كنت قد أشرت من قبل إلى عودة أجهزة أمن الدولة والأجهزة السيادية للعمل بنفس الطريقة التي كانت تعمل بها في فترة حكم مبارك – مع العلم أن نظام مبارك كان أحرص على الحفاظ على شكل الدولة، وعلى التمسك بخطاب أكثر رصانة – والقصد من العودة إلى العمل بنفس طريقة مبارك، هو خلق بلالين اختبار، وقضايا هامشية، ومزيفة، لإلهاء الناس، أو لتأهيلهم للقبول بأشياء لم يكونوا يقبلونها في ظروف مغايرة.
بالطبع ربما ظن في البعض إنني أعاني من إلحاح نظرية المؤامرة، والحقيقة إن من ظنوا بي ذلك، هم أنفسهم غارقين في نظرية مؤامرة مضحكة، عنوانها: حروب الجيل الرابع، والمؤامرة الكونية على مصر، وكل الهراء الذي نسمعه صباح مساء في القنوات الفضائية والإعلام المصري. ما علينا.. دارت الأيام وأثبتت صحة ظني بخصوص عودة الأجهزة السيادية للعمل تحت سياسات مبارك.
فجأة يصرح وزير العدل محفوظ صابر بأن ابن عامل النظافة لا يصح أن يعمل في سلك القضاء لإن القضاء له شموخ، وبالمناسبة هذا رأي جل القضاة إن لم يكن كلهم، عشان نختصر بس في الليلة، فغضب الناس، ثم قال إييييييه؟ خير اللهم اجعله خير، تم إقالة وزير العدل الذي يحتقر أبناء عمال النظافة بناء على طلب الجماهير، قال يعني، يلتفت النظام القائم إلى رأي الجماهير، ويحرص على مشاعرها، ثم فجأة، انتشرت شائعة تقول بإن سيادة المستشار الزند هو المرشح لمنصب وزير العدل، والحقيقة إنني لم أصدق الشائعة في حينها، قلت: مش معقول يعني يمشوا واحد بيحتقر عمال النظافة، عشان يجيبوا واحد بيحتقر الشعب كله.
لكن صدق أو لا تصدق، لقد أتوا بسيادة المستشار الزند وزيرا للعدل. طب وليه اللفة دي كلها؟ أنتم تملكون البلاد من شرقها لغربها، وتقولون لكل ما فيها كن فيكون، وترفعون أقواما وتخفضون أقواما، تتهمون من لا يروق لكم بالعمالة والجاسوسية، وقد خلق الله لكم قطيعا من الماعز والخرفان يردد خلف وسائل الإعلام كل ما تقول، تعدمون من لا يروق لكم في الوقت الذي تريدون وبالمبررات التي لا تقنع طفلا صغيرا، وتجدون فريقا كاملا من الطبالين والراقصين وحاملي الصاجات يبرر ويسوغ، ويخاف منكم أكثر مما يخاف الله، أردتم أن تأتوا بالمستشار الزند وزيرا للعدل، بالرغم من كل ما عرف عنه، ولن أزيد في سرد ما عرف عن سيادة المستشار أكثر من تصريحاته هو، على سبيل المثال لا الحصر: “نحن الأسياد ومن دوننا عبيد\”.. \”اللي يحرق صورة قاضي حنحرق قلبه\”.. \”الطنيطر والفيصبوك هم سبب خراب مصر\”.. \”تعيين أبناء القضاة سنة بسنة ولن توجد على الأرض قوة توقف هذا الزحف المقدس\”.. وقال عن بعض المتظاهرين إنهم أشخاص بالغوا \”الحقارة والسفالة\”.. وقال عمن يتعرض لشخصه \”أنا أعرف إزاي أرفع قضايا تخليهم في السجن طول عمرهم\”!
وأخيرا، التصريح الأهم: إذا مات الزند فهناك مليون زند!
الله يبشرك بالخير.
طيب أنتم أردتم تعيين سيادة المستشار الزند، وله كامل الاحترام حتى وإن لم يحترم هو أحد، واحترامه نابع من إنه يشتغل بمهنة تحظى بتقدير وتبجيل كل المواطنين المصريين، وقد علمنا أن القائمين على الأمر، قد ملكوا البلاد كعزبة، ولم يعد هناك مجلس شعب، ولو صوريا، يمكن أن يراجعهم، ولا يسمح لصوت نشاز أن يعارضهم، وإلا اتهم بالعمالة والجاسوسية، لماذا قمتم بهذه التمثيلية الرديئة؟ وعامل النظافة وعامل التكييف وعامل نفسه نايم؟ ليه كده الاستغفال ده؟ هاه؟ تريدون إقالة محفوظ صابر وتعيين الزند لإنه الأنسب للمرحلة، ما تعينوه من غير الوش ده، حيث سيتم سباب المواطنين نفر نفر وعلى الله حد فينا يرد، فوزير \”العدل\”… العدل… العععععددددددددل، قد صرح بأنه يعرف كيف يحبس المواطنين، خاصة وأن المواطنين هؤلاء من العبيد، وليسوا من طائفة الأسياد الذين صنفهم المستشار الزند قائلا بإن أسياد هذا الوطن هم القضاة والجيش والشرطة فقط ونحن في انتظار مشهد محمد أبو سويلم: اربطوا الراجل ده.. من رجليه.
إجري يا محمد أفندييييييي.