ريهام مهدي تكتب: ماذا لو….؟

في سكشن الكتابة الإبداعية اتطلب مننا نكتب صفحة كاملة بتبدأ بالسؤال: \”ماذا لو…..؟\” ونحاول نكتب في الصفحة ونبتكر ونلبس جناحات التفكير وإحنا بنحاول نلاقي إجابة منطقية على السؤال اللامنطقي.

ماذا لو كنت رجلا (على لسان امرأة)؟

ماذا لو كنت امرأة (على لسان رجل)؟

ماذا لو كنت غني؟ ولا أي حاجة هتحصل علشان تبقى عارف.

ماذا لو كنت مواطن كندي الأصل والمنشأ ومسمعش حاجة أصلا ومش عايز يسمع عن الشرق الأوسط؟

ماذا لو نيوتن كان قطم التفاحة لأنه كان جعان جدا، وأول ما وقعت على نافوخه قال لروحه: بس خلاص فُرجت، ولا اكتشف الجاذبية ولا دياولو؟

ماذا لو أمي متفرجتش على برامج الطبخ؟ برضه هناكل كل يوم قلقاس.

ماذا لو كانت حوا هي اللي اتخلقت الأول وسابت آدم في البيت وخرجت تفك عن نفسها شوية في الجونينة بتاعت الجنة، ولما شافت التفاحة على الشجرة قالت: لأ غالي.. لو ماكنش باتنين ونص مش هشتريه، وقامت مفاصلة ومشيت؟

فضلت أبرين كتير، وماكنتش لاقية أي تفاصيل أعرف املا بيها الصفحة عشان أجيب درجة كويسة.. كانت الجمل بتطلع مقطوعة ومتخانقة مع بعضها ومش راضية تتركب، وده إحساس مش كويس خالص، ويتناسب طرديا مع الطبول اللي بتدق في البطن بلا هوادة كل أما معاد التسليم بيقرب.

لغاية ما فكرت.. ماذا لو كنت إلها؟

يا ترى الإله هيعمل ولا بيعمل ولا عمل خلاص؟

ماذا لو كنت إلها؟

إيه أول حاجة هاعملها أو هافكر إني أعملها؟ طب إيه تاني حاجة؟ طب أعمل ليستة ولا إيه؟!

طب هكون مبسوطة إني بقيت إله؟ ولا هتصيبني حالة من الارتباك والحيرة الممتزجة بالفرحة وتنهيدة عميقة.. أيوة بقى.. كله هيبقى في إيدي، وبعدين اسأل روحي: أيوة بقى هاعمل إيه؟ وبعدين محدش جه من الإتش آر وإداني الوصف الوظيفي بتاع الإله.. فين السكوب أوف ورك؟ فين التارجت؟ فين البلان؟ فين التيم اللي هيتخانق مع بعض؟ آه صحيح مفيش تيم.. ده الإله لوحده.. مفيش.

معقول هاعرف ارتجل كل ده؟!

طب مش يمكن الإله بيبقي عنده منظومة تانية مختلفة عن المنظومة بتاعتنا؟ أكيد.. بسأنا معرفهاش دلوقتي؟ طب هخلص كل الشغل اللي عندي ده إزاي؟

طب يا تري هارتب طلبات البشر كلهم إزاي؟ يعني مين هيقف قدام ومين هيقف ورا في آخر الطابور؟

طب الحيوانات والنباتات والجبال والهوا والمية مش يمكن هم كمان يبقى ليهم مطالب وشكاوي كتير، وعايزين مقابلات واتفاقات.. هنكمل إزاي كده مع بعض؟

ماذا لو كنت إلها؟ هل كنت هاتدخل في الزمن وأزق سِنة لورا علشان فيه حاجات كتير حصلت في الماضي وجعت ناس كتير، فيا سلام لو فيه فرصة إنهم ميتوجعوش وميفضلوش متربطين بكور حديد مش متشافة بس بتشدهم لورا كل أما بيحاولوا يزقوا لقدام؟ ولا يا ترى الأحسن \”لو كنت إله\” أزق زقة لقدام كده.. مش يمكن فيه برضه ناس غرست في الرملة المتحركة بتاعت اللحظة اللي واقفين فيها، ومش عارفين يتحركوا، لأن بوصلة روحهم تاهت وغرست معاهم.

ماذا لو كنت إلها؟ هقدم نفسي للكون إزاي؟ هويتي هتبقي إيه؟ هانبسط بهتافات المحبين وهخرس دموع الغاضبين مني ولا هاقولهم عني إيه؟ هتعامل إزاي مع الغاضبين؟ الأرض المبدئية في رحلة الكشف عن الإله إنه \”حبيب الملايين\”، طب ما اللي بيحب ممكن يكره وممكن يغضب وممكن يصرخ وممكن يعتب وممكن يحوش دموعه في عينه/ها.. بس أكيد ممكن ماتبقاش محبة؟ \”لو كنت إلها\”.. أنا هعمل إيه مع جمهور الغاضبين بصمت أو بصرخات مدوية من الألم والوجع والحيرة؟ هعمل إيه؟

ماذا لو كنت إلها؟ وحد بيعيط بالجامد وبينادي عليا وبيقولي: خلاص أنا تعبت.. أنا نفسي في معجزة.. مبقاش عندي ذرة مقاومة خلاص.. أنا سلمت واستسلمت؟ \”لو كنت إلها\” كنت هختارله أية معجزة تراضي قلبه/ قلبها وتطمنه إني كـ \”إله\” كان بالنسبالي متشاف ومناجاته مسموعة؟ طب ده اللي كان طالب معجزة، أومال لو حد ناداني كـ \”إله\” وقالي: \”خلاص إنت عارف بقى يا رب\” من غير ما يقولي يعني هو/ هي عايزين إيه بشكل واضح.. هتصرف ساعتها إزاي؟! هو الإله المفروض يبقى فاهم اللي إحنا نفسنا مش فاهمينه، علشان الإله فاهم وعارف كل حاجة.. بس هي إيه كل حاجة أصلا؟! يا ترى كل حاجة من اللي فات ولا كل حاجة من اللي جاي ولا كل حاجة فوق كل حاجة إحنا نعرفها أو منعرفهاش؟!

ماذا لو كنت إلها؟ وفي يوم وليلة قام زلزال كبير زي بتاع نيبال، واتدمرت بيوت وناس كتير ماتت، ووقف الكادر عند صورة الطفل الرضيع اللي طلعوه من تحت الأنقاض بعد ما فضل كذا يوم لوحده تحت الأنقاض من غير أي أكل؟ يمكن كإله هكون مبسوطة جدا بقدرته علي الشعبطة في الحياة وأقول في سري: عفارم عليه العفريت ده.. عملها إزاي؟ بس ثانية هو ليه أصلا رجع للحياة وأي حياة؟! هو راجع ليها بعد ما كل أسرته ماتت؟ وهيكمل إزاي؟ مش يمكن يكبر وفي يوم يسألني برضه: \”أنا ليه عملت كده؟\”. هو الإله المفروض يقول إيه في موقف زي ده؟! عموما كويس إن الكادر خلص على صورة الطفل، والحقيقة إننا مش عارفين نحدد بالظبط في اللحظة دي إحنا حاسين بإيه أو الإله ممكن هيحس بإيه أو هيتصرف إزاي، فنقفل الكادر علي اللقطة دي وبس.

ماذا لو كنت إلها؟ هعمل إيه مع الناس الكتير جداً اللي بيتكلموا لغات كتيرة جدا؟ بس أنا كـ \”إله\” عارفة أعملها ترجمة فورية في فيمتو ثانية، وأعرف منها هم عايزين يقولولي إيه، دول بيكلموني ليل ونهار ونهار وليل.. يا ترى ممكن أقولهم ما تيجوا نسكت شوية، ولا بلاش يمكن المناجاة بتريحهم؟!

طب هعمل إيه في اللي بيهتفوا باسمي؟ إيه ده.. ثانية واحدة.. ده فيه منهم بيحزق بالأوي وبيموت علشاني!

بس هو الإله عايزهم يموتوا علشانه فعلا؟ طب هو مبسوط بكده؟ طب يعني أول ما بيموتواعلشان الإله، الإله بيستقبلهم إزاي؟ بيقول لهم إيه وبيوديهم فين؟ بس ثانية واحدة.. ده فيه ناس من الناحية التانية، اللي اتقتلوا على إيدين اللي حزقوا وقتلوا كويسين برضه، إيه اللخبطة دي؟ دلوقتي هنوديهم فين دول كمان.. طب نعمل معسكرات منفصلة، ولا هيقابلوا بعض؟ طب لو اتقابلوا.. الدم اللي بينهم هيروح فين؟ والإله هيعمل إيه ساعتها لو شبطوا في بعض في المكان الجديد؟!

ماذا لو كنت إلها؟ لازم أول إعلان دستوري، إني هاقولهم بطلوا تتخانقوا، واللي هيتخانق هيطلع بره.. إيه ده؟ بره فين؟! ما هو إحنا كلنا كده بره.. طب افرض إنهم برضه كملوا خناق.. أنا كإله هعمل إيه؟ يمكن مش هعمل حاجة، يمكن هسيبهم يموتوا، يمكن بعدين نتحاسب.. برضه مفيش إجابة، والكادر يقفل وخلينا نقول إن اللحظة برضه محيرة جداً.

ماذا لو كنت إلها؟ طيب كنت هخلي كل الناس تموت، علشان واضح كده بالتجربة إنهم بوظوا كل حاجة في الكوكب.. طب نخلي مين على الكوكب، علشان أنا بحب القطط والكلاب والكانجرو والقرود.. يا تري أخلي الكوكب كله محمية طبيعية مفتوحة؟ مش عارفة.. بس فيه احتمالات كبيرة لحدوث الملل من المشهد الإنسيابي المتكرر على الشاشة.. يمكن ساعتها هيبقي فيه احتياج لشرارة خناق.. مين بقى اللي هيرمي عود الكبريت الأولاني؟!

الصفحة اتملت ومع كل موقف بيتختم بكادر من الحيرة.. أنا سعيدة إني مش \”إله\”.

فيه حاجات كتيرة.. أنا هاعجز عن التفكير فيها أو إني آخد فيها قرار، وبعدين أنا هاخد قرار ليه في حياة ناس تانية ودنيا تانية دي.. مسئولية عظيمة جدا، وأنا كائن صعلوكي.. متهأيلي مش هكون قد المسئولية دي نهائي.

أنا مش إله.. نقطة.

بي إس: تم الحصول على درجة 4.8/ 5 في التاسك ده.. الظاهر إن التيتشر عجبته الفكرة جدا، وقرر هو كمان يطرح على نفسه السؤال الحلمنتيشي.. ماذا لو…..؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back To Top