مالك مصطفى يكتب: كريستال ميث.. الرعب (2)

(1)

ما بعد الحرب العالمية الثانية

أثناء الحرب العالمية الثانية, استخدم الحلفاء, ودول المحور على السواء الأميفتامين, والميثافيتامين, كمحفزات للنشاط والطاقة لجنودهم, احتاجوا جنودا خارقين, ووفر الميثافيتامين لهم ذلك.

بعد الحرب العالمية الثانية, تسرب مخزون الميث (اختصار ميثافيتامين) إلى شوارع برلين, وطوكيو, ترك الحلفاء ذلك المخدر يباع في شوارع الدولتين المنهزمتين, إلى العام 1952, حيث  تم تجريمه.

انتقلت معامل تصنيع وتخليق الميث إلى خارج اليابان وألمانيا, في أوروبا, أصبحت دول أوربا الشرقية وعلى الأخص شيكوسلوفاكيا (التشيك الآن) هي المنتج الأول والأهم للميث في أوروبا, قابلها في ذلك شرق أسيا, كمبوديا وتايلند, وفيتنام.

كانت كل تلك الدول تحت الاحتلال بشكل أو بآخر, فمن لم يكن محتلا من إحدى الإمبراطوريات القديمة, أحتل أو فرض عليه الحماية من قبل الأمريكان والسوفيت.

(2)

شركات الدواء

حاربت شركات الأدوية في أواخر الأربعينيات, حتى 1950, كي تأخذ تصريحا, من منظمة الأدوية والغذاء الأمريكية, ببيع الميث كدواء يحارب السمنة, ونجحت في ذلك, وأصبحت هناك إعلانات, كي تحصل ربات المنازل على حقن الميث, كمحفز للنشاط, ومحارب للاكتئاب والسمنة.

أصبح الميث في متناول الجميع, في تلك الفترة, ربات المنازل الذين كانوا أول من أكتشف قدرات الميث السحرية, في إمدادهم بطاقة غير نهائية, وانفصالهم التام عن واقعهم, بجانب ميزة جديدة, وهي قدرات جنسية غير عادية.

لم يتوقف الأمر عند ربات المنزل, انتشر إلى طلبة الجامعات, الذين احتاجوا إلى منبه, يعطيهم القدرة على السهر لأيام طوال, وأيضا إلى فرق موسيقى الروك والسيكاديلك, الذين انكبوا جميعا على ذلك المخدر السحري.

مع الستينات, حدث الانتشار الوبائي للميث, عن طريق الحقن, ولم تلتفت منظمة الدواء والغذاء الأمريكية إلى الخطر، إلا مع بداية السبعينيات, واكتشاف أثر المخدر على الجنود في فيتنام, فقامت بمنعه تماما من التداول التجاري.

(3)

فيتنام

بعد تجريم تصنيع وبيع الميث في اليابان 1949, وانتقال معامل تصنيعه إلى دول الجوار, أصبح مثلث كمبوديا-تايلند-فيتنام, هو معقل ذلك المخدر(حتى الآن, في تقرير أخير لجريدة الإندبندت البريطانية, قدر تقرير الأمم المتحدة, سعر قرص الميث, بأقل من سعر وجبة برجر في أحد مطاعم القمامة -Junk food- والتي قدرت بـ 5 دولارات, أو أقل)

ومع بداية تورط الولايات المتحدة في فيتنام, لنصرة الاحتلال الفرنسي هناك, ومحاربة تمدد الماركسيين الستالنيين (الماركسية الستالينية, هي إحدى النظريات التي تدعي الشيوعية, والتي قامت على فهم ستالين لأفكار ماركس) في جنوب شرق أسيا, والتي كانت مدعومة من الصين والاتحاد السوفيتي, عاد استخدام الميث بكثافة على الجنود, بجانب الكوكايين, قدرت إحدى الدراسات, المبنية على اعترافات جنرالات الجيش الأمريكي والجنود, أن ما تم استخدامه في حرب فيتنام من الميث, ضعف الكمية التي استخدمت في الحرب العالمية الثانية, من كل الدول المتحاربة, سواء دول المحور, أو الحلفاء.

كان الأمريكان في حاجة إلى جنود يحرقون الأرض والنسل, في حاجة إلى جنود يتحملون درجات الرطوبة العالية, والأمطار التي تهطل بالأسابيع دون توقف.

احتاجوا جنودا ينفذون الأوامر, ويرهبون الجميع, ولا يتوانون عن القتل والذبح والحرق, متى وكيفما طلب منهم ذلك.

كانت حرب فيتنام هي الأصعب على الجيش الأمريكي حتى ذلك التاريخ, فلم تكن هناك مبررات قوية لخوض حرب, في دولة تقع على بعد آلاف الأميال, ولا مصلحة للأمريكان في ذلك, غير دعاية متلاعبة, ورهاب شيوعية انتشر في كل مفاصل الدولة الأمريكية.

احتاجوا الميثافيتامين, على الرغم من توافر الكوكايين, بجودة عالية, وسعر متدني جدا, ولا تقارن أضراره بأي درجة من الدرجات بالميث.

لكن الميزة الأعظم في الميث, كانت عنفه, ودمويته, وهو ما كانوا يريدونه تماما.. (يمكن الإطلاع على صور الرعب التي حدثت في فيتنام, والتقارير التي تؤكد مدى سادية الجنود الأمريكان, التي فاقت ما فعله النازي, في بعض  الحوادث, من اغتصاب وقتل فلاحين فيتناميين, لمجرد التسلية)

مع بداية عودة الجنود إلى أمريكا, مع نهاية الحرب, وفي تكتم شديد, تم منع التداول التجاري للميث تماما من الأسواق, ومع المنع, وعدم وجود معامل تخليق (حتى تلك الفترة) انحسر تماما استخدام الميث في أمريكا, حتى بداية التسعينيات.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back To Top