لها وجه برئ وجسد نحيل، ورغم براءة الوجه إلا أنه يحكي عن الكثير من الآلام والويلات التي عانتها ورأتها، سوف نحكي لكم اليوم عن حدوتة \”نادية في بلاد النفاق\” تيمنا بحدوتة \”أليس في بلاد العجائب\”.
يحكى أنه كان هناك فتاة صغيرة الحجم جميلة الوجه، تسمى نادية.. نادية مراد، هي فتاة أيزيدية عراقية، وقعت في أسر مجموعة من العصابات الشريرة المتطرفة، الذين أذاقوها كل الويلات التي يمكن أن يتخيلها أو يحتملها بشر، لكنها لم تستسلم لمصيرها، فهربت منهم ومن جحيمهم، لتجوب العالم تستنجد به، وتحكي عن آلامها حتى يتخذ العالم خطوة جادة، ضدهم وينقذون مئات الآلاف ممن ترتكب ضدهم جرائم تشيب لها الولدان.
إلا أن هناك مجموعة من أهل الشر أرادوا استغلال الصغيرة، لغسل أيديهم من أخطائهم، وهو ما لم تعلمه المسكينة، ولم تعلم السر وراء الاحتفاء بها، والعمل على استضافتها في كل المنابر لتحكي قصتها أو بالأحرى تحكي بطولتها.
وسوف نسرد بعضا من نماذج أهل الشر الذين استقبلوا نادية بالحفاوة التي تتناقض مع كل أفكارهم وكل ما يروجون له.
الزعيم:
هو رجل قام بقتل المئات من المعتصمين، ولم يجهد نفسه في البحث عن حل سياسي للأزمة، بعيدا عن الدماء أو زهق الأرواح، لكنه استقبل نادية ذات القصة المؤلمة، وأدان كل ما فعلته عصابة الأشرار مع نادية.. رغم أنه فعل جرائم قريبة مما حدث لنادية، منها انتهاك حرمة أجساد بعض المتظاهرات، وتبرير جريمة كشوفات العذرية التي ارتكبها جنوده وقتها.
وهو ما يدفعنا للقول، بإنه يستغل الفتاة الطيبة في الترويج لنفسه كحامي للقيم الإنسانية وحقوق الإنسان، وهو ما يناقض الواقع تماما، ويمكن مطالعة أخبار المنطقة التي يحكمها الزعيم، لتكتشفوا أنه يوميا يتم القبض على شباب والزج بهم خلف الأسوار العالية، أو خطف آخرين دون الإفصاح عن أماكن احتجازهم، يا لطيف اللطف!
ميكرفون:
بداية الميكرفون هو تلك الآلة الحديدية التي نستخدمها لبث أفكارنا وتضخيم أصواتنا، وتعليتها ليسمعها القاصي والداني.
وفي بعض البقاع، هناك عدد من الأشرار الذين استولوا على تلك الآلة، ويقومون بإذاعة شرهم من خلالها، مثلما هو الوضع في أرض النفاق، فهناك قوم كانوا يبررون القتل أو القمع أو تعرية البنات، أو كشوف العذرية، فاستضافوا الضحية نادية مراد، ليستغلونها في تلميع حاكمي أرض النفاق، أو تبرير جريمتهم الأولى بقتل 600 مواطن معتصم بدم بارد، وهو ما يدفعنا للتساؤل كذلك، \”هم إزاي وشهم مكشوف كده؟\”
ممثل الوسطية:
في أرض النفاق هناك بعض المؤسسات التي تمثل الوسطية الجميلة في التدين، منها أهم مؤسسة دينية في \”أرض النفاق\”، بل وفي المنطقة المحيطة بها، إلا أن ممثل الوسطية الجميلة هذا، رفض مرتين على التوالي أن يعلن كفر عصابة الأشرار الأولى التي نهشت في جسد نادية مراد.. هل تتخيل أن القصة انتهت هنا؟
لا، سأقول لك نكتة سمجة، هذه المؤسسة الوسطية التي رفضت تكفير العصابة الشريرة مرتين، استضافت نادية مراد، وأبدت استياءها وغضبها من أفعال عصابة الأشرار! انتهت النكتة.. هل ضحكت؟
فكان من المضحك لي جدا، أن رأس المؤسسة الوسطية وهو يعقب على كلمات نادية التي سردت فيها قصتها بكل ما تحمله من بشاعة، وهو يقول بابتسامة بشوشة: \”نعلم بشاعة عصابة الأشرار ولكن لن نستطيع تكفيرهم\”.
هل رأيتم نفاقا هكذا؟!
ولم يقف الأمر في أرض النفاق على النفاق وحده، بل امتد ليكون غباء.
حسنا.. أراد القائمون على أرض النفاق أن يستثمروا مأساة نادية في تلميع صورتهم أمام العالم، ثم بعدها بيومين فقط.. يومان يا مؤمن فقط، أصدروا حكما على باحث تنويري لمدة عام كامل، رغم أنه مارس ما طلبه الزعيم في أكثر من خطبة، وهو تجديد الخطاب الدينية، وإحداث ثورة في الخطاب الديني، وتنحية كل ما يحرض على العنف أو التطرف، ولكنهم سجنوه.
والآن أدعوكم أن تتضامنوا معي لنسمي تلك البقعة من العالم.. \”أرض النفاق والغباء\”.