شريف عازر يكتب: عن ممارسة الديمقراطية في بيئة غير ديمقراطية

 

الانتخابات هي من العلامات المهمة في النظام الديمقراطي, وإن كانت ليست هي كل الديمقراطية، وعند اقتراب موسم الانتخابات تبدأ الأحاديث والأقاويل والتكهنات حولها، وفي الظروف الحالية التي تعيشها مصر يصبح التعامل مع موضوع الانتخابات من الأمور الصعبة جدا، خصوصا لو أنك شخص مؤمن بقيمة السلطة التشريعية كمكون أساسي للدولة لا غنى عنه.

عندما تتابع ما يقوم به النظام من مناورات لتأجيل مواجهة مثل هذا التحدي, بالرغم من أنه متوقع أن يكون أغلبية البرلمان مؤيدة تماما للنظام, لكنك تدرك أن النظام لا يريد أن يغامر بالتعامل حتى مع أقلية قليلة قد تبدي نوعا ما من الاعتراض.

الأكثر حزنا هو أن تسمع من الكثيرين أقوالا من نوعية: \”نحن لا نريد برلمانا أصلا\” تدرك مدى صعوبة الموقف، فأنت لا تواجه فقط نظام يريد أن ينفرد بالسلطة المطلقة, لكنك تواجه أيضا عقلية مواطن يرى أن أي نوع من المعارضة هو تهديد لما يعتقد أنه درجة من الاستقرار وصلت لها البلد ولا يريد أي نوع من تعكير هذا الاستقرار حتى ولو كان في شكل معارضة قانونية منتخبة!

وفي مثل هذه البيئة المحيطة تتساءل: كيف يمكن أن يتعامل المؤمنون بالديمقراطية الحقيقية مع مثل هذا الموقف، فمن الواضح جدا أن النظام مضطر لإجراء الانتخابات بسبب بعض الحرص على الشكل العام، وربما من ضغوط خارجية, بينما في الواقع النظام لا يريد برلمانا، ومعه تأييد شعبي أيضا لهذا التوجه.. كيف يمكن أن تحاول ممارسة أحد طقوس الديمقراطية في أجواء لا تمت للديمقراطية بصلة.

يصبح أمام المؤمنين بالديمقراطية الحقيقية خياران, إما المشاركة مع إدراك كل الظروف المحيطة, أو المقاطعة وتحمل كل ما يترتب عليها.. الاختيار صعب, حيث تصطدم المبادئ المثالية حول إجراء الانتخابات في بيئة صحية وسليمة, وبين البرجماتية والتوجه العملي في التفاعل مع اللعبة السياسية مع إدراك أن من قام بوضع قواعد اللعبة هو غير منصف، ووضعها حتى يستفيد منها بأكبر قدر لمصلحته الشخصية.

هل نرتضي أن نكون حلية يجّمل بها النظام وجهه أمام العالم مع إدراكنا أنه ربما لا يكون هناك أي تأثير لمن شارك، لأن النظام في النهاية سيفعل ما يريد, أم نقاطع ونتحمل اتهامات أغلبية الشعب والمجتمع الدولي بالجبن والمراهقة السياسية ونخسر فرصة المشاركة؟

صراحة, نحن في موقف لا نحسد عليه, ربما لا يكون لنا رفاهية الاختيار أصلا.. كيف لنا أن نختار بين أمرين كلاهما سيء؟

أنا شخصيا لا أعرف الإجابة, وذلك لإدراكي أن كلا الاختيارين له مساوئ أكثر من مميزاته.

أعتقد أن ما سيحدث هو حلقة أخرى من سلسلة التجربة والتعلم من الأخطاء. قد تستمر هذه المرحلة لسنين, لكن يبدو أن هذا هو المسار الذي لا يوجد أمامنا غيره.. نخوض التجربة بشكل أو بآخر, يثبت الزمن أن أحد الاختيارات كان هو الصح, فنحاول تكراره في المرة التالية, أو تلافي الاختيار الخطأ.

من الظلم جدا أن تكون مجبرا على الخوض في لعبة قواعدها غير عادلة, لكن لا أعتقد أن لدينا اختيار أن نعلنها صراحة أننا \”مش لاعبين\”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back To Top