د. أحمد أبو القاسم يكتب: علشان لو جه مايتفاجئش

مما لاشك فيه أن زيارة المهندس محلب لمعهدي القلب وتيودور بلهارس، أثارت الجدل كثيرا، خصوصا ردود أفعال الأطباء, الذين رأوا اندهاش رئيس حكومة مصر من سوء حال المستشفيات الحكومية وما تبعه من تصريحات لوزير صحته من نوعية \”ماتحبطونيش\”، هي عبارة عن مسرحية هزلية غرضها الوحيد هو إيصال رسالة للمواطن البسيط أن الحكومة ستحارب الفساد في الصحة، والمتمثل في غياب الضمير لدى الفريق الصحي، وعلى رأسه الطبيب.

طيب! تحدثت منذ فترة هنا في مقال بعنوان \”لماذا لا يحب الأطباء وزارتهم\” عن قضية مهمة تمثل حجر زاوية في إصلاح القطاع الصحي المصري، وهي غياب الانتماء لدى جموع الأطباء للمؤسسة الأم والمتحكرة لأكثر من 70% من القطاع الطبي المصري، وهي \”وزارة الصحة والسكان\”, وحتى لا يبدو كلامي معادا، فقد كانت فكرة المقال تصب حول مشاكل، أدت إلى انخفاض آداء الطبيب المصري داخل مستشفيات ومراكز الوزارة, إذن أنا – برغم كوني طبيبا – إلا أنني تحدثت عن الطبيب بإعتباره جزء مهم من المشكلة, وبالتالي جزء من الحل.

وماذا عن باقي المشكلات؟!

هل لو طبق القانون العسكري لمدة شهر مثلا – سنفترض أن أمر الإسناد الرئاسي للجيش بتطوير معهد القلب صحبه أحكام عسكرية- على  أطباء معهد القلب، وأحكمت الإدارة العسكرية قبضتها على دفاتر الحضور والانصراف, وتحقق ما يسمى في العسكرية بـ \”مقتضيات الضبط والربط, والأمد والرفت\”، وتمام الأطباء اصبح بشكل يومي أمام قائد الجيش, هل سيستطيع المعهد تقديم الخدمة المنوطة به؟ بمعى أكثر وضوحا، هل ستختفي قوائم الانتظار أمام عمليات قسطرة القلب؟!

اصبح السؤال واضحا أمام حكومة محلب!

وبخ وزير الصحة مدير معهد القلب، عندما قال له إن هناك نقضا في الإمكانيات اللازمة لعمليات القلب، فقال له الوزير: \”يعني علشان مفيش إمكانيات نموت الناس؟!\”

لا ياراجل؟! طيب نعالجهم إزاي.. نركب مصاصة ونقول عليها دعامة؟! مع العلم أن إجابة الوزير هي القاعدة العريضة أمام كل التنفيذيين بالوزارة ووحداتها.

قال لي مدير مستشفى حكومي، وأنا طبيب إمتياز حينما ابلغته بأنه لا توجد أمبولات مسكن أو مضاد للتقلصات أو القيئ بالطوارئ, فقال لي بالحرف الواحد: \”اسحب 10 سم محلول ملحي، واحقنهم للمريض وصرف أمورك\”!

خلاصة القول: الطب طب medicine is medicine , إما أن يدرك كله – زي ما قال الكتاب – أو يترك كله, وأكثر شخص ستجده سعيدا إذا ما طبقت المنظومة بشكل صحيح هو الطبيب, والدليل على ذلك أن أول من بادروا بنشر فضائح المنظومة الصحية في مصر، هم الأطباء أنفسهم, لم يداروا كما يفعل القضاة أو الداخلية، بل أعلنوا بكل شفافية في خلال أقل من 48 ساعة من زيارة محلب لمعهد القلب عن كوارث بالمستشفيات, وأطلقوا على الصفحة اسم \”علشان لو جه ميتفجئش\”، وفي خلال يومين وصلت الصفحة لجميع وسائل الإعلام – إلا المطبلاتية- في محاولة – سبقتها محاولات جادة من نقابيين لملف مصور لخرابات وزارة الصحة – للقضاء على دهشة رئيس الحكومة ووزير صحته وإطلاعهم على الوضع المميت للطبيب قبل المريض, علهم يرفعوا ميزانية الصحة لتجعل العمل بالمستشفيات آدميا.

أخيرا.. أجمل ما قرأته على الصفحة، ما كتبه أحدهم: \”رئيس الوزارء زار المستشفيات، فبكى على حال الفقراء, ثم بكى كثيرا, حتى أصابه الصداع، فقال للسائق: اطلع بينا على دار الفؤاد نقيس الضغط\”

للتواصل مع الكاتب:

Ahmed_aboelkasem2000@yahoo.com 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back To Top