عبدالرحمن جمال يكتب: مسببات السعادة

إزاي البحث عن السعادة يبقى سبب للتعاسة؟!

البشر عاوزين يبقو سعداء.. شركات الإعلانات بتلعب على النقطة دي.. اشتري عربية أكبر بيت أحسن أو اشرب كوكاكولا.. والمجتمع يقولك عشان تبقى سعيد، لازم يبقى معاك فلوس ومركز وتتعلم أحسن تعليم، عشان يبقى سعيد ويتحول الإنسان لماكينة باحثة عن السعادة.
هل ده حقيقي؟ هل لو بقيت أغنى ومتعلم أحسن وعندك كل الرفاهيات هتبقى أسعد؟

الدراسات بتقول إن البحث عن السعادة بيخليك مهما حصل، مش هتبقى سعيد، بل وربما يكون من أسباب الاكتئاب.. الجري وراء السعادة بيوقعنا في أربع مشاكل رئيسية:

المشكلة الأولى: إنك عشان تقيم كونك سعيد، لازم تقارن بين سعادتك الحالية وسعادتك قبل كده، وده بيطلعك من مود اللحظة لمود التقييم، وده بيقتل التجربة.. الأبحاث بتقول إن البشر أثناء التجرية اللي بتستهلكهم وبيندمجوا فيها.. رواية جميلة.. معاد غرامي.. أكلة حلوة، مش بيقولوا هم سعداء ولا لأ أثناء التجربة، وإنما بيعيشوا الحالة، وبعدين يقولوا إنهم كانوا في لحظة من أسعد لحظات حياتهم.. بحثك عن السعادة ومحاولات تقييمك ليها طول الوقت، بتضيع منك المود، وبالتالي لا تشعر بالسعادة.

المشكلة الثانية: المبالغة في تصور أثر الحادث الجديد على سعادتنا، زي عربية جديدة أو علاقة جديدة في الأول، هنبقى سعداء، لكن للأننا مبالغين في تصورنا، ومش مدركين أثر التعود على سعادتنا، ومع انطفاء وهج الحاجة الجديدة، تبتدي تحس إنك مش سعيد، ولسه محتاج تدور عن السعادة.. حتى لو كسبت ملايين في لوتري (يانصيب) الأبحاث بتقول إن بعد ست شهور، هتتعود وترجع لمستوى سعادتك العادي.

المشكلة الثالثة: التركيز على السعادة بيخليك أكثر شعورا بالوحدة، لأنك بتجري في التراك اللي متخيل إنه هيوصلك للسعادة.. الدراسات بتقول إن كل ما زاد اهتمام الشخص بالبحث عن السعادة، زاد إحساسه بالوحدة.. البشر في حياتك من أسباب السعادة.

المشكلة الرابعة: البحث عن السعادة القصوى ..إنك تكون بتدور على أعلى لحظات السعادة، بيخلي أي حاجة سعيدة تحصلك من السهل إنها تصيبك بالإحباط، لأن مش دي السعادة اللي أنت عاوزها، فتتحول أسباب السعادة لأسباب اكتئاب، والدراسات كمان بتقول إن السعادة بتزيد بتكرار التجارب السعيدة مش بقوتها.

إيه الحاجات اللي بتخلينا سعداء فعلا؟

طريق السعادة 
إيه اللي بيخلي البشر سعدا؟

السؤال اللي كل الناس عاوزة تعرف إجابته، وكل واحد بيفترض إجابة وبعدين يجري وراها في حالة من القلق والسعي المتواصل، أحيانا بيكون صح والأكتر بيطارد سراب السعادة.. إيه اللي بيخليك فعلا سعيد؟

معادلة السعادة :
لحساب السعادة، العلماء بيستخدموا المعادلة دي
H=S+C+V
H  يعني مستوى سعادتك النهائي.

S هو نسبة السعادة اللي أنت وارثها في جيناتك.. كل واحد مننا له مستوى من السعادة بيختلف من شخص لآخر، وده بيبقى حوالي 50 % من مستوى سعادتك الكلي.

C الظروف القهرية، ودي الحاجات اللي مابتقدرش تغيرها.. لونك.. شكلك.. مستوى جادبيتك للجنس الآخر.. صحتك، على الرغم من إنك قد تعتقد أن الحاجات ليها تاثير كبير على سعادتك، إلا أن ده مش حقيقي بسبب التعود النفسي اللي بيخلي الظروف دي مش مؤثرة بشكل كبير.
V  الظروف الاختيارية، زي الوظيفة وزي العلاقات وسكنك وهواياتك، وهي دي اللي ليها أعظم تأثير على سعادتك ومش بتتأثر بالتعود زي باقي الظروف اللي مفروضة عليك، عشان كده لازم تدور على الحاجات اللي بتخليك سعيد فعلا وتعملها.
أبحاث كتير اتعملت عشان توصل للسعادة، ووجدو إن فيه ثمانية مناطق مرتبطة أكتر بالسعادة دي.. الحاجات اللي العلم توصل لأنها بتسبب السعادة:

المال:
مفيش موضوع بيثير النقاش أكتر من سؤال: هل الفلوس بتشتري السعادة؟ بمجرد طرح السؤال هينقسم الناس في الإجابة لفريقين.. فريق المال لا يشتري السعادة، وفريق أن السعادة لا تشترى بالمال، وطبعا النقاش لا ينتهي.
البحث المنشور في مجلة Proceedings of the National Academy of Sciences  بيقولنا الإجابة، حيث اكتشف الباحثون أن الدخل بعد 75 ألف دولار في السنة لا تاثير له على السعادة، تبين أن المال يجلب السعادة ظول ماهو بيلبي حاجاتك الأساسية وهامش معقول زائد، لكن بمجرد ما تصبح من الطبقة الوسطي والمال اللي تملكه أكتر مما يلبي إحتياجاتك مهما زودت في دخلك مش هتبقى أسعد، وإن كان العلماء اكتشفو أن أغلب البشر سواء كانو أعنيا أو فقرا عندهم وهم إنهم هيكونو سعدا لو دخلهم زاد كمان 20 %
لو دخلك كويس للحد اللي مغطي احتياجاتك الأساسية وزيادة، بعدها الفلوس مش هتشتري لك السعادة.. اتضح أن الفريقين صح.. الفلوس بتشتري السعادة، لكن ليها حدود.

حيازة الممتلكات (الشراء) :
كيف تنفق أموالك بطريقة تسعدك.. سؤال إجابته الجاهزة عند الغالبية.. هات بيت أكبر وعربية أكبر ولبس أغلى، وهكذا.. مع الأسف الحاجات دي مبتزودش السعادة، لأنك بتحس بدفعة سعادة أثناء الشراء بس، بعد ما هتركب عربيتك الجديدة أول أسبوع هتبتدي تتعود عليها، وتبقى في الآخر مجرد وسيلة نقلك معتادة التأثير النفسي، ده اسمه: “hedonic treadmill\”
وكمان مستوى سعادتك بالأشياء بتاعتك، بيعتمد على المقارنة مع غيرك، هتفضل الشاشة الـ full HD تعجبك، لغاية لما جارك يشتري الشاشة الـ 4k  فهتبتدي تتطلع إنك تشتري غيرها، وهكذا.
الأبحاث اكتشفت إنك تنفق أموالك في المجتمع في الأعمال الخيرية أو إنك تهادي بيها حد، بيخليك أسعد، وسعادتك بتستمر لفترة طويلة.
بس لأنك هتقولي إنك جاي عاوزنا نصرف فلوسنا كلها في الخير بس.. فيه طريقة تانية تكون بيها أسعد، بدل ما تشتري أشياء، اشتري تجارب بفلوسك.. اطلع رحلة أو حفلة أو كل أكلة كويسة في مطعم.. ادخل سينما مع صحابك أو حبيبتك.
الناس اللي بتصرف فلوسها بالطريقة دي، بيكونوا أسعد على المدى الطويل، وكمان مش بيتعودوا على مستوى السعادة زي اللي بيشتروا ممتلكات.. دول بيكونو ذكريات كل ما يعدي عليها الزمن تبقى أجمل، والمنغصات اللي فيها تختفي من الذاكرة، ليصبح استعادة التجربة سعادة خالصة.. ده غير إن التجارب بتزود خبرتك وبتديك قصص تحكيها، وده سبب للسعادة.

التنقلات والمرور :
المواصلات وطول فترتها، واحدة من أكتر أسباب التعاسة.. مع إن الناس بتعتقد إنك لو بتشتغل في مكان بعيد، ومواصلاتك بتاخد وقت طويل، مش هيأثر على سعادتك لو بتاخد فلوس أكتر أو لو اشتريت بيتك بعيد، لكنه أكبر وأرخص ..في الحقيقة لا, التنقلات والمواصلات من أسباب التعاسة اللي بتأثر على البشر، بتستهلك وقت وتوتر وبتاخد من وقتك مع العيلة، وكمان مش بيتعودوا عليها، لأن المرور بيتغير كل يوم، وزي ما أحد الدكاترة النفسيين قال: 40 دقيقة مواصلات، هي أربعين دقيقة مختلفة من الجحيم كل يوم .

دايما اختار السكن الأقرب للشغل، حتى لو أغلى، واختار الوظيقة الأقرب، حتى لو أقل في الراتب.
الوظيفة :
مفيش سبب جالب للقلق والتوتر للإنسان أكتر من تساؤله: هل هو اختار الوظيفة الصح، ولو عاد بيه الزمن واختار وظيفة تانية، هل هيكون أسعد؟
في الحقيقة الأبحاث بتقول إن في وظايف معينة أكثر جلبا للسعادة من الأخرى.
الوظائف الاجتماعية اللي بتتصمن تقديم خدمة للآخرين، زي مطفئي الحرائق، وزي معلمي ذوي الاحتياجات الخاصة.
الوظيفة عشان تخليك سعيد محتاجة أربعة شروط:
– إنها تكون بتحفزك على التظور بدون ما تصيبك بالاحباط.
– ليها أهداف واضحة.
– الاستجابة والنتيجة بتاعتها واضحة وتقدر تقيمها بسهولة.
– تعطيك إحساسا بالسيطرة.
أما وظيفتك تكون دي مواصفاتها، أو تدخل المواصفات دي على وظيفتك الحالية، حتكون أسعد.

مكان سكنك:
دايما بتسأل نفسك: هل لو هاجرت مكان جديد، هتكون أسعد؟
في بحث اتعمل على 27 ألف شخص، اكتشفو إن مش بس مكان سكنك من أسباب السعادة، كمان من أهم تلات عوامل بيأثروا على سعادتك بعد الوظيفة والعلاقات.
السن:

دايما بتفكر.. أنا لو رجع بيا الزمن وصغرت، هبقى أسعد؟
صحيح إن السعادة بتزيد عند عمر الـ 18 سنة، وبتبتدي تقل لغاية خمسين سنة، بعد سن الخمسين تبتدي مستويات السعادة تعلا، لغاية لما توصل إن مستوي سعادتك وعمرك 85 أكتر من مستوى سعادة الولد اللي سنه 18 سنة.. والجميل كمان إن العلماء لما حاولوا يوصلوا لسبب سعادة الكبار في السن، لاقوها غير متعلقة بالجواز أو الفلوس أو الأولاد.. سعادة بدون سبب واضح.. مخك بيقرر بعد الخمسين إنه كده مبسوط، وأنت كمان بتتبسط أكتر.. إنك تعجز ما طلعتش أسوأ حاجة في الكون ولا حاجة.
العلاقات:
الانسان كائن اجتماعي بطبعه، تطورنا واستطعنا البقاء لقدرتنا على تكوين جماعات في عصور ما قبل التاريخ.. النفي خارج الجماعة، كان عقوبة أسوأ من الموت.
الدراسات تتوالى مؤيدة نتيجة واحدة.. العلاقات الإنسانية هي العامل الأهم في تحديد مدى سعادتك.. كل ما مدى علاقاتك كبر، وكل ما علاقاتك كانت أفضل، كل ما كنت أنت أسعد.
أيا كان نوع شخصيتك.. منفتح أو انطوائي.. الخروج مع الناس وعمل علاقات، مهم لسلامتك النفسية ولسعادتك.
العلاقات تعطيك إحساسا بالانتماء والهوية والأمان والدعم والمرح.. اللي عندهم أصدقاء وعلاقات أكتر، أسعد وأقل إصابة بالاكتئاب، ببساطة لأن عندهم كتف يبكوا عليه لما يحزنوا، وإيد يمسكوها لما يفرحوا.
الجنس:
سؤال آخر شائك.. هل لو مارست الجنس أكتر، ستكون أسعد؟ وكم عدد النساء اللازم لتحقيق أعلى معدل من السعادة؟
لو مارست الجنس أكتر، ستكون أسعد أكيد طبعا.. لو أنت زودت ممارستك للجنس من مرة في الشهر، لمرة في الأسبوع، معدل سعادتك مساو لمعدل سعادتك لو دخلك زاد 50 ألف دولار دفعة واحدة.. بعد ما يبقى الجنس مرة أسبوعيا.. الزيادة مش هيبقى تأثيرها كبير أوي
على سعادتك.
طيب.. عشان تكون أسعد.. تمارس الجنس مع كام واحدة في السنة؟ 10 ولا 20 ولا 100؟
الأبحاث بتقول إن لما تعمل جنس مع واحدة بس، مستوى سعادتك بيكون أعلى من لو مارسته مع 100 واحدة!

الخلاصة :

العوامل اللي بتزود السعادة هي:
– دخل سنوي 75 ألف دولار على الأقل (اعتقد حسبة 100 لـ 150 ألف مصري في السنة أو أكتر)
– انفق أموالك على اللي حواليك، وعلى التجارب الجديدة، وعلى الأعمال الخيرية.
– اسكن قريب من شغلك.
– إنك تكبر في السن.
– وظيفة مرضية.
– علاقات اجتماعية قوية.
– علاقة جنسية منتظمة مع شريك واحد.

لو أنت بتعمل أي حاجة من اللي جاية.. يبقى أنت بتضيع وقتك:
– بتحاول تكون ثري ثراء فاحش.
– بتتمنى إنك تكون أصغر في السن.
– بتشتري حاجات كتير مالهاش لازمة.
– بتركب مواصلات كتير لشغلك.
– بتكره التجمعات البشرية.

– كونك أعزب لا تمارس الجنس.

السعادة ناتجة عن سلوكك وطريقة تفكيرك.. فكر في اللي في إيدك، وحاول تستمتع بيه، وتعيش معاه، وابعد عن المقارنات والتفكير في اللي مش معاك، بالتاكيد هتكون أسعد.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back To Top