كل ما باقرأ خبر عن موت مساجين بسبب الحر، صدري ينقبض وأشم نفس ريحة الرطوبة وأحس بنفس الخنقة.. حتى باحس بنفس لسع القمل اللي هرا جتتي في تخشيبة قسم أول شبرا الخيمة اللي اتحبست فيها 4 أيام سنة 2006.. وكنا في مايو يعني الحر لسه في أوله.. وحتى لما باخرج في أي مكان فيه هوا عشان أعرف أتنفس، بحس بنفس إحساسي لما كنت باضطر أطلع على حيطة الحمام المفتوح اللي واخد نص متر في متر جوه التخشيبة اللي مساحتها يادوب 3 متر في 4 متر بعد ما أدوس على عشرين تلاتين بني آدم متكومين، عشان أطول الطاقة الوحيدة المتغطية بسلك جنب السقف.. يااااااااه.. تحط مناخيرك على السلك وتاخد نفس جامد مرة واتنين وثلاتة كأنك عطشان بقالك يومين في الصحرا ولقيت ميه.. وبعدين أرجع تاني أحس بالخنقة لما المعلم أشرف الساعاتي.. تاجر المخدرات اللي بيرعاني جوه التخشيبة بعد ما تعاطف معايا لما عرف أنا اتحبست ليه.. يحكي لي عن السجن اللي تحت مقر القسم.. زنازين تحت الأرض مفيهاش طاقة واحدة.. وإزاي مساجين فيها بتتعمي من الضلمة، وناس تانية بيجيلها جرب.. كل ما أتخيل اني ممكن أخوض تجربة السجن اللي تحت الأرض دي أموت من الرعب.. لغاية ما حصل فعلا ورحت أمن الدولة اللي في شبرا الخيمة تالت يوم .. صحيح زنازين أمن الدولة تحت الأرض ومقبضة.. لكن الزنازنة كان فيها طاقة بسلك جنب السقف.. يعني على وش الأرض.. يادوب تشوف جزمة أو كلب معدي (مفيش هناك غير الجزم والكلاب فعلا).. ريحة الرطوبة اللي طالعة من الحيطان بتعمل اختناق.. ويزيد الاختناق لما تبص على الحيطة وتلاقي المعتقلين اللي قبلك مدونين على الحيطان فترة الاعتقال باليوم.. الحيطان مليانة أيام وشهور.. بس الحمد لله قعدت هناك يوم واحد ورجعت التخشيبة تاني.. وخرجت بعدها بيوم.. بقيت عارف إزاي ممكن تموت من الحر في السجن.. الرطوبة المعجونة بالظلم والقهر والعجز بتزود الإحساس بالاختناق.. ربنا يكون في عون كل المظاليم والمحابيس في مقابر السجون.