صباحكم سعيد.. أيوه هتجرأ وأنطق بالكلمة التي أصبحت مجهولة أو متوراية في حياة المصريين اليومية، من كثرة تلاحق الأحداث وتواليها على الشعب الغلبان، الذي يعاني أغلبه من أمراض نفسية كالرهاب بكافة أنواعه والشيزوفرنيا والاكتئاب ومشتقاته.
القصد.. تلقى المصريون خبر انقطاع البث عن قنوات مدينة الإنتاج الاعلامي بكثير من السخرية والشماته على غير عادتم، وصار الحادث مثارا للسخرية اللاذعة والتعليقات المضحكة، والتي كان نصيب الأسد منها في صالح مذيعات ومذيعي القنوات الفضائية، وكان البطل الأول هنا برنامج الفوتوشوب الذي أعطانا صورا تخيلية عن بعض المذيعات والمذيعين في وقت الإنفجار.. من يركض عاريا.. ومن أصبح شعرها كغابة محروقة، ومن تدلت نظارتها على أنف أسود، وما إلى ذلك، مما يعكس رأي المواطن البسيط عن الإعلام المصري ورسالته والقائمين عليه على اختلاف التوجه السياسي له.
لكن الملفت هنا أن أسباب الإنفجار التي أدت لانقطاع البث، كما أعلنت الجهات المعنية سببه عمل تخريبي أو عبوة ناسفة وضعت تحت محول الكهرباء الرئيسي، الذي يغذي مدينة الإنتاج الإعلامي، وهنا اسمحوا لي أن أتساءل عدة تساؤلات بسيطة:
أليست مدينة الإنتاج الإعلامي إحدى الأماكن التي يطلق عليها أماكن سيادية؟
كيف وضع المخرب الوقح العبوة في ذلك المكان بكامل حريته ورحل.. \”لم يصرح أحد بأنه ألقى القبض على أحد\”؟
نسمع كل يومين أو ثلاثة عن عبوات ناسفة محدودة التفجير.. تنفجر هنا وهناك، وأيضا لم نسمع عن القبض عن تنظيم بعينه مسئول عن ذلك.. لماذا؟
مين اللي بيحط القنابل دي يا محسن بيه؟
ياللا.. الله يعين الداخلية.
كلمة السيادة أيضا على المحك في سيناء، فبعد شهور طويلة من محاربة الإرهاب في سيناء من قوات الأمن.. سواء \”داخلية وجيش\”، تستمر العمليات التي يدفع ثمنها خيرة شباب مصر من أبناء القوات المسلحة والداخلية والمواطنين الأبريا، في مسلسل دموي الله وحده يعلم ما نهايته.. مسلسل يقوض مضجع كل أسرة مصرية لديها ابن مجند أو ضابط أَرسلوه على الحدود.
في فشل ميداني منقطع النظير، يُفتح ألف باب للأسئلة الموجعة، ويضع كثيرا من علامات التعجب على قرار خوض حرب ميداينة برية من قِبل القوات المصرية في \”عاصفة الحزم\”.. على أرض اليمن حيث وعورة أراضيها وجهل أبنائنا بها يضعهم في خطر كبير.. ناهيك عن تجربتنا التاريخية الأليمة التي مررنا بها قبل ذلك في \”حرب اليمن\” أيام حكم الرئيس \”جمال عبد الناصر\”، إلا أن عاصفة الحزن في سيناء، طغت على عاصفة الحزم في اليمن.
وبين الحادثتين تطل علينا حادثة أصفها بالبربرية.. مديرة التربية والتعليم بالجيزة تذهب إلى إحدى المدارس مع طاقم المدرسة.. نُشرت لهم صور يحملون بها أعلام مصر وهم يحرقون كتبا.. حجتهم في الحرق أنهم يعدمون كتبا تؤثر سلبا على عقول التلاميذ ولا تناسب المناخ العام.
صور الكتب المحروقة ليست كتبا ذات اتجاه ديني فقط، وانما بها مجموعه متنوعة مثل:
كتاب \”بونابرت في مصر\”، وهو كتاب مترجم عن فترة الحملة الفرنسية في مصر، ويعد من الكتب المنحازة لمصر والمصريين، وكتاب \” Fahrenheit 451 \”، الذي تم تحويله لفيلم سينمائي عام 1966، وغيرها من الكتب.
وبغض النظر عن الحجة الواهية لحرق الكتب.. لا اعرف مبلغ سعادة السيدة مديرة التربية والتعليم ومن معها من حرق أهم مظاهر العلم والتحضر \”الكتاب\” أمام الطلبة!
في إشارة مكنية لطالب مازال عقله ووعيه يتشكل: \”احرق مع عارضك\”.. \”احرق ما ومن هو مخالف لرأيك\”.
حرق الكتب يعكس مستوى تفكير حارقيها، وأهلا بكم يا سادة في غياهب العصور الوسطى مرة أخرى.
وقولنا في الأول.. يا صباح الخير والسعادة والسيادة والثقافة.