الإرهاب.

وأما إيران الشقيقة، فمن الجلي للجميع، أنها ترفض أن تكون إلا المسئول الأول والأخير عن معتنقي المذهب الشيعي في كل بقاع الأرض. في الواقع قد يكون الأمر عقلانيا، إذا تحسست الحكومة الإيرانية -شد الله من أزرها- تجاه المواطنين الإيرانيين، معتنقي المذهب الشيعي، أينما كانوا على وجه البسيطة. ولكن من الواضح ان الزعامة الإيرانية تتعامل بكونها فاتيكان الشيعة.

\”يابا الراجل ده يخصني ما لكش دعوة بيه\”.. قال الأول، فرد الثاني: \”لا يا شبح، يخصك في منطقتك، إنما هنا.. هنطلع (الديانة المحترمة للسيدة الفاضلة والدته)\”، ثم انهال الواقفون بالضرب على الشخص المنشود حتى أعدموه العافية، فانطلق الأول مسرعا إلى منطقته، وجمع الرجال ليبدأ في تهشيم محل أهل الثاني، الكائن بناصية منطقة الأول.

أعدمت السعودية نمر النمر، الزعيم الشيعي السعودي، رغم كل التحذيرات والتنبيهات والتوسلات والشقلبظات، فأنخرط العالم الشيعي في العويل على روح الفقيد، وشجب التصرف السعودي، فانطلقت التظاهرات في إيران للتنديد بعملية الإعدام، وانتهت باقتحام السفارة السعودية بطهران وإنزال العلم. فردت المملكة بقطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين بشكل رسمي، بإجلاء وفدها من إيران، لتستقبلهم الإمارات العربية المتحدة، وإعطاء مهلة 48 ساعة للوفد الدبلوماسي الإيراني لمغادرة السعودية.

وانطلقت الوسائل الإعلامية العربية تفرش الملاءات للنظام الإيراني، لا بالتنديد لما حدث للسفارة، بل بتبرير حكم الإعدام الصادر من السعودية بحق نمر النمر، وراحوا يتحدثون عن أحكام الإعدام الإيرانية، وطرق المحاكمات، وكون أن إيران مصنفة الثانية في أحكام الإعدام بعد الصين. فيما يجب علينا أن نتنبأ بالنفوس الطيبة لدول العالم الأول، والتي تتبادل الغمز واللمز : \”طب إيه ؟! حرب وكده، ولا هتخلص على شرشحة\”.

يجب أن نتفهم انزعاج العالَم الشيعي، وقد نتفهم تصرف إيران الكيدي بتسمية شارع تواجد السفارة السعودية بطهران على اسم نمر النمر، في التو واللحظة، لكن أن يتم تحطيم سفارة دولة محترمة لدى دولة أخرى لا تقل احتراما، بدون أي بيانات صورية آسفة، يبدو عملا همجيا لا يمت للدبلوماسية بصلة، لكنه يبدوا واقعيا في أعراف الإشكالات العنيفة بين الأحياء الشعبية، وقد لا يبدو، ولنا الله.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back To Top