الفلكلور.. تلك الفنون المحلية القديمة والجميلة.. الأغاني والقصص والأساطير والحكايات التي تعود إلى أزمنة بعيدة وسحيقة.. تراكمات الإبداع الجمعي للمجتمعات، وارتباط أفرادها الوجداني العميق بها إلى حد بعيد، فمن منا لم يترب على هذا الموروث الفلكلوري الثري؟ ومن منا لم ينمو وعيه عليه؟ والأهم.. من منا لم يتأثر به بشكل أو بآخر؟
وعليه.. أجلس بغرفة معيشتي أقوم ببعض الأعمال على الحاسوب المحمول – (بحب المسمى ده أوي! باحسه لقب عثماني قديم.. زي الصدر الأعظم كده) – ما علينا.. يجلس أولادي على مرمى حجر مني بصحبة جدتهم (شوشو)، يلعبون ويمرحون ويضحكون، ثم تهادى إلى سمعي صوت (شوشو) وهي تشدو بتلك الأغنية الفلكلورية، وهي تلاعب الأولاد.
شوشو (مبتسمة ومتحمسة): حج حجيجة بيت الله.. والكعبة ورسول الله.
أنا: ياااه يا شوشو يا أصلي!!! إديني في الفلكلور!!! مع إني من أنصار فصل الدين عن المراجيح والشقلبة، بس ياللا دوسي، أغنياتنا وتراثنا!
شوشو (متجاهلة الهجص اللي قلته): حج حجيجة بيت الله.. والكعبة ورسول الله.. نفسي أزورك يا نبي.
أنا (البطانة): ربنا يوعدنا إن شاء الله.
شوشو (مستكملة): ياللي بلادك بعيدة
أنا: إنتي رايحة بري؟
شوشو (مردفة): فيها أحمد وحميدة
أنا: الإحصاء السكاني ده قديم شكله يا شوشو! أحمد وحميدة بس؟ معقول؟
شوشو (ضاحكة): حميدة جابت ولد.. سمته عبد الصمد.
أنا: طب الحمد لله، بدأت تندع أهي.. أحمد وحميدة وعبد الصمد.. الأسرة نواة المجتمع برضه!
شوشو (ضاحكة لسه): مشيته ع المشاية، خطفت راسه الحداية.
أنا: تؤ تؤ تؤ.. لا حول ولا قوة إلا بالله، أنا قريت عليهم ولا إيه؟ أهم رجعوا إتنين تاني!
شوشو (ضحك بس): حد يا حد يا راس القرد، أنت ولد ولا بنت؟ أنا ولد زي القرد smile emoticon
أنا (وقد لفتت نظري الأغنية العجيبة لأول مرة): شوشو.. مش ملاحظة إن الأغنية فقدت الجو الروحاني المهيب اللي بدأت بيه.. يعني الموضوع بدأ مشبع بنفحات إيمانية عميقة أوي، والحج والعمرة والكعبة وبيت الله ورسول الله.. وبعدين دخلنا في أحمد و حميدة وحادثة عبد الصمد المرعبة!
شوشو:……..
أنا: شوفي غيرها يا شوشو.. قلبي في الذكريات كده.
شوشو للأولاد (بعد تفكير): علي عليوة ياللي.. ضرب الزوميرة.. ياللي… ضربها حربي.. ياللي.. نطت في قلبي.. ياللي.
أنا (مقاطعة): لا لا لا يا شوشو، بلاش العنف والحرب والضرب والجو ده.. إحنا مش ناقصين والنبي.. وبعدين هي إيه لامؤاخذة الزوميرة دي؟
شوشو (زهقانة بس لسه بتضحك): طب واحد اتنين سرجي مرجي…
أنا: لا هما مش بيتكلموا هندي يا شوشو على فكرة! أغنية عربي من فضلك، ويا سلام لو كلام له معني بأة! يا سلااااام.. تبقى اتعشت!
شوشو (مستمتعة باللعبة): واحد اتنين سرجي مرجي.. أنت حكيم ولا تمرجي؟
أنا: طب بذمتك إيه الفرق؟
شوشو (بسرعة): أنا حكيم الصحية.. العيان أديله حقنة، والمسكين أديله لقمة.
أنا: ده نازل الإنتخابات ده ولا إيه؟ إيه الذل ده؟! شوشو.. بلاش جو الحقن واللبوس و الذعر ده.
شوشو: والمسكين أديله لقمة.. نفسي أزورك يا نبي.. ياللي بلادك بعيدة.
أنا (مقاطعة): الله؟ دي بتنفد على أحمد وحميدة برضه؟ وحج حجيجة من الأول؟ نفس البوتقة؟ ده الفلكلور طلع أوضة وصالة صحيح!
شوشو: طب اتدلع يا رشيدي على وش الميه.. سيب شعري وامسك إيدي…
أنا: شوشو شوشو شوشو.. عندك أغنية منطقية وفيها فكرة متماسكة وخالية من العنف والضرب والحقن والإيحاءات الجنسية.. أهلا وسهلا! معندكيش ماتتعبيش نفسك smile emoticon
شوشو: ههههههههههههههههههههه
أنا: فين ذهب الليل؟ ماما زمانها جاية؟ أنا أنا أبريق الشاي.. إيدي كده.. بوزي كده!!! لا لا بلاش دي كمان!!!
شوشو: خلاص الأغاني خلصت! أجيبلك منين تاني؟ أحكيلهم حكاية؟ هاحكيلكوا حكاية البطة السودا.
أنا: لا لا دي قصة عنصرية وفيها كده………..
شوشو (مقاطعة): قوم يا واد أنت وهو!!! قوموا!!! أنا هاروح أصلي العشا!
أنا: يا شوشو إستني بس، هنحلها إن شاء الله، طب معندكيش حاجة رومانتيك كوميدي كده؟ أعصري مخك يا زيييينب!
تضحك شوشو وتغادر المكان وتهم بالصلاة غير عابئة بالهذيان الصادر عني!
قال ضرب الزوميرة قال! مفيش حاجة اسمها الزوميرة على فكرة! الزوميرة مش كلمة!
حميدة مين؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
(معندكش حاجة لكاظيم؟؟؟؟ كاظيم ده عسل عسل عسل!)