محب سمير يكتب: حكاية "البابا بتاعنا" والمليون جنيه

في بداية عام 2012 أفسدت علي وفاة (نياحة علشان المسيحيين مايزعلوش) البابا شنودة الثالث مجهود أكثر من عام في جمع وتوثيق وكتابة مادة عن مواقف وأخطاء البابا شنودة طوال تاريخه الطويل، وكنت بالفعل قد انتهيت من كتابة أكثر من نصف الكتاب، وبعض فصوله نشرت في صورة مقالات، قبل أن يفعلها البابا ويرحل عن دنيانا، فأقوم أنا بالطبع بالتراجع عن استكمال الكتاب، من باب: \”اذكروا محاسن موتاكم\”، وكمان مايصحش أهاجم الرجل وهو غير موجود في الوجود.

قلت قشطة، خيرها في غيرها، ونفتح صفحة جديدة مع البابا تواضرس الجديد.. واللي الحقيقة خيب كل الظنون الحلوة ومارس نفس أخطاء البابا السابق، بل تفوق عليه بوضع \”التاتش بتاعه\”.. ما يجعل أي حد ممكن يكتب كتابا مثيرا من الحجم المتوسط عن  \”البابا بتاعنا\” منذ جلوسه على كرسي البطريرك، لكنني لن أفعلها طبعا.
آخر ما اتحفنا به البابا تواضرس، ما قام به بعد زيارة \”قناة السويس الجديدة\” بالتبرع بمليون جنيه للقناة باسم الكنيسة الأرذوكسية، كما نشرت الصحف التي غطت زيارة البابا لموقع العمل بالمشروع \”الأسطوري\” كما أكد سيادته (قداسته علشان المسيحيين مايزعلوش)، وده طبعا تنفيذا لوصية المسيح \”اعط ما لقيصر لقيصر وما لله لله\”.
كنت أقرأ الخبر أمام ابن شقيقتي \”رامز\”، الذي جاء من الصعيد ليقضي شهور الإجازة الصيفية في \”مصر\” قبل دخول الشهادة الإعدادية العام القادم.
بادرني الفتى فورا بالسؤال بلهجته الصعيدية لفتى صوته بدأ يخشوشن استعدادا لدخول مراهقة مبكرة:
\”يالهوي يا خالي.. هو البابا معاه مليون جنيه؟\”
الملاحظة ذكية طبعا، لكنها مش عبقرية، وابن أختي مش عبقري ولا حاجة.. فأي عيل ناصح هايسمع خبر زي ده هايسأل فورا: \”هو البابا تواضروس هايتبرع بالفلوس دي من حساب مين؟\”.
عن نفسي خفت أن أقول للولد إنني أجهل إن كان للبابا حسابات شخصية في البنوك، أم أن هذه أمور دنيوية محرمة على رجل دين في وضعه، لكن الخبر المنشور يقول إن \”التبرع باسم الكنيسة المصرية والشعب القبطي\” يا ابن أختي.. اللي هو أنا وأنت وبابا وماما والمسيحيين الفقراء اللي في البلد.. على الفور تبادر لذهني صورة صندوق النذور في كنيستنا المحفور عليه آية: \”هاتوا العشور وجربوني\”، وأنا أضع فيه يوم الأحد \”الربع جنيه\” هو نصف مصروفي عندما كنت في مثل عمر \”رامز\” الآن.
\”مليون جنيه\” من الكنيسة المصرية والشعب القبطي، تضاف لملايين كثيرة تم جمعها تحت اسم \”مشروع القناة الجديدة\” من أقباط ومسلمين وخلايجة وملحدين على كل لون ودين يا تبرع.. ولما نشوف آخرتها.. حتى لو لم ير أي مصري (مسلم أو مسيحي) مليما أحمر من كل تلك الملايين.
لكن ما يهمني الآن هو \”المليون جنيه\” بتاعة الكنيسة، والتي جعلتي أفكر مثل \”رامز\”، لكن بصورة أعمق شوية، عن حجم أموال الكنيسة وطرق صرفها، ولن أكون متطرفا مثل صديقي المسيحي العلماني الذي طالب بعد قراءة الخبر بمعرفة \”أموال الكنيسة بتروح فين\” ومين المسئول عنها؟ وتذكرت على الفور الحديث عن موضوع ميزانية الجيش ومناقشتها أمام البرلمان بكل شفافية.. طيب مش لما يكون فيه برلمان الأول.. لما تفتح محطة مترو \”السادات\” الأول.. ياعم خلينا في أم \”المليون جنيه\”.

البابا تواضروس سيء الحظ في تصريحاته وقراراته السياسية.. أيوه السياسية.. أو يمكن غشيم بحكم حداثة عهده بالمنصب، وهو في النقطة دي ليس وحده فقط اللي \”محدث كرسي\” وبيتحفنا بكلامه وتصريحاته وقراراته، فلم أفهم تفسير حضرته (قداسته علشان المسيحيين مايزعلوش) لشعار قناة السويس (ق.س)، حيث قال، بعد تبرعه بالمليون على طول، إنه \”يرى أن الشعار ترمز فيه القاف إلى قمة الأداء، والسين إلى سيادة المشروعات\”، وطبعا زي ما أنت شايف وبتقرا.. ده أي كلام والسلام.
وكان البابا قد خرج علينا الشهر الماضي يصرح للإعلام بأن \”مصر زي الفل\”.. قبل أن يرد عليه نفس ذات الإعلام بفيديو مؤلم ومهين لتهجير عدد من أسر أقباط بني سويف بعد حكم جلسة عرفية، وهو ما يخلينا برضه نذكر \”المليون جنيه\” وكم أسرة قبطية مهجرة بعد حرق ممتلكاتها، تستحق ملايين الكنيسة بعد أن خذلتهم وطردتهم مصر \”اللي زي الفل\” كما قال \”البابا بتاعنا\”؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back To Top