أنت تقرأ هذا المقال الآن لأنه مرتبط بالجنس أليس كذلك؟ قبل أن يحمر وجهك، اربّت على يدك، لست وحدك عزيزي.. هناك الملايين حول العالم – نصفهم في ذلك البلد التعس – لا هم لهم سواه.. ابالغ؟ دعني انعش ذاكرتك قليلا.. منذ سنوات وضعت فتاة لا أتذكر اسمها مقالا لها في إحدى المواقع الإليكترونية.. لن أحدثك عن المقال لأنك على الأرجح لا تتذكره، ولا أحد تذكره، كل ما تذكره الناس وأثار ضجة أن الفتاة قد نست أين تعيش، ونشرت صورتها مع المقال.. كانت جميلة، وذلك شئ يعاقب عليه القانون هنا.. كان ذلك قبل اختراع الفيس بوك وقبل أن تستيقظ كل يوم لتجد فتيات جميلات يضعن صورهن كل يوم.
صورتها أيقظت حالة الهياج الجماعي التي يعاني منها المصريون، وتوالت التعليقات بسعار حقيقي تابعته بعينين مفتوحتين على اتساعهما.. أزيدك من الشعر بيت؟ الفتاة لم تكن تعرض حتى صورة لها كلها – مقطع رأسي- ولم تتصور في وضع مغر، ولم تزم شفتيها لتضخيمها.. لم ير أحد جسدها أو تصورت بملابس فاضحة.. الصورة لم تكن سوى لوجهها! توالت التعليقات القذرة – أقل وصف لها- بالتغزل وطلب القرب وعروض الزواج وخلافه، وفي مصر عندما لا يُرى وجهك، ولا يُعرف يمكنك أن تفعل أي شئ، كما يقول مثل مصري صميم.
الفتاة المسكينة لم تجد تعليقا واحدا على ما كتبته، والأدهى أنها كانت مخطوبة، ودخل والدها وخطيبها للرد واستجداء الناس للتوقف في مشهد عبثي ساخر، وتوالت توسلات الأب أن يدعوا بنته في سلام، وأنها على وشك الزواج، وأن ذلك يخرّب علاقتها بخطيبها، دون أن يضع أحد المعلقين ذرة ملح في عينه ويتوقف.
تم الوطء علي الأب والخطيب، فالكائنات المهتاجة لا عقل لها.. هل تفرجت من قبل على قطيع ثيران يفر من حريق؟ أقرب صورة ستجدها في فيلم \”أستراليا\”.. هذا ما حدث بالضبط للفتاة المسكينة، التي لا أظن أنها كتبت بعد ذلك حرفا، وعلى الأرجح أن خطيبها العتيد أراد \”قصر\” الشر كمعظم الرجال في كوكب مصر، وأشبع أذنيها خطبا من نوعية أنه لا يريد كسر أجنحتها، لكنه يحبها والحب يفرض الغيرة، وأنه يريدها لها وحده، ولا يريد أن يأخذ أحد قطعة منها.. إلى آخر ذلك من الخطب العصماء التي تُوزع عليهم أوتوماتيكيا.
هي الآن زوجة وأم – إن لم يكن تركها – تزن الكثير وتتابع قناة فتافيت وهمها الأول هو تجربة وصفة البيض الإسكوتلندي.. انضمت هي لكتيبة نساء تجهض أحلامها أو تتركها هي طواعية محدثة نفسها أن هذا هو الأفضل وأن للنساء دورا أكبر كأم وزوجة، وأنها ستنجح، وهناك رجال حاولوا وفشلوا؟ إن لم تصمت الآن ستصمت لاحقا بفعل الضغط المجتمعي.. سيتحرش بها ألف وغد، وسينظر لمؤخرتها ألوف غيره، وستعرض مقالا على رئيس التحرير، فينظر لصدرها قبل منحها موافقته، وستقّيم ليس على أساس كونها عقلية مختلفة، لكن على اعتبار كونها \”وتكة\” أم لا.
الرجال يغلقون على أنفسهم الحمامات للقيام بأنشطتهم الخاصة، والنساء يتذمرن في العمل من البرود في الفراش وعدم الاكتراث لإحتياجاتهن، ولا تتعجب يا عزيزي، فهؤلاء هم أنفسهم من يتابعون برامج تتكلم عن الجنس في الخفاء، ويسبون مقدمته في العلن، ويتهمونها بالفسق والفجور، وهؤلاء أيضاً من تكتظ بهم عيادات الذكورة والعقم نتيجة الإسراف في ممارسة العادة السرية، وهم أيضا من يسرفون في الأحاديث الجانبية عن كيفية إمتاع المرأة، وهم لم يلمسوا زوجاتهم بالشهور، وربما السنين، وتمصمص زوجاتهم شفاههن مرددين أنهن لم يعدن يهتممن \”بالمواضيع دي\” أو \”الحاجات دي\”، كما يروق لهن تسميتها، وأن الأولاد يأخذون كل الوقت، وأن هدف الزواج قد تحقق.
في هذا البلد التعس المشوه المنافق تجد تربة خصيبة للمرضى النفسيين الذين يستمتعون بملامسة أعضائهم في العلن، والسيدات الخائنات الباكيات وأشباه الذكور الذين يجلسون في المواصلات متربصين لفريسة للمسها للحظات، ومن يتجبر على زوجته ويضربها، ومن يتهم فتاة ترتدي بنطالا ضيقا بأنها \”شرشورة\”، وهي اللي عايزه كده، ومن تقوم بنته بإنشاء حساب خاص تعرض فيه نفسها، غير حساب \”حسبي ربي\” الذي يكون في العلن، والذي تقبل فيه أباها، ونجد من يرفض غيره بكل اجتراء، لأنه مختلف.. ليس لإيمانه، لكن لحرمانه.
هنا يصنع التدليس والكذب والنفاق والتصنع والتزمت وإطلاق الأحكام في صورته الخام، ويصبح دفن الرأس في الرمال والتمثيل طبيعة ثانية، لكن من أنا لاتكلم؟
اغلق بابك وانزل بنطالك، واغلقي بابك وافتحي حسابا آخر على فيسبوك، ثم اخرج بعدها وعظ وتحامق واكذب واهدم آمال فتاة، وأنت جالس في الظلام تترك تعليقا لفتاة تتهمها بالحث على الفجور، أو تتغزل في صورتها، وافعل ذلك بحساب مزور، وأنت تداعب نفسك، ثم انظر للمرآة وابصق على نفسك.. هذا أقل ما يمكنك فعله.