يثبت صناع هذا المسلسل مدى صحة الكليشيه القديم بأن الإغراق في المحلية يؤدي للعالمية, حينما يحاولون الإغراق في العالمية، فيفشلون في إدراك لا هذه ولا تلك.
لم أكن أنتوي – وحشة دي قوي, بس خليها مش مشكلة- أن أكتب عن هذا المسلسل رغم أنني تحمست لوجود مادة جذابة من مشاهدة إعلاناته المتكررة قبل أن تبدأ المطحنة الدرامية في رمضان, ربما من وقفة ديفيد كوبرفيلد المصطنعة لبطل المسلسل على المسرح حيث يقوم بدور ساحر (أو صانع خدع illusionist بالمصطلحات المعاصرة).. المصحوبة بابتسامة جوني ديب من فيلم \”قراصنة الكاريبيان\” والتي تفيض ثقة وسخرية في وجه المخاطر، لكن بمشاهدة الحلقة الأولى فتر حماسي قليلا بعد أن بدأت أوقن بأن الأمر لا يتعدى هذين.. الوقفة والابتسامة, ديفيد كوبرفيلد وجوني ديب.. الغريب أن هذا الحماس عاد من جديد وللغرابة بسبب نفس الطابع الغالب على العمل, فالأمر لم يتوقف عند جوني ديب وديفيد كوبرفيلد.
وجدت نفسي أمام كوكتيل رائع يجمع في الأداء والأحداث والخط القصصي الرئيسي وبعض الخطوط الفرعية ما بين أفلام الـ Heist أمثال سلسلةOcean لـ\”ستيفن سودربرج\” وحتى Now you see me الذي يلعب فيه السحر والخدع دورا مهما أيضا.. أضف إلى ذلك بعض من أفلام الجريمة ذات \” التويست\” مثل Wild Things مع بعض الـFemme Fatale في تصميم وتفاصيل شخصيتي \”شيرين عادل\” و\”هبة مجدي\”.. إضافة بالطبع لأداء \”يوسف الشريف\” البلاستيكي الذي يعطي كل هذا اللمسة الأخيرة فقط، ليتبقى شعار mbc 2 في ركن الشاشة الأعلى لكي يكتمل الهدف الذي صنع المسلسل من أجله وهو مخاطبة جمهور هذه القناة في العالم العربي من خلال قنوات عربية أخرى مع طموح مستقبلي للوصول إلى المشاهد في مانهاتن وستاتن آيلاند وأورانج كاونتي كاليفورنيا.
إذن ليس هذا بالأمر الجديد في الواقع, فالتغريب واستلهام التيمات والحبكات من السينما والدراما الغربية موجود لدينا منذ قامت \”ليلي بنت الأغنياء\” بالهروب بالسيارة من منزل عائلتها لتقع في غرام الصحفي الوسيم \”أنور وجدي\” سنة 1946 بالاقتباس عن فيلم it happened one night من سنة 1934 وحتى شاهدنا فيلم \”كابتن مصر\” مؤخرا بقائمة اقتباسات ملأت الكادر بكامله في التترات, والأمر ليس بهذا السوء بالذات لو تم نسب الفضل لأهله بشكل صريح، وكان العمل متوازنا يهدف لاستخدام الاقتباس في خلق عمل جيد ووسمه بطابع يقترب من المشاهد في السوق التي يتم طرحه فيها, لكن المختلف أو الملفت هنا هو أننا أمام حالة فريدة من التغريب الذي لا يتوقف عند اهمال هذه المبادئ الأولية, ويذهب إلى العناصر الأخرى الأكثر إنسانية، والتي لا يمكن تصنيفها تحت مظلة ثقافة بعينها، والتي أيضا كان من الممكن أن تستخدم لخلق دراما جيدة مثل التنافس الأخوي على خلفية ظلم أحد الأخوين (لم يساعد أيضا أن يكون مؤدي الشخصيتين هو نفس بطل المسلسل)، وتجاهل الوالد له، أو التمرد على سلطة الأب الذي تمارسه إحدى الشخصيات بتسريب معلومات عمل أبيها الذي تكرهه إلى منافسه.. كل هذه التفاصيل لم تسلم من الأداء الباهت والحوار المتذاكي المعبأ بالكليشيهات, وربما لم يسلم من هذه المذبحة سوى العائد من دراما التسعينيات \”محمد رياض\”، الذي قدم دورا جيدا في أدائه لدور المحامي الانتهازي عديم المبادئ.
الكثير من المؤامرات والقتل والملابس الجلدية الضيقة والخدع السحرية وغير السحرية والحواجب المرفوعة والعبارات الواثقة من مدى خطورة أصحابها ونفوذهم وقدراتهم المالية أو الإعلامية أو الجسدية والذهنية أو الاحتيالية، وغيرها تضفي الديكور النهائي والحشو الذي يملأ جوانب هذه القصة الهزيلة، والتي يمكن استبدالها بسهولة ببعض مسلسلات وأفلام الأكشن والإثارة الأمريكية من الدرجة الثانية والتي بغض النظر عن مدى تفاهتها ستكون في النهاية أكثر اتقانا واحترافية, وعلى الأقل لن تكون في معظمها اقتباسا ممسوخا من أي أعمال تصنع في دولة أخرى.