لا أظن أن نبيله عبيد قد وصلت إلى سن الثمانين، فهي بالتأكيد أصغر سنا من النجمه العالميه شيرلي ماكلين، ومن جين فوندا، فالأولى قد تخطت الثمانين فعلا، ومع ذلك لاتزال تحتفظ بلياقتها الفنية وقدرتها الذهنية، التي تتيج لها أن تضع نفسها في المكان المناسب الذي يليق بتاريخها ومكانتها الفنية، وآخر فيلم شاهدته لها، كان إنتاج 2014 بعنوان\”إلسا وفريد\” وفكرته جميله حقا،عن سيده تعاني من مرض السرطان، ولم يبق لها في الحياه، إلا عدة أشهر، ومع ذلك فهي لا تستسلم لليأس، بل تتمسك بحلم ظل يداعبها طيله عمرها في أن تذهب في رحله إلى مدينة روما، وتقفز في نافورتها الشهيره، لتعيد أحد أهم مشاهد فيلم \”الحياة لذيذة\” (لادولشي فيتا) للمخرج الإيطالي فريدريكو فلليني، حيث كانت الفنانة السويدية الفاتنة أنيتا كلايبورج، تقف بفستان السهرة الأسود الجميل تحت النافورة، بينما حبيبها مارشيللو ماستروياني يتقدم إليها بكأس شمبانيا.. هذا المشهد الجميل من الفيلم الذي عرض في الخمسينيات من القرن العشرين، وأصبح من أهم علامات السينما الإيطاليه، ظل يداعب إليسا بطله الفيلم، حتى قام صديقها العجوز\”فريد\” أو كريستوفر بلامر، بإصطحابها في رحلة إلى روما، ليحقق لها آخر أمنياتها في الحياة، أما النجمة الكبيرة جين فوندا، وعمرها يقترب من الثمانين، فهي تتمتع بلياقة وحضور، وبرنامج عملها يمتليء بالمشاريع الفنية، حتى نهايه 2016، وكل من شيرلي ماكلين وجين فوندا، كانت نجمة ساطعة في شبابها، وكل منهما قدمت أدوار متنوعه بينها ما هو استعراضي وأكشن وكوميدي، ولا أعتقد تحت أي إغراء يمكن أن تقوم شيرلي ماكلين بتقديم رقصة \”الكان كان\” التي كانت تقدمها من نصف قرن في فيلم يحمل نفس الاسم، فتهين تاريخها وتصنع من نفسها أضحوكه للآخرين! لكن نبيلة عبيد فعلتها بجرأة تحسد عليها، من خلال حلقة في البرنامج اللي مالوش أي معنى \”نجمه العرب\”!
وكان المذيع اللبناني – اللي ما اعرفش اسمه – قد اقنعها – مش عارفة إزاى – إنها تعيد رقصتها في فيلم \”الراقصة والسياسي\”، ويبدو أنها ماخدتش بالها، إنها قدمت الفيلم ده، من خمسة وعشرين سنة! يعني كانت وقتها لسه في حالة جيدة، تسمح لها بالرقص والغندرة، وهو فعلا واحد من أفضل أفلامها، وطبعا لم ينجح بسبب رقصاتها، لكن من أجل القصة التي كتبها إحسان عبد القدوس، وتحمل فكرة عبقرية تصلح لكل عصر عن علاقة السياسة بالرقص، وخلص الأديب الراحل إلى أن الراقصة قد تكون أكثر وضوحا وشرفا من السياسي الذي يرقص على كل الحبال ويخدع المواطنين بوعود كاذبة، وكان السيناريو الذي كتبه وحيد حامد، يزخر بالمواقف والحوار الساخن اللاذع، ولم تدرك نبيله عبيد أنها سوف تضع نفسها في مازق، وتصبح مثار سخرية وتهكم،عندما تستجيب لفكرة المذيع اللبناني، في تقديم نفس الرقصة على مسرح برنامج \”نجمة العرب\”!
ومع شديد الاحترام لتاريخها الفني، فقد بدت مثل عروسة من الخشب \”ماريونيت\” أوصالها مفكوكة، ومتركبة ببعض عن طريق خيوط، وأنها لو سقطت – لاقدر الله- حاتبقى كل حته منها في ناحية، ويقفز إلى ذهني هذا الفيلم العبقري للمخرج روبرت زيميكس، ويحمل عنوان DEATH BECOMES HER وترجمته العربية الرديئة \”الموت حليفها\”، وكان من بطولة ميريل ستريب، وجولدي هون، وموضوعه عن هوس بعض النساء بعمليات التجميل للحفاظ على الشباب الدائم، مما يجعلهن في نهايه الأمر مجرد دمى، لا يبدو أي تأثير لانفعالاتهن على وجوههن من كثرة الجراحات البلاستيكية!
وكان حالها يدعو للرثاء حقا، وهي عاجزه عن تحريك أي جزء من جسدها بشكل طبيعي، وسط تصفيق وتهليل، وضحكات من الميحيطين بيها، و\”أيوه كده بقى\” التي يطلقها المذيع وهو يصفق وكأنه نجح في تحقيق نصر إعلامي! كنت أعتقد أن أي من أصدقاء أو زملاء نبيلة عبيد، سوف يدفعه أو يدفعها الصدق لنصيحتها، بعدم إهانه نفسها وتاريخها، وأن من الأفضل لها أن تكتفي بسرد قصه كفاحها وذكرياتها عن الأفلام التي شاركت فيها، والشخصيات التي إلتقتها في رحلتها الفنية، وهي مادة غزيرة وثرية، تسمح بتقديم حلقات ثرية من البرنامج، لكنها أساءت تقدير الموقف، وكأنها تبحث عن فرصه للظهور بأي شكل.
أما برنامج \”نجمه العرب\”، فليس له هوية، ولذلك انقسمت فقراته إلى جزئين.. الأول تتجول فيه نبيلة عبيد مع المذيع في بعض شوارع القاهرة، لتطلق بين الحين والآخر ضحكتها الجوفاء بلا مبرر أو سبب، وكأنها كائن فضائي، يتدرب على مشاعر وتصرفات البشر، لكن البرمجة بتاعته باظت، وأصبح من الصعب إصلاحه! أما الجزء الثاني من البرنامج، فهو مخصص لمسابقه في التمثيل بين مجموعة من الفتيات \”معظمهن من عشوائيات القاهرة\” لاختيار واحدة منهن تصلح أن تكون نجمة! وعندما تتابع حال ومنظر المتقدمات ومستوى ثقافتهن وأسلوبهن في الحديث العادي، لابد وأن تتذكر قول المرحوم سعيد صالح: \”أحيه يا ابو سوسو\”، وتضرب كفا بكف وتترحم مش على زمن الفن الجميل، لكن تترحم على أمك! التي أنجبتك في زمن المسخ والقبح الرهيب، ومع إحترامي لأعضاء لجنة التحكيم، الذين شاركوا الفنانة نبيلة عبيد في هذه الجريمه الشنعاء، فقد إستوقفني مستوى الثقافة الفنية للمخرجة المعتزلة إيناس الدغيدي، عندما ذكرت بكل ثقة، أن فيلم \”الوسادة الخالية\” من بطولة فاتن حمامة! ثم أستطردت لا فض فوها أنها مش مركزة قوي في أفلام زمان.. فعلا بقى \”أحيه يا أبو سوسو\”!
لمشاهدة فيديو رقص نبيلة عبيد في برنامج \”نجمة العرب\”.. اضغط هنا