أول فيلم قدمته نجلاء فتحي كان اسمه \”أفراح\”، وتم تصوير معظم مشاهده في بيروت، وسبقه حمله إعلامية ضخمة، لتدشين النجمة الجديدة التي اكتشفها المنتج رمسيس نجيب ومنحها اسم شهرتها ولقب السندريللا الجديدة، وملأت صورها أغلفه المجلات اللبنانيه قبل المصرية، لكن مش ده المهم، لأن الفيلم لم يحقق نجاحا كبيرا، في مصر، لكن في لبنان والعالم العربي، عرفنا للمرة الأولى إن فيه مطربة وممثلة لبنانية اسمها \”راندا\”، وزي ما تقول كده، لم تكن \”راندا\” مطربه بالمعني المعروف، لكنها بتقدم أغاني خفيفة شوية، وأبيحة كتير، أو زي ما تقول كده فيها إيحاءات، ومن أشهرها، أغنيه بتقول \”النحل النحل يابوي قرصتي بايدي.. النحلة ياهو، وبعدين قرصتني في عينى، وفي خدي وتقعد تنزل كده كتير، والناس تصرخ كل ما النحلة تقرب من الأماكن الخطرة\”، والغريب في الموضوع أنه في تلك الفترة، كانت مجلات الشبكة والموعد منتشرة جدا في مصر، وكانت تتنافس فيما بينها، على أن تكون صور الغلاف مثيرة، وطبعا كانت نجمات الغناء أو التمثيل يتبارين في وضع أحدث صورهن، وكنا نسمع كمان أنهن يدفعن مقابلا محترما للفوز بشرف أن تكون الواحدة منهن نجمة غلاف.
أما\” راندا\” بتاعة النحل، فكانت أول من تضع صورتها، وهي تكاد تكون عارية الصدر\”فعلا\”، ولها مشهد شهير في فيلم \”أفراح\”، وهي تحت الدوش، بدون مناسبة درامية،غير أن تظهر كما ولدتها \”الحاجة\”، والمدهش كمان، أن الدنيا – على ما أذكر لم تنقلب- لكن حدثت ضجة خفيفة، وراحت لحالها، نظرا لعدم وجود مواقع التواصل الاجتماعي في ذاك الوقت، لأنها لو كانت موجودة، كانت حاتشتغل لمدة شهر على هذا المقطع الثمين، مذيلا بعنوان \”إلحق فضيحة راندا\”، وعلى أي حال، فعند عرض فيلم \”أفراح\” في التليفزيون المصري في السبعينيات، تم قطع ثوان معدودة من المشهد، لكنه كان يعرض كاملا في شرائط الفيديو، عندما كانت هي وسيلتنا الوحيدة للفرجة على الأفلام!
في المجتمعات النسائيه الضيقه، كثر الحديث عن مشهد صدر \”راندا\”، وتبرعت واحدة من العالمات ببواطن الأمور، وكانت بمثابه طانط، وأكدت أن راندا صدرها مش طبيعى، وشهقت بقية النساء، وبعضهن ضربن على صدورهن، رغم كونهن من طبقة فوق المتوسطة، وقالت: دي عاملة عملية لتكبير صدرها، لكن هي في الأصل صدرها \”لمونة\”، وكان هذا أول حديث أتابعه عن عمليات تكبير أو تصغير أو شد الصدور، وأصبحت بيروت في مخيلتي عاصمة لصناعة الصدور، وكافة عمليات التجميل، وتحويل البوصة لعروسة!
لكن بعد سنوات، اكتشفت أن الدنيا أكبر كثيرا من بيروت، وأن النساء في العالم كله، والشهيرات منهن بشكل خاص، يرفضن الإستسلام لعيوب أجسادهن، أو فلنقل أن مقاييس الجمال، في هذا العصر، أصبحت لها مواصفات خاصة، تتجسد في تضاريس، جنيفر لوبيز، التي تنسى دائما صدرها بكامله خارج الفستان! أو تضاريس كيم كارديشيان صاحبة لقب \”أجمل مؤخرة\”، لكن علينا أن نقول إن هذه أو تلك، وضع عليهن نساء من عينه شاكيرا، وقبلها مادونا.. لسن مجرد صدور أو أرداف، لكن قيمتهن الحقيقيه تكمن في موهبه جعلت من كل منهن شخصية فنية واجتماعية ذائعة الصيت.. تقدم فنا يثير البهجة والمتعة في نفوس الملايين بالإضافة إلى أدوار اجتماعية أخرى يقمن بها!
فكرة أن المرأه مجرد جسد، وتضاريس.. فكرة مزعجة إن لم تكن مقرفة، والغريب أن المرأة نفسها، تبالغ أحياناً في الإهتمام بجسدها، باعتباره طريقها الوحيد للشهرة والثراء، متناسية أن هناك عوامل أخرى ممكن استخدامها مثل عقلها مثلا، لكن هذا إختيار نادر اللجوء إليه عند بعضهن! وأحيانا لا يستخدم إلا لتحقيق أهداف محددة!
أول مرة شفت فيها هيفاء وهبي، كانت من خلال شاشة الـ art، وكانت بتقدم لقاءات مع أبطال فوازير أبيض وأسود، اللي شارك في بطولتها محمد هنيدي وعلاء ولي الدين، والراقصة لوسي.. كانت مجرد فتاة جميلة تبحث عن دور في الحياة، وكان يبدو عليها التململ والزهق، وكأنها غير مقتنعة أن يكون دورها هو محاورة بعض النجوم، وكأنها تقول في بالها، ولماذا لا أكون أنا النجمة، التي تسقط عليها كل الأضواء، وأحقق أضعاف ما حققه هؤلاء من شهرة، وخلال عام أو اثنين، فوجئت كما فوجىء كل من كان يعرفها، بأنها تحولت بقدرة قادر من مذيعة \”نص كم\” إلى مطربة، رغم أنها بالقطع لا تملك الصوت الذي يؤهلها للغناء، لكن سبحان الله.. فاتت زي السكينة في الحلاوة، ودخلت الجهاز الجهنمي لصناعة الوهم، ولعبت نفس لعبة \”راندا\” بتاعة \”النحل ياهوو\”، وإن كان حظ هيفاء وهبي أكبر وأروع من حظ راندا التي اختفت في ظروف غامضة، وذلك لزيادة القنوات الفضايئة وتنافسها على إثارة اهتمام الناس، بكل الطرق المنطقية وغير المنطقية في أغلب الأحيان!
إيه بقى أسلوب راندا بتاعة \”النحل ياهو\”، اللي هو نفسه أسلوب هيفاء وهبي.. خليك مبتذل بقدر الإمكان.. إختاري كلمات أغاني تحمل الكثير من الإيحاءات الجنسية والمفردات الجدلية التي تثير شهية الناس للتأويل والتخيل.. زي \”حوش صاحبك عني\”، و\”بوس الواوا\”، إضافة إلى بعض التأوهات بين كل كلمة والأخرى.. ما هو آخر حاجة تهم الناس، هي بتغني تقول إيه؟
أما عن الملابس، فيفضل الإختصار والإختزال في القماش بقدر الإمكان، بحيث يتلهي المتفرج في النظر للأشياء الظاهرة، وهي كثيرة،عن اهتمامه بتقيم الصوت، وطبعا أكيد إنت فاكر زي ما أنا فاكرة، الفستان اللي ظهرت بيه في ستار أكاديمي، واحتار الناس فيما شاهدوه، عندما لفت لفتين.. بعضهم كذب ناظريه، وقال مش معقول تكون مش لابسة حاجه تحت فستانها الشفاف، وأن ما شاهدوه هو \”لمؤاخذة\” فعلا، وبعد الضجة التي خدت لها أسبوعين، ثم هبطت كالعادة، وتبخرت، كان لابد لها وأن تبحث عن فرصة ثانية، تثير بها شهية الناس للجدل، والدهشة والنميمة.
في أحدث كليباتها، التي تؤديها بالإنجليزية، ولا يمكن أن تتبين كلمة مما تقول، لم تكتف هيفاء وهبي بارتداء فستان عبارة عن خيوط متفرقة، لكنها ظهرت مع مجموعة من الرجال الأقرب للتيران عندما تلوح لهم بقطعة القماش الحمراء، وكل منهم يحاول أن يلمس قطعة من جسدها!
هي سعيدة بأن تتحول من امرأة إلى قطعة لحمة، وإذا كان هذا يمكن أن تقبله من واحدة مثل جنيفرلوبيز، أو شاكيرا، أو مادونا، فأي من هؤلاء تمتلك صوتا رائعا بالإضافة إلى مكونات أنوثتها، وأي من هؤلاء يمكن أن تسمعها وتستمتع بغنائها دون أن تراها، لكن هيفاء لا تضع حسابا لليوم الذي سوف يأتي قريبا، وتبقى مش طايق تشوفها، وطبعا مش حتسمعها، وعليها أن تبحث عن مصير راندا بتاعة \”النحل ياهو\”، وتعرف أين ذهبت، فسوف تلحق بها قريبا إلى عالم النسيان!