أمنية طلعت تكتب: اللطم العفيف في وصف حكومة شريف

مثل كل المصريين، لا أدري الدوافع الحقيقية وراء تغيير حكومة محلب، فالرجل كما بدا لنا جميعا يتحرك كمكوك في كل الاتجاهات، وحتى وإن كان كما قال بعض الإعلاميين \”ضجيج بلا طحن\”، فعلى الأقل كنا نتابع شخصا يتحرك في المساحة المتاحة له ولكل الشعب، حيث لا سياسات واضحة سوى \”محاربة الإرهاب\” و\”احمدوا ربنا إنكم مش زي العراق وسوريا\”.

كنت أتخيل أن الرئيس السيسي الذي أتى بإرادة شعبية كبيرة جدا، سيستخدم هذه الشعبية لصالحه ليكون زعيما خالدا بحق، خاصة لدى الطبقات المطحونة التي أعطته صوتها في الانتخابات من منطلق أنه الأمل في الخلاص من ذلك الوضع الاقتصادي المزري. تخيلت أنه سيستخدم كل الأموال التي حصل عليها من الإمارات والسعودية في تطوير التعليم بالفعل وتخليصه من أيدي الإرهابيين الحقيقيين الذين يقتلون عقول أجيال متتالية ومتعاقبة على مصر، وتحسين البنية التحتية التي انهارت، وصيانة وإعادة هيكلة المصانع المملوكة للدولة كمبدأ أولي للانطلاق نحو المشاريع العملاقة فيما بعد، لكنه أراد أن يصنع لنفسه تاريخا خاصا، فمع اعترافي بأهمية مشروع قناة السويس الجديدة، إلا أنه لم يكن ملحا، وكان بإمكاننا أن نعيش من دونه قليلا، حيث إن المشاريع العملاقة كثيرة ولا تتوقف على مشروع القناة، بل كان الملح بالفعل إصلاح البنية التحتية لهذا الشعب وهذا الوطن، والذي لن ينصلح ليتطور ويتغير ويصبح شعبا بناء ومنتجا بدون التعليم، وأي كلام آخر وأي مشاريع لا فائدة لها، طالما المصريين يرزحون تحت نير الجهل والتخلف وقوائم حزب النور ومرشحي الإخوان المتسترين وجحافل البشر التي تسير هائمة على وجهها ابتغاء لجنة مفقودة على الأرض، ربما حصلوا عليها في السماء.

تغيير الحكومة لم يكن له أي دلالات سوى أن القائمين على هذه البلد لا يمتلكون خطة حقيقية للبناء، ويبدو أن حتى اختيار المهندس شريف إسماعيل وزير البترول لا علاقة له بأنه مثلا؛ رجل المرحلة بعد اكتشاف بئر الغاز العظيم الذي تم الإعلان عنه مؤخرا، فلقد فوجئنا بإعادة ضم وزارة السكان إلى الصحة ووزراة التعليم الفني إلى التعليم وهم لم يكملا كوزارات مستقلة ستة أشهر، فعلى ماذا تم فصلهما ليتم دمجهما مرة أخرى؟

أما بخصوص قضية الفساد الكبرى في وزارة الزراعة، فلا أدري لماذا تم الكشف عن هذه القضية وحدها دون غيرها؟ لقد انذبح صوتنا ونحن نقول: انقذونا من فساد المحليات ومن فساد النيابة والشرطة والقضاء، ونحن نتعامل يوميا مع هذا الفساد وبشكل مباشر، لكننا وبدلا من ذلك نستيقظ كل يوم على محاربة الحكومة للراقصات وفتيات الملاهي الليلية اللائي لم يرتكبن جرما سوى أنهن يحاولن أن يعيشن في هذه البلد، ولم يجدن وسيلة أخرى غير التهتك.

ما هو العظيم في تغيير الحكومة؟ ما هي الأسباب الحقيقية لتغييرها؟ وهل الأزمة كانت في رأس الحكومة ممثلة في إبراهيم محلب؟ فالتغيير يبدو وكأنه مقصود به هذا الرجل، حيث إن الوزارات بشكل كبير لم تشهد تغييرا في الوجوه، وحتى لو شهدت تغييرا في الوجوه، ففي الواقع أصبح الأمر سيان بالنسبة لنا، لكن من باب التفكير المنطقي البسيط المتبقي لدينا، كان من الأولى تغيير وزير الدفاع بعد واقعة قصف السياح المكسيكيين، وبالمرة تغيير وزير الخارجية سامح شكري الذي لم يستطع احتواء الأمر دبلوماسيا بما اتضح على تعبيرات وجه وزيرة الخارجية المكسيكية المحتقنة مثل باقي شعبها، ووزير الداخلية الذي أغتيل النائب العام وهو تحت حراسته وتم تفجير قنصلية إيطاليا وهي تحت تأمينه.

هذه الحكومة التي أعادت زعزوع لوزارة السياحة دون أن ندري لماذا رحل ولماذا يعود؟ في حين أبقت على الدماطي وزيرا للآثار مع كل المصائب التي يرتكبها، وكأن الأمر فيه مباركة لتدمير آثار مصر، وحتى تغيير وزير الثقافة الأزهري بآخر يدعو للدولة العلمانية، لا يعد مؤشر جيد، وأجزم بأنه جاء صدفة -ولو مقصود- فلن يخرج الأمر من \”إنّ\” ما ستظهر لاحقا وبالتأكيد في القريب العاجل.

وبالطبع بقى وزير المالية هاني قدري مهندس \”ألوظة\” الضرائب الجديدة، بما فيها ضريبة القيمة المضافة التي سيتم تمريرها على رقاب الغلابة والمساكين دون أن تمس المستثمرين كالعادة لصالح خزانة الدولة، من أجل أن يرضى عنا صندوق النقد الدولي، وكل ذلك بدون خطة حقيقية لخلق إنتاج حقيقي في هذا البلد وفتح الباب لاستثمارات جادة ومشاريع تؤسس لاقتصاد ينمو بالفعل مع مرور الزمن.

أما وزير التربية والتعليم الشربيني الهلالي الذي لا يعرف شيئا عن اللغة العربية الفصحى، والذي يمتلك أخلاقا تتناسب وأخلاق التوكتوك وأغاني المهرجانات، والذي امتلك الشجاعة أيضا لأن يكذب وينفي أن حسابه على الفيس بوك لا علاقة له به، فهو في رأيي رد حاسم لأحلامنا بتطوير التعليم، حيث قام القائمون على مقدرات هذه البلد \”بتطليع لسانهم\” على طوله لنا، قائلين بعلو الصوت: \”موتوا بغيظكم\”، فهذا البلد لن يشهد تعليما ولا تربية، وسيبقى أبناء مصر لقطاء لدى الرأسمالية الرثة التي تمتلك مدارسا وجامعات لا تقدم علما ينفع ولا تربية تشفع، بينما تستولي على أموال الناس ببيع الوهم في زجاجات معبأة ومغلفة جيدا.

وماذا أقول يا مصر بعد كل ما قيل؟ يا أيها البلد الخارجة من كتب الأساطير؟

مصر كان يا ما كان.. حدوتة وخلصت من زمان.

هنعمل إيه؟ أدينا قاعدين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back To Top