أمير رمسيس يكتب: السادة القائمون على شأن البلاد.. هل قرأتم كتاب مستر هوبنز؟

خبر صغير في إحدى الصحف عن تعيين رئيس الوزراء للشيخ عباس شومان في لجنة لتطوير مناهج التعليم، دفعني لتغيير موضوع المقال الذي كان موجها للمتاهة القوطية الخاصة بالرقابة وقانون التصنيف العمري، الذي لم يعد أحد يفهم المقصود منه بشكل كامل، حتى من صنعوه، وبعد هذا الخبر قررت تأجيل الدخول في المتاهة بعد أن استدعت ذاكرتي محادثتي مع الشيخ عباس شومان في أزمة فيلم \”نوح\” في أحد البرامج.. ناهيك عن أن مناهج الأزهر نفسها انتظرت لعام ٢٠١٤ لكي يحذف منها أكل لحم الأسير!

اعتقد أن تجربتى في المكالمة قد تلخص فكر من سيتحكم يوماً في \”تجديد الخطاب الديني\”.. كان لدي نقطتان للدفاع عن الفيلم ومعارضة ضغوط الأزهر لمنعه.. أولهما أن الأزهر مؤسسة دينية لا فنية، وقد يكون من الأصلح أن ينصحوا مريديهم بعدم مشاهدة الفيلم، وهو حق لا يمكن منعهم من مزاولته، لكن منع الفيلم بناءا على اجتهاد مثير للجدل ومثير لخلافات بين الطوائف المختلفة هو عمل جائر، وبالرغم من كل ضغوط المنع التي لا تخفى على أحد، أكد أن مطالبة الأزهر بالمنع هي إستشارية وليست مجبرة.. ماعلينا.

النقطة الثانية، كانت أننا نتحدث في هذا المثال تحديداً عن نبي توراتي يخص الأديان الثلاثة، بل وهو مبجل أكثر لدى اليهود والمسيحيين، وبما أن الطرفين لا مشاكل لديهما في تجسيد الأنبياء، وبما أن الدستور المصري يعترف بالأديان الثلاثة، فإن منع جهة دينية من الثلاثة لعمل يخص الآخرين، هو بمثابة تعد على حقوق مواطنين، مؤسساتهم الدينية لا تمنع مشاهدة أعمال تخص الأنبياء، بل وتنتج بذاتها – أحيانا- أعمالاً مشابهة، وهنا كان الرد الصادم.

أجابني الشيخ عباس شومان، بأنه يتحدث في شأن المسلمين، لكن إن أراد الأقباط – طبعاً تجاهل تماما كلمة اليهود – أن يلجأوا إلينا للنصح والإرشاد فيما يخص هذا الشأن، فنحن على استعداد لتقديم الفتوى لهم بخصوص تجسيد الأنبياء في الأعمال الفنية!

ليتوقف الزمن هنا لحظة.. يبرق فيها عين الرائد نور الدين محمود لا لاكتشاف عبقري، لكن ذهولاً.. الشخص المطالب بتجديد الخطاب الديني في مناهج التعليم لزرع التسامح والتقبل وقبول الآخر باختلافاته، يرى أن من دور مؤسسته الدينية أن تفرض فتاويها الداخلية.. لا على أبناء نفس الديانة فحسب (وهذا أصلا مثار جدل.. هل الفتوى الدينية هي مشورة أم قانون يسن بصدورها) لكن على الأديان الأخرى كذلك!

السادة الافاضل القائمون على أمر هذه البلاد.. قبل أن ينسد الشريان الأخير لقلبنا كمداً: هناك مهنة في عالم السينما تسمى: مسئول كاستنج، وهو من يرشح الممثل المناسب للدور المطروح، فرجاء.. من اقترح الشيخ عباس شومان لهذا المنصب.. ما تشغلهوش في أفلام بعد كده، وهناك مناهج عديدة من الممكن أن نلجأ إليها لتجديد الخطاب الديني، فبعد آلاف الأعوام من تطور البشرية، أصبح هناك مناهج علمية وكتب تشرح السبيل العلمي لأي فكرة في الوجود، حتى الخيانة الزوجية نفسها التي كتب عنها مستر هوبنز كتابه الذي استخدمه الفنان سمير غانم في فيلم \”البعض يذهب للمأذون مرتين\”.. كيف تخون زوجتك وتسعدها.

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back To Top