عزيزي ضابط الشرطة.. حقا لقد تم إخراج الفيديو ببراعة ليقنع المشاهد ببشاعة ما تعرض له الضابط، وكيف ضبط نفسه، وليرى المشاهد وحشية تلك المرأة وهمجيتها وتعديها على القانون.
لم تتحمل إهانة ياسمين النرش التي لم تتعد الألفاظ حتى، وإن كانت ألفاظا خارجة، فاوهمت نفسك بتصوير الفيديو لها بأنك هكذا تتمتع بأقصى درجات ضبط النفس.
لكن بيني وبينك.. هل هذا فعلا ما حدث!
هل فعلا استطعت ضبط نفسك أمام تلك المرأة، أم أنك علمت أنه إذا تعرضت لها، فبالتأكيد سيتم نقلك أو ربما تتقاعد أو أن تحاكم؟
ما حدث أن هذا الضابط بحسه الأمني، استشف أن تلك المرأة من ذوات الشأن، وأنها بالتأكيد لديها ظهرا قويا حاميا، فلا يجرؤ الضابط أن يسلك معها أسلوبه الاعتيادي الذي تعلمه 4 سنوات في كلية الشرطة واتقنه في الأقسامـ وترسخ في ذهنه من خلال مجتمع الضباط، فلا ينادون أنفسهم إلا بفلان بيه، ولا يتقبلون حديثا من أحد إلا إذا ابتدأ بـ “باشا”.
عزيزي ضابط شرطة المطار.. نعم تعرضت لإهانة لا ينكرها أحد، لكن هل هذا فعلا ما يحدث يوميا؟!
هل يعامل زملاؤك بقية الشعب بنفس أسلوبك وبضبط نفس؟!
هل تستطيع أن تحصي عدد الألفاظ الخارجة التي يلقيها الضباط على المواطنين في أقسام الشرطة؟! كم شخص تم تعذيبه ومات في أقسام الشرطة؟!
ماذا عن المواطن المسالم الذي يتوجه فقط لاستخراج صحيفة أحوال مدنية، فيسمع من أمين الشرطة كل ما يهين أهله؟ ويسمع – إن كان محظوظا – “اقعد على جنب هنا.. ماتفضلش واقف لي.. متقفرناش.. غور في داهية دلوقتي.. مش فاضين لك”، فلا يستطيع حتى أن يصوره كما فعلت، ولا حتى أن ينطق بحرف واحد.
في حياتك العادية.. هل يستطيع أحد أن يصطف مكان سيارتك وينجو بفعلته؟! أو أن يتجرأ عليك بقول إن هذا غير قانونى؟!
أما عن مهنيتك! هل أنت فعلا مدرب لتصبح ضابط شرطة أم باشا فقط؟
هل تستطيع إعادة سيارة مسروقة؟ أم أنك فقط كما يفعل الأغلبية تنصح الضحية بأن يدفع للسارق حتى يحصل على سيارته؟
هل تستطيع مطاردة دراجة بخارية تسرق الحقائب من يد الناس؟
هل يقوم زملاؤك بدورهم في الدوريات فعلا؟
كم من الوقت تستغرق للذهاب إلى موقع الجريمة لتمنعها، منذ لحظة الاتصال بالنجدة – هذا إذا تم الرد على الهاتف من الأساس-؟
عزيزي ضابط الشرطة الكريم.. كم عدد جرائم البلطجة التي ارتكبت باسم القانون على يد رجال المرور – زملائك- وهم يطلبون الرشوى جهارا نهارا في كمائن على الطريق؟
ثم نأتي لسؤال آخر: هل فعلا أنت لم تأخذ حقك من ياسمين النرش؟ أم أن صورها الخاصة وصحيفة جنيات أهلها ورقم تليفونها، أصبحوا على المشاع، وأصبحت مرة عاهرة ومرة راقصة ومرة أخرى تاجرة مخدرات؟ فقمت بما هو غير قانوني للرد على فعل – هو بالتأكيد – غير قانوني، ويسمى هذا في علم المجتمع “قانون الغابة”.
نعم تمت إهانتك فعلا على يد إنسانة همجية، لكن هذه مهنتك التي لم تتعلمها، وهذا ما يجب أن تتعرض له يوميا، وأن تقوم بإلقاء القبض على المجرمين، فتصمت وتضبط نفسك، لأنك من المفترض أن تعلم أن مهنتك لا تتعدى إلقاء القبض على المجرمين وتسليمهم للعدالة، لكن هذا أيضا أنت لم تتعلمه!
وفي النهاية.. اهنئك على الإخراج، ومن نجاح إلى نجاح، وننتظر الأعمال القادمة.