هل في اختلافنا رحمة، أم أننا عكسنا الآية ليصبح اختلافنا وكسة؟ ألا يمكن أن نعيش سويا رغم اختلاف أفكارنا ومعتقداتنا؟ ألا يمكن؟ أن نرى الاختلاف الرحيم يطبق في إحدى دول العالم الثالث ولو على سبيل المجاملة لمن لا يشاركون سواد المجتمع أفكاره وعاداته وتقاليده؟
مَن جعل المجتمع رقيبا على أشكالنا، أو على قصات شعرنا أو ألوان ملابسنا وطولها وعرضها ومساحتها الكلي؟
وسواء أتفق الدين مع شكلي أو مع ملبسي أو اختلف، من يحاسب؟ ألمجتمع ؟ أم أن لهذه الدنيا ربا؟
هذا الرب قد اعطى لكل منا فرصة، أن يعيش لمدة لا تزيد ولا تقل عن العمر المكتوب له، يفعل فيها ما يشاء، يلبس فيها ما يشاء، يشرب فيها ما يشاء، يختار دينه الذي ارتضاه هو لا الناس، ولا المجتمع ، ولا دكتور الجامعة، ولا إمام المسجد، ولا قسيس الكنيسة، ولا أي منكم.
الدين نفسه، اختيار، لا حق لأحد أن يعقب على معتقد آخر ولا يلزم عليه أن يعتنق فكرة، أفلا تكون قصة الشعر وطول الملابس اختيارية؟
وما العظيم المؤرق للمجتمع المصري في شكلي؟ أو في تنورتها القصيرة لتعاقب بالسب واللعن في الطرقات؟
وكأن مشاكل الدولة كلها قد حُلت وبقيت تلك المشكلة الجليلة كالغُصة في حلق الناس، وكأنهم قد حققوا كل ما تمنوا وحصلوا على ما يكفيهم من حقوق مسلوبة منهم منذ أبد الآبدين وبقيت قصة شعر الشاب التي لا تليق أن تكون قصة شعر شاب مصري \”راجل\” في نظرهم.
والسؤال المُلّح جداً هنا هو: وأنتوا مال أهاليكوا؟
لابسة ولا قالعة ولا حاطة ولا مش حاطة؟ مطول شعره ولا مقصره ولا حالقه خالص، برضو أنتو مال أهاليكوا؟
المشكله هنا متعددة الحدود، فالشارع المصري يتعامل بمبدأ السياده للأقوى، القوي من حقه أن يعقب على الضعيف، ومن حقه أن يجهر بذلك، ومن حقه أن يمد يده لينهش لحم الضعيف، وعلى هذا الأساس تربى الصغار وصاروا كبارا يحملون أعضائهم الجنسيه فوق أكتافهم أو في أدمغتهم، فهي تحركهم كما تشاء، والذنب ذنب البنت.. ما هي برضه تستاهل عشان لابسة مش محترم!
وحتى الآن لا نعرف من هو واضع مقياس اللبس المحترم من غيره؟ أو على سبيل المرح والتسلية، فما المشكل في أن يتسلى مجموعة شباب بفتاة؟ فواحد يلقي كلمة، وواحد يلقي طوبة، وواحد يلقي يده تسرح في جسدها.. ما المانع؟ والشارع.. لا حس ولا خبر.
الشارع الذي لطالما جعل نفسه قاضيا يحكم، وينهي ويأمر ويُكّفِر ويُفسق، تنازل عن القضية، لأنه يرى من وجهة نظره أنها مخالفه لما اعتادته عيناه من رداء يجب أن ترتديه، أو لأنها.. تستاهل.
المشكله ليست في لبسها، ولا في قصة شَعره، ولا في قوانين تُسن ليل نهار للحد من إنقضاض الحيوانات الذكوريه على الغزلان الأنثوية الضعيفة المحنية بأمر من الشارع المصري، بداية من تعليمها أنها ضعيفة، وأنها لا تستطيع الدفاع عن نفسها، إنها يجب أن تخضع.. فقط لترضي رجولة الرجل ولا تمس كبرياء رجولته.
المشكله في العقول التي تربت على أن لها الحق في التعقيب طالما أنه ليس على كيف أهاليها.. المشكله في ثقافة تكونت منذ سنين على أن البنت مجرد آلة جنسية لتفريغ الحيوانات المنوية، المشكلة في السكوت والخصوع والإذعان وقلة الحيلة.
المشكلة نحن.