في الصباح أخبرني صديقي أن الفرح يزيد من مناعة الجسم وبالتالي نصحني به كعلاج للسرطان, كان مزاجي سيئا للغاية، بينما كنت افكر طيلة النهار, إذا كان الفرح دواء فكيف سنأتي به؟ من أية صيدلية أو من أي عطار؟ ما هي الوصفة السرية للفرح؟ كنت ومازلت بحاجة حقيقية لفرح يملأ روحي فيحصنها من العطب, وبينما كانت مصر تفرح حسب الأخبار الرسمية وبرامج التوك شو, كنت ابحث لنفسي عن مسار صغير للفرح, كمجرى ماء يشق صخر قلبي المنهك من الحزن, جلست لاسأله من أنت يا أيها السيد الفرح كي اتعرف عليك واجلبك لقلبي؟ كي ارمم مناعة روحي المتهالكة؟ وإليكم بعض ما حصلت عليه من إجابات:
إنه ليس سهلا على الإطلاق, يحوم أحيانا فوق رؤوسنا كطيور عصية على الإمساك بها, يرفرف القلب كي يلمسه لكنه يعجز, هو العصي لكنه بسيط ورائق كجدول ماء صغير يلهو حوله الصغار.
لا أحد يدرك قيمته أكثر من المحزونين, فهم العطاشى حقا لقطرات فرح قليلة تجلو ذلك الصدأ الذي يغطي القلب, الفرح مثل رحمة الله يبسطه لمن يشاء ويغلق بابه عمن يشاء
الفرح كالذهب يلمع, لكنه قد يكون زائفا, كقطعة من الصفيح المطلي, كنت كلما تأملت الأفراح الشعبية ومظاهر الاحتفال الصاخبة, اشعر أن هؤلاء الناس يغطون على حزنهم المقيم بالضوضاء والصخب, الفرح الحقيقي لا يستلزم الضجيج للإعلان عنه, الفرح الحقيقي ينمو في صمت أو ربما تلازمه موسيقى رائقة تربط ما بين الأرض والسماء.
الفرح شرطه الحرية, فاذا شعرت أنك تستطيع أن ترقص كفراشة حول النور دون أن تخاف من الاحتراق، فاعلم أنك فرح حقا، وأنك تستحق الفرح, الفرح يجتاح القلوب الشجاعة، ولا يعرف القلوب الخائفة, والفرح لا يأتي أبدا دونما حرية.
الفرح هو ابن المحبة, فإذا كنت تكره، فاعلم أنك غير قادر على الفرح, وهو أيضا ابن البساطة، فإذا ارتديت قناع الزيف لتقابل به الناس كل صباح بشخصية مرسومة \”ع السنجة\” ليست بالأصل شخصيتك, ففي الأغلب لن تحصل على الفرح، ولن تقدم الفرح.
الفرح برئ يشبه الحليب الأبيض المحلوب لتوه, دافئ وممتلئ بالعطاء لا يعرف عنه شيئا أولئك الذين تلوثوا بالأطماع الدنيوية وصارعوا من أجل قطعة صغيرة من كعك التراب الذي يتصارع من أجله البشر.
الفرح كالموسيقى لا يشبهه شيئا ولا تعرف من أين يمكن أن تستخلصه، لكنه حين يأتي يتسرب لروحك ويغلفها بذاك البريق المتوهج, وحين يأتي ستشعر أنك أقوى مخلوق على وجه هذه البسيطة.
الفرح هو نفحة من نفحات الحياة, ليس للظلمات فيه شيئا، ولا يستطيع أن يقدمه لك المستبدون ولا الكاذبون ولا الغارقون في الأوهام.
لا تفسدوا براءة الفرح, دعوه مخفيا وسط براعم زهرة لوتس عتيقة, طافية على وجه بحيرة الكون, ما زال قلبي يبحث عنه, وربما هو يبحث عن قلبي المثقل بالهموم, ربما نلتقي.