لا خلاف علي الممارسات العنصرية المتوغلة بقوة في الثقافة المصرية، لكن هناك نوعا معينا من العنصرية تتميز به مصر، ليعطيها بريقا خاصا ومتفردا بين جميع العنصريين.
الشعب المصري عنصري ضد لغته! نعم.. هذا صحيح.. هو شئ غير معلن، ولكن هناك عرف بين الجميع أن من يتكلم اللغة العربية فقط، هو بالضرورة \”كائن أقل\”، وعلى عكس الشعوب الأخرى التي تمارس العنصرية ضد اللغات الغريبة عن لغتها، فلا يردون عليك إذا حادثتهم بلغة غير لغتهم، فنحن في مصر نعتبر أن أضعف الإيمان هو أن تدعم جملك من اللغة العربية بكلمات من لغة أخرى، لأن مش كويس يكون كل كلامك عربي، فتظهر تلك الظاهرة الفريدة وهي أن تتكلم لغتين في جملة واحدة، على سبيل المثال: \”حسيت Like I’m so worried بجد\”.. أو \”ده مش Professional خالص يا محمد\”.
الموضوع لا يتوقف عند ذلك، لكن لكنة اللغة الأجنبية والتي تكون في الغالب الإنجليزية، يجب أن تكون أمريكية! لا يهمني جنسيتك في جواز السفر أو تعريف الشخصية، فالمنطق يقول إنك يجب أن تتأثر بلغتك الأم.. نحن في مصر لا نأبه بذلك، وهو ما لا أفهمه، فبعدما بدأت الالتقاء بالعديد من الجنسيات في العديد من المناصب المرموقة.. اليابانيين والألمانيين والبرتغاليين والفرنسيين، وجدت أن جميعهم متأثر بلغته الأم، لكنه لا يأبه لذلك ولا ينظرون لذلك كعيب، فإذا جلبت شخصا يابانيا، وجعلته يتحدث الإنجليزية، وحجبت صورته من أمامك، ستعرف أنه ياباني من لكنته، وكذلك الألماني أو الفرنسي، ولكن المصري يجب أن يتحدث الإنجليزية وكأنه قد تربي في سان فرانسيسكو!
تصل العنصرية إلى أوجها، ليس بمجرد اضطهاد اللغة، وإنما اظطهاد حروف بعينها.. زي مثلا الاهتمام كل الاهتمام بتطليع اللسان في «Thanks»، إنما حرف الثاء -ث- في العربية، ده حرف وسخ أساسا.. لسه هنوجع دماغنا معاه وأقعد أطلع لساني!
في كثير من الأحيان، أجد نفسي في اجتماع عمل، مع شركة مصرية وفريق عمل مصري، وأنا مصري، ولكننا جميعا نتحدث الإنجليزية.. مش عارف ليه! ولكنني ألاحظ أيضا أنني حينما أتحدث الإنجليزية يصغي الآخرون لي بهتمام أكبر، وكأنني قد قدمت برهانا أنني شخص فاهم يعني.
يقال إن دواء هذا النوع من العنصرية.. رحلة إلى الأقصر أو الغردقة، وملاحظة أن أي عيل صغير بيتكلم ٣ أو ٤ لغات عادي يعني، ومش حاسس بأي صياعة في الموضوع.