جمال عيد يكتب: حلول مركبة وصعبة

هناك موضوع اعتقد أنه يستحق النقاش، لأن الحل البسيط به، ليس حلا، بل هو مع بعض التركيز موضوع مثير للجدل والاختلاف.

أمثلة تبدو مختلفة، لكن الجوهر واحد:

– وزارة الداخلية وزارة قمعية، لم يتم إصلاحها، ومتفش بها منهج الإفلات من العقاب، لكن هل رأينا فيها ينسحب على كل أفرادها؟ هل الوزير زي الغفير؟ هل ضابط الأمن الوطني اللي بيلفق قضايا أو بيعذب، زي موظف السجل المدني؟ هل الموقف واحد؟ من صاحب الدور البوليسي ومن صاحب الدور الخدمي بها؟

– لدينا – أو لدي- مشكلة مع السعودية ورموزها وحكامها، قد تتساوى أو تزيد قليلا، أو تقل عن مشكلتي مع إسرائيل.. طيب والقنوات الفضائية السعودية – وما أكثرها – هل معنى هذا أنني ساقاطع أو ارفض هذه القنوات والتعامل معها، لأن مالكها سعودي مليونير أو حرامينير أو بياع جاز أو تاجر رقيق؟

– جرائد مهمة وكبيرة زي \”المصري اليوم، الشروق، الوطن\”، بغض النظر عن علاقتها ببعضها أو تأثيرها – بالنسبة لي كقارئ – هذه الصحف تحتضن كتاب وصحفيين معادين للثورة، ومنافقين، بل إن إدارة أغلب هذه الصحف، أقرب ما تكون مؤيدة ومتملقة للحكم المستبد في مصر، لكن هل يجوز أن نرفضها من حيث المبدأ؟ هل نقاطعها؟ هل نشهر بها؟

– المجلس القومي لحقوق الإنسان، وأنا من أكثر المنتقدين والمهاجمين له، نتيجة لدوره \”المقرف\” كماشطة للوش العكر، لكن هل معنى هذا أأأألأننا نرفض وجوده ونهدف لإغلاقه؟ هل هو كتلة واحدة ملفوظة ومعادية للحريات؟

– حزب التجمع، واضرب المثل به – باعتباري من خلفية يسارية – آراه أشد عداءا لليسار، وأسوأ نموذج يقدمه اليسار من نفاق ودعم لكل ما ترفضه الاشتراكية، هل معنى ذلك أن هذا الحزب يجب أن يزول؟ هل هذا يعني أن كل عضو به يجب تجاهله أو تهميشه ولفظه من حياة المطالبين بالحريات والعدالة الاجتماعية؟

أمثلة كثيرة ومتدفقة لا يسعني الآن ذكرها جميعا.. الأمثلة دي بطرحها – تحديدا – بمناسبة موضوع \”المصري اليوم\” حول انتهاكات وتجاوزات الداخلية.

فيه ناس تعاملوا مع الموضوع على أنه توظيف من جهة سيادية، ضد وزارة سيادية، وفيه ناس رافضة \”المصري اليوم\” تماما وتسبها لمواقفها خلال العامين الآخيرين.. فيه ناس شايفة إن \”المصري اليوم\” جريدة ستنشر ما تختلف معه، وقد تنشر ما تتفق معه، ورغم توجه إدارة التحرير، إلا أن كل الصحفيين والمحررين ليسوا كتلة واحدة، وحتى العدد الورقي، يختلف بدرجة كبيرة عن \”المصري اليوم\” أونلاين، فالأفضل إنك تكون فاهم الخط السياسي للجريدة، والضغوط عليها، ونفاق بعض كبارها، وإنك تتعلم أساسا كيف تقرأ جريدة وتتعامل معها بشكل جدلي، ثم تستفيد من بعض المنشور بها، وتنتقد طريقة تناول بعض الموضوعات، ومن المهم أن تثني على بعض الموضوعات وطريقة تناولها، بل وأن تثني وتشجع الصحفي أو الصحفيين الذين كتبوه، حتى تشجعهم على الاستمرار في هذا الخط، ولا تتركهم عرضة للهجوم من خصوم الجريدة من حيث المبدأ، أو المنافقين، فتخسر صحفيا كان بيسعى أو بيحاول يكون مهنيا.

أنا مع الفريق الأخير تماما:

– حشجع \”المصري اليوم\”، والصحفي اللي عمل الموضوع بتاع الداخلية، وحنتقد \”المصري اليوم\”، واسخر منها لما تنشر موضوعا كاذبا أو تفتح صفحاتها لناس تافهة أو متملقي السلطة زي داليا زيادة وأمثالها.

– حتفرج على \”mbc\” والقنوات السعودية، واختار منها واتعامل بدرجة وعي مع ما تقدمه.

– حاظل انتقد المجلس القومي، واندد بدوره، مستهدفا أن يقوم بدوره في الدفاع عن حقوق الإنسان فعلا، وليس نفاق السلطة ومسح الجوخ لها.

– حافضح حزب التجمع، ولن اقاطع أعضاءه كأفراد، بل حاشجع المخلص منهم على كشف حقيقة إنتهازية هذا الحزب وأن يصلحوه بلفظ خصوم المبادئ به.

– وزارة الداخلية وزارة قمعية لم يتم إصلاحها.. أغلب قياداتها مفروض يقعدوا في بيوتهم أو في السجن.. هذا تعاملي معها كوزارة أو مؤسسة، لكن الفرد أو الأفراد منها، ساتعامل معهم حسب تصرفهم ودورهم، وهل لهم صلاحية إتخاذ قرار أو مجرد عبد المأمور، وهل خالفوا ضمائرهم أو فسدوا وأفسدوا؟

الموقف من هذه الجهات أو أمثالها.. مينفعش يكون أبيض أو أسود، ومش بالضرورة يكون رمادي، بل هو موقف جدلي، والجدل ليس أبيض أو أسود.

دي وجهة نظر، مش ملزمة غير لي، إلى أن اقتنع بالعكس، عبر نقاش.

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back To Top