يتمتع الكثير من المصريين بخصلة مبهرة، ربما توجد في أغلب الشعوب بشكل أو بآخر، ولكنها – لدى المصريين – مكثفة.. أصيلة.. عميقة، وضاربة في الجذور.. خصلة يمكن تلخيصها في جملة: \”مصر أم الدنيا\”، وبالتالي، فإن باقي شعوب الأرض ولا حاجة!
عجزت عن فهم إحساس الكثير من المصريين بالدونية التي تظهر في شكل اعتزاز مبالغا فيه بمصريتنا وطنيتنا، والتحقير من غير المصريين بلا أمارة!
فعدد طلاب المنوفية الذين نسفوا نسبية آينشتاين أكثر من عدد الأشخاص الذين يعرفون النظرية في مصر كلها أصلا! والطفل المصري أذكى طفل في العالم، كما يمتلك الكثير منهم يقينا غريبا، بأن لا أحد يحب وطنه كما يحب المصريون مصر!
هذا بخلاف الشعور المسيطر بأنهم في موضع اضطهاد دائم من باقي الشعوب \”لماذا تكرهونا\”، ومحط اهتمام الكوكب، حيث ينشغل القاصي والداني بتخطيط مؤامرات لتدمير الشعب المصري العظيم وأم الدنيا! وفي حال صحة هذه الفرضية فلا أعلم حقا، لما يبذل الكوكب كل هذا المجهود من أجل شيء نفعله بأنفسنا في أنفسنا بمنتهى السلاسة والبساطة؟!
في مباراة مصر والجزائر الشهيرة التي أقيمت منذ بضع سنوات سمعنا آلاف المرات كلمة \”بربر\”.. سمعناها من الجاهل والمتعلم والفقير والغني والإعلامي والمثقف والفنان، وحتى من ابن رئيس الجمهورية آن ذاك، والمخلوع الآن.
بربر.. هكذا نصف الجزائريين، وطبعا الكلمة تقال بقصد الإهانة، وبمعنى أنهم همج، حيث لا يعلم كل هؤلاء أي شيء عن قبائل البربر.
الجزء الثاني من حلقة \”بربر\” كان في السودان، وكما نعلم جميعا أن السوداني أو صاحب البشرة السمراء – عموما – هو بالنسبة لكثير من المصريين \”عثمان\” السفرجي أو حارس العقار.. أفلام ومسلسلات وكاريكاتيورات عاشت سنوات تسخر وتهزأ وتردد: \”عثمان\”.
ثم ويا للعجب.. أندهش المصريون دهشة عظيمة عندما اكتشفوا أن أغلب آل \”عثمان\”، كانوا يشجعون الجزائر أمام منتخب أم الدنيا، وماطلعوش بيموتوا فينا ولا حاجة! حصل خير؟
لأ.. ماحصلش! لأننا مع اندهاشنا من الأشقاء السودانيين وكيف خانونا ونحن نيل واحد.. قلب واحد يا \”عثمان\”، لم يكفوا أيضا عن إلقاء التلميحات العنصرية.. مع استمرار حلقة \”بربر\” بالطبع.
هذه القصة كانت المثال الأكثر فجاجة ووضوحا، ويمكن اختصار كيف يرى كثير من المصريين العالم من حولهم، بأن شمال أفريقيا بربر وباقي أفريقيا عثمان أو\” بكاكا داسا\”.. أما الجزيرة العربية، فهم عرب جرب، والفلسطينيين باعوا أرضهم وعايزين ياخدوا سينا، واللبنانيات والروسيات عاهرات، وبالطبع الصين واليابان وما جاورها عيونهم ضيقة وعاملة كدهو، كما أن الهنود: \”ياعم أنت شايفني راكن الفيل برا\”، ولو كنت من ذوي البشرة البيضاء والعيون الملونة، فلن يرحمك أحدا في الشارع من السؤال: \”انت منين؟\”، مصحوبة بنظرات شك وريبة، فكل ذوي البشرة البيضاء جواسيس! ولا داعي لذكر ما يحدث للاجئين والأهوال التي يلاقونها منذ اللحظة التي تطأ فيها أقدامهم مصر، ولنكتفي بهذا القدر من الأمثلة عن العنصرية الطافحة من بقعتنا الحبيبة أم الدنيا على باقي البشر، ونخلينا في نفسنا وجمالنا وحلاوتنا اللي قد الدنيا.