(1)
تصريح سيادة الرئيس بانه سوف يقوم بنفسه بالتوقيع على المشروعات التى سوف يتقدم بها المستثمرون رغبة منه فى تدمير البيروقراطية المصرية العقيمة، وذلك نيابة عن الوزراء والوزارات والجهاز الحكومي بكامله وكذلك قيام سيادة الرئيس بالتفاوض مع ممثلي الشركات العالمية للحصول على أفضل الشروط والأسعار، نيابة عن المتخصصين والفنيين الذين يملكون القدرات والمهارات والمؤهلات العلمية المتخصصة يدل على أننا مازلنا لم نغادر بعد مرحلة \”دولة الرئيس\” ولن نغادرها حتى حين.
(2)
قيام سيادة الرئيس باصدار تعليماته وتوجيهاته بالانتهاء من مشروع قناة السويس في خلال سنة واحدة، على الرغم من أن الدراسات الفنية للمشروع من المفترض أنه لأسباب فنية متخصصة وضعها المتخصصون بأن المشروع ينتهي في خلال 3 سنوات، وحينئذ لم يملك المسئول عن المشروع إلا إبداء الموافقة متجاهلا تلك الدراسات، لأن واجبه ومركزه يحتم عليه إبداء السمع والطاعة لتعليمات قائده بصرف النظر عن أية اعتبارات أخرى، اعتمادا على إنه عند التنفيذ سوف \”يحلها الحلال\”، ولا يهم ما يترتب على ذلك من ارتفاع التكلفة أو أن يكون ذلك على حساب مشروعات أخرى ذات أولوية اقتصادية أو تسخير كافة موارد الدولة للانتهاء من هذا المشروع فى الموعد الذى حدده سيادة الفريق عفوا.. الرئيس.
(3)
عادة، عند قيام القوات المسلحة بافتتاح أى من مشروعاتها مثل بناء كوبرى أو نفق أن تضع إدارة الشئون المعنوية مثل هذه العبارات بطول مسافة الطريق، \”مصر فوق الجميع – وعدنا وأوفينا – هدية لشعب مصر العظيم – مصر أولا وقبل كل شئ – كلنا فداء مصر\”، وغيرها من العبارات التعبوية التى يمكن قبولها وتقبلها إذا كانت تهدف إلى بث الحماسة في نفوس الجنود والضباط قبل خوض أي معركة, والسؤال المطروح.. هل يمكن أن تغنى مثل هذه العبارات الحماسية المثيرة للحشد والهتاف عن مبادئ وعلوم الإدارة والتخطيط والتدريب؟
الملاحظ، في كل تصريحات سيادة الرئيس أنها تحتوى في معظمها على مثل هذه العبارات الحماسية التى تبث الحماس فى نفوس مستمعيه, لكنه حماس وقتي ينتهي بمجرد انتهاء الخطاب، وفى النهاية الواقع الأليم يفرض نفسه هنا وهناك.
(4)
ظل إعلام الرئيس الأسبق مبارك، يتحدث طوال فترة حكمه عن أنه صاحب الضربة الجوية الأولى التي فتحت باب نصر أكتوبر, وأنه حمل روحه على كفه فى ظل ظروف عصيبة فداءً لمصر بعد اغتيال الرئيس السادات, والسؤال المطروح، ألا نملك أن نتجاوز هذه المرحلة بعد؟ مرحلة الرئيس الذي لابد أن يكون قد ضحى بنفسه من أجلنا ويحمل روحه على كفه أيضا؟ الرئيس السيسى فعل ذلك أيضا وحمل روحه على كفه محررا مصر من ظلم وظلام حكم الإخوان فداءً لها, ومن أجل تضحيته هذه فسوف نشيد بكل خطواته ونرفض كل من ينتقد تصرفاته ونخلط الحق بالباطل، فلا شفافية ولا حقائق تعلن ولا محاسبة, والرئيس يفعل ما يريد, يعين من يعين من الوزراء والحكومات ويقيل من يقيل, ولا تتحرك أي من أجهزة الدولة إلا بتوجيهاته، فالتفويض لا يزال ساريا.
(5)
لن تحيا مصر إذا لم تحقق تقدما على أرض الواقع يشعر به كافة فئات الشعب, ولن تتقدم إلا لو أنهينا هذا الإصرار الرهيب على \”إعادة اختراع العجلة\”, فأسباب وعوامل التقدم واضحة معروفة للجميع ولم تكن أسرارا.
دولة مؤسسات تحكمها جهات تشرف عليها وتراقب أدائها, وعقول تفكر وتخطط وتضع رؤية يلتف حولها الجميع.
ما يجب أن يثير الأسى والأسف بحق أننا لم نتقدم إلى الآن ولو خطوة واحدة في بناء دولة المؤسسات، وما يزيد الأسى والأسف والألم أننا مع كل يوم وبإرادتنا وجهلنا ورغبتنا، نعوق قيام مثل هذه الدولة ونبنى ونرسخ على أنقاضها \”دولة الرئيس\” في بعض الأحيان و\”دولة الفريق\” في كثير من الأحيان.
