وائل متولي يكتب: في تفسير "الوحش المصري"

كان فيه عالم نفس أمريكي اتولد أول القرن اللي فات اسمه ماسلو، الراجل ده كان بيدرس علم نفس طلع بنظرية عن الاحتياجات اللي بتدي الإنسان دافع ورتبها على شكل هرم قاعدته هي أبسط تلك الاحتياجات وقمته هي أكثرها تطورا (طبعا طلعت نظريات كتير تؤيد وتعارض نظريته.. بس عشان نكمل المقال خلينا نعتبر إن اللي قاله كله صح)

ماسلو قال إن فيه خمس مراحل في الهرم، وإن كل ما الإنسان يحس إنه تشبع من مرحلة، يبتدي يبص على المرحلة اللي بعدها، ويبقى واخد المرحلة اللي اتشبع منها على إنها شيء مسلم بيه.
المرحلة الأولى هي مرحلة الاحتياجات الفسيولوجية: جوع وعطش (حناكل إيه النهاردة) وجنس (تزاوج عشان محدش يزعل) والمرحلة  التانية هي مرحلة الحاجة للأمن والأمان: سقف فوق راسك وأمان مادي (مرتب ثابت) ومعنوي (امشي جنب الحيط وحتبقى في الأمان) والإحساس بإن فيه حد بيحميك (الشرطة والجيش بيحموك من نفسك).
ملاحظة عابرة: ماسلو شاف إن فيه مبالغة في المرحلتين دول وإن معظم الناس بيلعبوا في المنطقتين دول، الاحتياجات الفسيولوجية والأمان (حتفهم قصده كمان شوية)

المرحلة التالتة هي مرحلة الاحتياج إنك تبقى جزء من حاجة أكبر وتحس بالانتماء للحاجة / المجموعة / الجماعة دي وإن أي انتصار للمجموعة دي يعتبر انتصار ليك ودافع ليك.
المرحلة الرابعة هي مرحلة أنا محتاج حد يقدرني (أنا عايز الناس يشجعوني ويصقفوا على اللي باعمله عشان احس إني مهم)
المرحلة الخامسة هي مرحلة تحقيق الذات (أنا باعمل اللي باعمله عشان مقتنع بيه ومش فارق معايا حد يصقف لي ولا لأ.. أنا باعمل الصح عشان هو ده الصح)
اللي فات ده ملخص بسيط لنظرية يتكتب فيها كتب، خلونا نشوف إيه علاقة ده بالوحش المصري والمصريين.
زي ما لمسنا بعد ثورتين وبعد ما ابتدينا نقرا ونفهم التاريخ الحقيقي لمصر، من أول الخمسينيات الادارة المصرية دايما كانت بتلعب مع المصريين لعبة إنهم يحصروا احتياجاتهم في أول ٣ مراحل في الهرم، والادارة نفسها بتبقى مزنوقة في مرحلة صقف لي، عشان احس بنفسي شوية.. الكلام ده كان واضح من أول جمال عبدالناصر مرورا باللي بعده واللي بعده وصولا للسيسي.. الإدارة محتاجة إنجازات حتى لو كانت مش إنجازات حقيقية، عشان الرئيس يحس إنه مبسوط وإن الشعب بيصقف له وإن الشعب محتاجه وإن بحكمته كل حاجة بتمشي.. مفيش ولا رئيس وصل لقمة الهرم وقرر إن الدولة والبلد ممكن تعيش من غيره، وإنه ممكن مثلا يتأكد إن النظام حيبقى فعلا ديمقراطي من بعده، ويسيب الكرسي في الوقت المناسب، ويحط اسمه بحروف من دهب في التاريخ.. أول انسان مصري يسعى لتداول حقيقي للسلطة.. من أول جمال اللي لما فشل مرضاش يتنحى، والسادات اللي لما الناس اعترضت عليه اعتبرهم حرامية، ومبارك اللي كان ناوي ياخد فترة عاشرة لو قدر، أو يسلم السلطة لابنه، أو مرسي اللي لما اتخير بين انتخابات مبكرة رفض وقعد يغني الشرعية الشرعية، أو حتى السيسي اللي بيطبخ برلمانا هدفه تغيير الدستور وزيادة مدته وصلاحياته.. محدش فيهم وصل لقمة الهرم، وبالتالي الدولة بتلفظ وتكره أي حد بره السرب، وتشوف إنه شخص غريب أو مزقوق من بره (عميل).. لو الشخص ده كان وصل لقمة الهرم وبيعمل أي حاجة عشان هو حاسس إن ده الصح (من أول ما يشيل ورقة من على الأرض من غير ما يحتاج حد يقوله شاطر، لغاية إنه يدافع عن حقوق غيره ويتضامن مع أي تعدي على حقوق غيره من غير ما يكون مستني مقابل.. بالنسبة لهم ده شخص تخيلي أكتر من العنقاء والغول والخل الوفي)

كل شوية عشان النظام يفضل محافظ على شعبه في أول ٣ مراحل، لازم يحسسهم إنهم لسه في أول مرحلة (حنجوع) وتاني مرحلة (من غيري حتبقى فوضى)، وكل مدة يحسسهم إن انتماءهم ليه مفروض يبقى سبب لفخرهم (عملنا صاروخ أوربا بتحسدنا عليه، عندنا مخترعين، مصر أم الدنيا، عملنا اختراع حيعالج فيروس سي، عملنا الوحش المصري وأمريكا حتموت وتشتريه، أو نبقى إحنا أهم دولة عربية وكل الدول التانية من غيرنا ولا حاجة، وفي بعض المواقف مفيش مانع ننمي الحاجة للانتماء بفريقنا القومي، وقد إيه هو سيد أفريقيا)
ما تيجوا نلعب شوية ونحاول نلاقي علاقات بين النظرية واللي بنشوفه:

– تعرف كام واحد بيعمل أي حاجة عشان هو شايف إن ده صح ولازم يتعمل ومش مستني حد يصقف له أو يقول قد إيه هو حكيم أو عظيم؟
– هل ربطت بين اللي بتعمله الدولة العسكرية لمهاويسها (سد حاجة الانتماء بمظاهر الوطنية.. طفل فقد جيشه والكلام اللي من النوع ده) واللي الدولة الدينية كانوا بيعملوه مع مهاويسهم (سد حاجة الانتماء بمظاهر الدين.. الإسلام هو الحل والكلام اللي من النوع ده) وقد إيه كل من الطرفين كان محتاج اتباعه يفضلوا جوه المراحل المحددة ليهم، وإلا يفقدوا التحكم فيهم!
– جمال عبدالناصر وهو بيورط مصر في صراعات وحروب وبلاوي اقتصادية عشان الناس تصقف لزعيم العرب الواقف بقبضته أمام الإمبريالية العالمية؟
– السادات وهو بيوافق على اتفاقية السلام عشان الناس تصقف للرئيس المؤمن؟
– مبارك وهو ما بيعملش حاجة حقيقي (مبارك موصلش أصلا لمرحلة إنه عايز حد يصقف له)!
– مرسي وهو بيخطب في الصالة المغطاة وبيقطع العلاقات مع سوريا عشان شيعة وحشين.
– السيسي وهو واقف في افتتاح التفريعة (قناة السويس ٢) ولابس البدلة العسكرية، أو في خطاباته قدام العساكر بتوعه في كل مناسبة؟
– أحمد ماهر وعلاء عبدالفتاح وماهينور المصري وغيرهم كتير، وهم بيدوروا على حقوق الناس ومش فارق معاهم حد يصقفلهم؟
جاوب في الكومنتات وخلينا نتناقش مع بعض 🙂

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back To Top