محمد علم الهدى يكتب: إلهامات نموذج "الخليل كوميدى"!

كلنا نعلم أننا بشر, وأن البنى آدم ضعيف, وساعات بيغلط, وأنا بشر وتقريبا والله أعلم عملت ذنب كبير أوي الفترة الماضية إلى حد أن ربنا عشان بيحب الواحد, يبتليني بإنى (اتكعبل) بمشاهدة فيديو لمنولوجيست اسمه \”الخليل كوميدي\”!

(1)

الخليل كوميدي لمن لا يعرف هو شاب لا نعرف له أصلا, ظهر علينا من بيداء اليوتيوب من حيث لا تحتسب, خدعه أحدهم – منه لله بقى- وقال له: على فكرة انت بتضّحك على فكرة، والله بتفطسني ضحك! (هيروح من ربنا فين يعني؟ ألا وشهادة الزور!)

وتقريبا تفتق ذهن الخليل كوميدي أنه يصور فيديوهاته، وهو يمارس جريمة الإضحاك علنا، وفي وضح النهار.. سواء بالتقليد أو بإعلانات أو بإلقاء نكات انتهت منذ أيام سعد باشا زغلول وقت أن كانوا يقولون (سعيدة مبارك)!

لا بأس, ابتلى الله مصر بكل الكوارث, فوسفات في النيل, حرائق عبارات, مجازر في إستادات, وخليل كوميدي على اليوتيوب, لا نسألك رد القضاء، لكن نسألك اللطف فيه.

وهكذا استعوضت الله في الدقائق التي اضعتها في مشاهدة بعض فيديوهات الخليل كوميدي, وسألت الله أن يعوضني إياها ويبارك فيما تبقى من عمري!

غير أنني فجأة لاحظت شيئا غريبا, أن هذا ليس رأيي وحدي, بل كان رأي تقريبا أكثر من 95% من التعليقات على فيديوهاته أو بوستاته عبر صفحته على الفيسبوك, الكل يخبره صراحة ما ملخصه:

(إنت بييييييييييض! بيييييييييض!)

(عارف البييييض ياااض؟ أهوه أنت بيييييييييض البيضضض!)

لكنه برغم هذا.. يستمر.. ويستمر ويستمر، وأحيانا يرد عليهم ويضحك ساخر، أو يقول: إنهم أعداء النجاح.

وهنا فكرت في تأمل وبحث نموذج الخليل كوميدي من زاوية أخرى تماما!

(2)

لا طبعا لن نتحدث عنه من الناحية النفسية, وأن مثل هذا الشخص لديه حتما حالة من التوهم الكاملة المنغلقة على نفسه، لكن نتحدث من ناحية التجربة نفسها:

لدينا هنا إجمالا, شاب فاشل في الإضحاك, يضع فيديوهات، وينشرها, ويتلقى ردود أفعال سلبية, وبرغم ذلك يستمر دون توقف، والآن رقميا هو منتشر ومعروف حتى لو بشكل سلبي، وسمعته أنه \”بيضة الفيسبوك واليوتيوب المتلألئة\”!

لكن على الأقل معروف أكثر منك أنت قاريء هذا المقال! على الأقل.. الرجل حقق شيئا!

ألا ترى في هذه النقطة إلهاما من نوع ما؟

إنه الإصرار أيها السادة!

(3)

يقسم البعض الناس إلى أربعة أنواع:

النوع الأول: هو الناجح الموهوب والذي يعرف أنه ناجح أو سينجح حتما.

النوع الثاني: هو الناجح الموهوب، لكن عديم الثقة وفاكر نفسه هيفشل.

النوع الثالث: هو الفاشل ويعرف أنه فاشل.. متصالح مع نفسه.

النوع الثاني: هو فاشل ولا يعرف أنه فاشل، لكنه مصر أن ينجح، ومن هذا النوع الخليل كوميدى.

هو فاشل نعم وبالتأكيد أنه يضحكك، لكنه لا يعرف ذلك! ولم يقتنع بفشله!

ولوجاء العالم كله وكل سكان كوكب الأرض قاطبة، وعملوا له ديسلايك وقالوا له أنت بيض، هيضحك هازئا وهيقول: هأ هأ! انتم اعداء النجاح! أو هيقول: \”لأ أنتوا بتقولوا كده من ورا قلبكم\”!

(4)

كم مرة صادفت موهبة حقيقية من أصدقائك أو معارفك، واكتشفت أنها لم تجرب حظها ولو على اليوتيوب أو موقع ساوند كلاود، فقط لترددها وعدم ثقتها بنفسها؟

بل كم مرة أنت نفسك, قاريء المقال, قلت لنفسك: لا ما ينفعش اجرب, خايف افشل تاني! أصلهم هيقولوا!

كم مرة منعت نفسك عن أنك تعمل حاجة بتحبها أو بتهواها، فقط خوفا من ردود أفعال الآخرين أو تعليقاتهم أو سخريتهم؟

كم مرة وجدت نفسك الحساسة من انتقاد من حولك تمنعك إنك تفعل أشياء كثيرة ممكنة ومعقولة، لكن فقط, تخاف, أو تتردد, أو فاقد الثقة أو تتخوف من النتيجة؟

على الناحية الأخرى:

كم مرة صادفت عن قرب أو بعد نماذج لشخصيات فاشلة عديمة الموهبة،

لكنها تتميز بإصرار لزج رخم غلس رهيب على أن تنفذ اللي هي عاوزاه؟

حتى سياسيا:

ألا تتأمل معي كيف أن الثوار على مواقفهم المحترمة ومبادئهم الجميلة

كانوا متفرقين, وينتابهم اليأس والتخاذل؟

فيما كان الفلول على الناحية الأخرى رغم اعتقال رموزهم، يرفعون شعار

(قوتنا في وحدتنا) و(معا سننتصر) و(مكملين) و(راجعين)!

إذن ما الحكمة المستخلصة من كل هذا؟

(5)

الحكمة المستخلصة من كل هذا والمبنية – حقيقة – على إلهامات نموذج \”الخليل كوميدي\”، أو بعنوان آخر: كيف تكتشف الإصرار المستحيل في بيضة الديك؟! هى أنه:

لا يكفي أن تكون موهوبا, بل لابد أن تكون مصرا.. نفسك طويل.. روحك لا تمل.. لديك طاقة لا تؤثر فيها كل سلبيات واحباط وسخرية الآخرين، وهذا الإصرار وحده يحقق نصف النجاح ونصف الطريق ونصف الوصول.

أما الباقي فتحمله الموهبة، ولهذا إذا كنت موهوبا (وحتما لا يوجد إنسان خلقه الله بلا موهبة ما في مجال ما) عليك أن تنفض اليأس وكل المحاولات الفاشلة وتحدد أنت عايز إيه بالضبط، وهتوصله إزاي؟ وتجرب تاني وتالت ومليون، وحتما – يقينا لأنها قاعدة كونية إلهية – هتوصل يعني هتوصل، لو كنت بتغني, بتخترع, بتكتب, بتصور, بتصمم, بتخرج, بتعمل أي حاجة.

عليك فقط أن تركز إنك تطور موهبتك وإنك فعلا تكون موهوب بجد،

وإنك تكون نفسك طويلة وتطنش أي ردود فعل سلبية.

أيوة تستفاد من النقد وتطور, لكن طنش السلبيات أو الشتائم أو أي اختلاف، وركز في هدفك، لأنه قيل سابقا \”الملتفت لا يصل\”.

سامع واحد هناك بيقول: يا عم أنا حاولت وما عرفتش، وده أحب اقوله:

حبيبي.. صفحة الخليل كوميدي دلوقتي عليها 16 ألف فانز!

وعنده 2000 مشترك في قناته على اليوتيوب!

يعني عيب عليك وعار عليك لو أنت موهوب بجد ومش عارف تعمل كده، اتكسف على دمك يا أخي، وانهض بعزم وتأمل واكتشف الإصرار المستحيل في بيضة الديك المسماة \”الخليل كوميدي\”.

ملحوظة أخيرة إنسانية:

برغم إني مش طايق الخليل كوميدي أصلا, وشايفه دمه تقيل على قلبي،

لكن –إنسانيا- مش حابب أكون أسأت ليه بشكل شخصي بأي شكل في المقال، وإن كنت أظنه مش هيحوق فيه حاجة, بس إجمالا، لو كان فيه إساءة شخصية، فأنا بعتذر عنها مقدما, عشان برضه مهما كان هو إنسان برضه وبيمارس ما يحبه دون إضرار للآخرين سوى فقع مرارتهم الضعيفة، وهذا ضرر بسيط ! مع تحياتي و إحتراماتي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back To Top