مهلا عزيزتي.. قبل أن تذكريني بصحيح المثل القائل \”يا مآمنة للرجال يا مآمنة للمية في الغربال\”، وقبل أن تتصوري أني أحرضك على الوثوق بمثيلاتك من النساء، حاشاي أن أفعل كلاهما أو إحداهما.
فقط أود أن ألفت انتباهك لخطورة قبولنا- نحن معشر النساء- بذلك المثل المغرض \”يا مآمنة للرجال يا مآمنة للميه في الغربال\”، فقد قبلناه باعتباره حقيقة مسلم بها.
لا أنفي أنه أمر واقع يعاني منه أغلب النساء؛ لكن كونه واقعا لا يجعله حقيقة مسلما بها.. لا يجعله يرتقي لمرتبة التسليم به أبدا.
لك الحق أن تأمني لشريكك، وتفترضين إخلاصه وتفرضينه أيضا كما تفرضين الإخلاص للشريك على نفسك، فمنذ أن وهبتيه روحك قد التزم بوهبك روحه، ومنذ أن شاركتيه جسدك وحده، فقد شاركك جسده وحدك.
نعم.. يحق له أن يتزوج بأخرى ويحق لك أن تقبلي ذلك أو ترفضيه.. لك أن تقبليه دون أن تقبلي تضحيات تودي بصحتك النفسية والعقلية، ولك أن ترفضيه دون الالتفات إلى مسئوليات جسيمة قد تقع عليك نتيجة للرفض، لك أن ترفضيه أو تقبليه دون أن تلوميه، فأنت مالكة نفسك وقلبك وجسدك وعقلك.
هبي روحك سيدتي لمن يهبك روحه خالصة، شاركي جسدك المخلص جسدا مخلصا له إن أردت.. أنت مالكة نفسك.
اعتدنا ترديد ذلك المثل الشعبي، بل وصنعناه نحن معشر النساء وصدقناه، وأكده شريكنا على هذا الكوكب عبر العصور، فلطالما وجدناهم يبحثون عن المرأة الأخرى، ولطالما عانينا من شبح الخيانة.
أعلم يا سيدتي أنك لم تدفعي زوجك لخيانتك، وأنك بذلتي كل طاقة المحبة والإخلاص لأجل إشباع غروره وذكورته، أعلم تماما مقدار حسرتك وخوفك، ورعشة أطرافك عندما تلمع عيناه عند رؤيته \”المرأة الأخرى\”، لكن ثقي في أن ذلك ليس ماءا في غربال.. ثقي أنك أجمل من \”مارلين مونرو\” التي لم تستطع الحفاظ على رجل أحبته، لأنها لم تثق في جمال جسدها – الجسد الذي أسال لعاب رجال العالم حتى الآن.
تأكدي من أنك أذكى من \”هيلاري كلينتون\” التي خانها زوجها حين فرطت في إيمانها بذكائها.. إن هيلاري ومارلين كانتا مثلك تؤمنان بأن الرجال خائنون، واستسلموا لهذه الفكرة حتى صارت حقيقة.
إنتظري قليلا قبل أن تديري ظهرك لكلماتي، فأنا لا أحثك على أن تأمني للرجال، بل أريد أن أدلك على الطريق الذي يجعلك لا تحتاجين لأمانه، على الطريق الذي يجعلك لا تتألمين كل هذا الألم عندما لا تحصلين على أمانه.
أول هذا الطريق أن تأمني لنفسك وتؤمنين بها، تصدقين أنك أجمل من مارلين مونرو التي لم تصدق جمالها الحقيقي، وتؤمنين أنك أذكى من هيلاري كلينتون التي ما إن أخلصت لذكائها حتى حصلت على نفسها وزوجها معا.
لنتذكر سويا القصة المتداولة عندما قالت \”ميشيل أوباما\” لزوجها حين دعاها إلى العشاء في مطعم فاخر، وهو رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية، حين فاجأها صاحب المطعم بتصريحه بأنه كان يرغب يوما ما في الزواج منها.. حينها ابتسم أوباما ابتسامة ساخرة قائلا: لو كنت تزوجته لأصبحت زوجة صاحب مطعم فخم، حينها جاوبته \”ميشيل\” بمنتهى البساطة: لو كنت تزوجته لأصبح رئيسا للولايات المتحدة.. هي تعلم تماما أنها شريكته في نجاحه كما هي شريكته في جسده.. شريكته في أفراحه تماما كمشاركتها له في خيباته.
نعم لا أضمن لك تقدير زوجك لك إن وثقتي في قدراتك، ولا أضمن لك وفائه وإخلاصه إن صدقتي أنك أجمل امرأة على وجه الأرض؛ لكني وبكل تأكيد أضمن لك أنك لن تشعري بافتقار الأمان له، فأنت لن تبحثي عن الأمان عنده من الأساس، أضمن لك تماما أنك حتى وإن تألمتي لخيانة منه أو عدم امتنانه لعطائك، أنك لن تسقطي حين اكتشافك لخيانته، ولربما خشى أن يقوم بها أيضا.
أضمن لك أنك لن تبحثي في ملابسه الداخلية لتعثري على دليل خيانته، ولن تهتمي بالتجسس على تليفونه الخاص، وأنك ستعيشين حياتك بلا خوف أو ارتياب أو أمل وأهم في بقاء المية في الغربال.
حين تؤمنين أن شريكك خزانا كبيرا تملأينه أنت بماء الثقة مرتين.. مرة تملأين خزانك بجمالك، وعطائك، وذكائك، وإخلاصك، ومرة مضاعفة حين تملأينه بجمال شريكك، وعطائه، وذكائه، وإخلاصه، حينها لن ترينه غربالا، بل لن تهتمي من الأساس بأن الغربال لا يحفظ الماء، بل ستستخدمين الغربال للقيام بوظيفته التي خلق لها وتنعمين بماء الأمان الذي تنشدينه.