سارة هجرس تكتب: حدث بالفعل (13)

أعلم أني قد لا أكون خير من يتحدث عن حسن التخطيط المالي، أو تنظيم الميزانية المالية، أو حتى المتابعة والدراية بحركة دخول وخروج الأموال من وإلى حياتي بشكل عام، وبناءا عليه قد لا يحق لي التقييم أو التنظير أو حتى إبداء الرأي بهذا الصدد.. مفهوم.

لكن باختصار، اكتشفت مؤخرا أن (يحيي) ابني ذو الخمس سنوات.. بيحوش!!!

لم أتفاجأ بالأمر لمعرفتي بتلك النزعة الرأسمالية المتأصلة لديه منذ نعومة أظافره، الأمر الذي لم أتقبله قط، لكني ظننت أنه مازال مبكرا وغير ثابت، وعليه فليؤجل إلى حينه.

أنا: يحيى.. إيه الفلوس اللي في جراب الكاميرا دي؟

يحيى (وقد لاح في عينيه الاضطراب): دي فلوسي.. هاتيها يا ماما

أنا: فلوسك؟ طب الحمد لله، الورشة ماشية كويس يعني.. طمنتني!!

يحيى: !!!

أنا: فلوسك منين يعني؟ جبتها منين؟

يحيى: يا ماما ربنا هو اللي بيجيبلنا الفلوس

أنا: الله الله يا فضيلة الشيخ، ونعم بالله طبعا، ربنا يزيدك من نعيمه.. منين برضه يا عم الحاج؟ ما هو مش كل ما تتزنق تطلع بالسبحة.. قديمة!!!

يحيى: الحمد لله

أنا: منين الفلوس دي يا نيافة الأنبا؟؟ إخلص!

يحيى (وقد فطن أن لا جدوى من الإنكار): يعني يا ماما، لو ماجبتش بمصروفي حاجة باشيله، لو آدم ماجبش حاجة بمصروفه باشيله، لو السوبرماركت جاب باقي باشيله.. كده!

(مزاجنجي في الكيف بالظبط… عيب وبلاش أنا، عيب، ده إحنا كسيبة ومخلّصين وبنعرف نجيب القرش من بذر العنب)

لكن لم ينته الأمر عند هذا الحد، وتضخمت ثروة (يحيى)، وانتفخ كيسه بالعملات المعدنية والورقية (وده مريب)، وأصبح يواظب بانتظام على عد ثروته وتحسس القطع المعدنية بشبق جنوني ولذة متوحشة، فعاودت السؤال والتحقيق…

أنا: يحيى.. أنا شايفة إن ربنا فتح عليك والبلية لعبت!

يحيى:…

أنا: سؤال معلش.. جبت الـ 20 جنيه الورق دي منين؟

يحيى (بأريحية شديدة): من على الـ shelf (الرف)

أنا: والـ 10 جنيه دي؟

يحيى: من شوشو (جدته)

أنا: ودول؟

يحيى: من فوق المكتبة اللي عند جدو سعد تحت

أنا: ممم.. ماشي يا يحيى، أظن آن الأوان إني أكلمك عن الفرق بين التحويش والنشل! وبكرة نتكلم عن الفرق بين التحويش والتسول، والسرقة بالإكراه.

يحيى:؟؟؟؟؟؟؟ إيه يا ماما؟؟؟ عايز ابقى غني!!!

أنا: واحد خريج تانية حضانة عايز يبقى غني ليه؟؟؟ ركز يا حبيبي في مذاكرتك، التيرم ده تقيل وفيه حرف الـ (ظ)، علشان تكبر وتشتغل وتجيب فلوس.. هي دي الطريقة المحترمة الوحيدة اللي بتجيب فلوس.. إنك تشتغل! بس تقليب الناس ده ماينفعش يا حبيبي! الحجر الداير لابد من لطه!!!

واقترحت عليه أن يصفي تجارته ويتفرغ لشهادته ومستقبله، كما بدأت ألفت نظره إلى إحتمال هبوط قيمة ثروته النقدية عند وصوله لسن البلوغ مثلا وأشياء من هذا القبيل، وهو يستمع إلي لدقائق لم تتحول فيها عيناه عن كيس الفلوس!

شوية وسمعت صوت كاميرا.. التفتت إلى مصدر الصوت لأجد (يحيي) يلتقط لي صورا متتالية بلا توقف وهو يبتسم لي ابتسامة مصطنعة لزجة بوجهه الطفولي البريء الخالي من أي أثر لشبهة استغلال أو تملق.. بس على مين؟؟ اللي مربي قرد يعرف نطه!!!

أنا: إيه يا يويو؟ بتصورني كتير ليه كده؟

يحيى (مبتسما): لأنك امرأة جميلة (اه والله… بالفصحي!)

أنا: يحيى!!!

يحيى: نعم؟

أنا: مش هاديك فلوس على فكرة! ودي مش شغلانة لعلمك!

أنزل (يحيى) التابلت من يده محبطا.. ولف فورا وراح أوضته.

اللي غايظني ومعصبني وحارق دمي مش إنه نصاب ومدلس وحلانجي ومادي بس! أبدا.. دي قديمة جدا، الفكرة إنه حسسني بشعور الثرية الشمطاء اللي قرر يتودد لها ويثبتها في آخر أيامها علشان كل فرصها في الحياة تلاشت من زمان!

(خلاص إيه يا مدام فنطاس؟؟؟ أنا مايملاش عيني البنات الصغيرين المفعصين، أنا مايعجبنيش إلا الأنوثة الناضجة، اللي زيك كده)

وجع!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back To Top