كل من تلتقي به، أو تتحدث إليه هذه الأيام، سوف يبادر ويطرح عليك هذا السؤال: شفت أفلام العيد؟ فإذا كانت إجابتك بالسلب، فسوف تفاجأ بنظرة غاضبة، تنزع عنك لقب ناقد، فكيف تكون ناقدا، ولا تشاهد أفلام العيد، قبل أن تأكل الفته؟ وحتى أحسم الأمر، اضطررت لمشاهدة فيلمين، في يوم واحد، واعتقد أنني سوف أكتفي بهما، فالبقيه لا تشجع على الإطلاق!
هناك أكثر من سبب يجعلني أتحمس لفيلم \”الجيل الرابع\”، أهمها أنه بطولة مشتركة لمجموعة من الشباب، أشهرهم أحمد مالك، الشاب الصغير الذي تألق منذ حوالي ثلاثة أعوام مع غادة عبد الرازق في مسلسلي \”مع سبق الإصرار\” و\”حكاية حياة\”، بالإضافه لاسم السيناريست عمرو سمير عاطف، ومعه ثلاثة كتاب أظنهم من المواهب المبشرة، مما يرجح جودة الفيلم، ومع هؤلاء المخرج، أحمد نادر جلال، أحد أهم مخرجي أفلام الكوميديا القائمة على الحركة.
لو هرشت رأسك، وقلبت في ذاكرتك، فلن تجد فيلما مصريا، بطولة مجموعة من الشباب في سن المراهقه فعلا، طبعا هناك أفلام كثيرة تناولت سن المراهقه ومرحلة الدراسة الثانوية أو الجامعية، لكنها كانت في الغالب من بطوله نجوم تخطوا سنوات المراهقة، وأصبحوا أباء غير شرعيين وأحيانا شرعيين!
فيلم \”الجيل الرابع\” يعتمد على سيناريو، يضع أبطاله دائما على حافة المخاطر، بسبب حداثه سنهم، وقلة خبراتهم الحياتية، بالإضافه لقدر هائل من سوء الحظ، بحيث تنطبق عليهم مقوله \”يطلع من نقرة، يقع في دحديرة\”، تحاصرهم مجموعة من الصدف والأحداث الغريبة، وكلها أو معظمها طازجة وتؤدي إلى الضحك بدرجاته، التي تبدأ بالابتسامة، وتنتهي بالقهقهة، خاصة مع اختيار نماذج رائعة في الأدوار المساعدة، مثل فؤاد بيومى، ومحمود حافظ \”إعلان ما تقوم تطمن على فلوسك\”، وبدرية طلبة، وأحمد رزق، وشريف رمزي.
يلعب السيناريو مع الجمهور بنصف أوراقه، أي لا يحرق كل المعلومات، التي تخص الأبطال، لكنه يرمي إليك بكارت جديد، بين الحين والآخر، فتكتشف مثلا، أن أحد الأصدقاء الأربعة، والده \”شريف رمزي\” يكبره بإثني عشر سنة فقط، وأنه ينافسه في المعَيلة وقلة العقل، حتى إنه يسرق النقود التي جمعها الأصدقاء بشق الأنفس، حتى ينقذوا أنفسهم من قبضة عصابة لا ترحم، وعندما تكاد العصابة أن تفتك بهم، يرمي السيناريو معلومة جديدة، كان يدخرها لوقت الحاجة، وهي أن شقيق أحد الأصدقاء الأربعة، أمير جماعه إرهابية، ويسعى أن يخلصه، وهكذا.
أما الأزمه الأساسية، التي يقع فيها أبطال الفيلم الأربعة، فهي تورطهم، مع تاجر مخدرات، يطالبهم بثمن بضاعة، حصلوا عليها عن طريق الخطأ، وهي نفس أزمة \”أولاد رزق\”، مع عصابة سيد رجب!
لواء الشرطة المتذاكي \”بيومي فؤاد\” يذكرنا في الحال بشخصية كابتن \”كلوسو\” ومساعده \”بونتون\” الأكثر منه بلاهة وسذاجة، في سلسلة أفلام \”الفهد الوردي\” التي قدمها في الستينيات \”بيتر سيليرز\”، ثم أعادها للشاشة في 2009 الممثل الأمريكي \”ستيف مارتن\” مع الممثل الفرنسي الظريف جدا \”جان رينو\”، ولأن صناع الفيلم وخاصة مؤلف الموسيقى التصويرية عمرو إسماعيل، يدركون أن الجمهور سوف يتعرف على شخصية \”كروسو\” ومساعده، فقد استعان باللازمة الموسيقية لأفلام الفهد الوردي! حافظ المونتير محسن عبد الوهاب على إيقاع الفيلم اللاهث، ولم يترك لحظة، تصيب المشاهد بالمملل، وكنت أتمنى أن يكون مشهد كازينو قصر النيل، أكثر سخونة من ذلك، وأن يتم تقديم استعراض راقص لتنشيط السياحة، بدلا من النفرين اللي كانوا بيرقصوا، طبعا ممكن يكون تبرير ذلك أننا في موقف كوميدي، لكن الأمر كان يحتاج إتقانا، يزيد المشهد كوميديا.
ومع ذلك.. نحن أمام فيلم جيد الصنع، يثير البهجة، في زمن تندر فيه البهجة، ويحقق أحمد مالك خطوة للأمام في مشواره الفني، أتمنى أن يحافظ عليها، وأن يجد منتج يؤمن بموهبته ويحافظ عليه!