بالرغم من إغراء التعليق والحديث عن هذا الأمر الشائك المحرم دائما، ومتعه النقاش وتبادل الحجج، لا نستطيع أن نتغاضى عن حقيقه أن الحوار كله يدور في إحدي قنوات الإعلام الفاسد غير المستقل، وعلى الأخص قناة يمتلكها إمبراطور بيزنس الاعلانات الذي أدار حملات لنجل الرئيس المخلوع قبل ٢٠١١، وأدار حملات إعلامية أخرى للنظام الحالي.. قناة يعمل بها أشخاص لا يمكن وصفهم إلا بالمخبرين للجهات الأمنية، ارتكبوا انتهاكات جسيمة لميثاق شرف الإعلام، ومن خلال برامجهم قاموا بانتهاك الحرية الشخصية وخصوصية الآخرين، وهي جرائم يعاقب عليها الدستور والقانون، إلا أن مزاج الحاكم هو الفيصل.
لاشك أن الحديث والحوار المجتمعي، والجدال والمناظرات هي أحد أهم الطرق للتقدم الفكري والتغيير، وأن حرية التعبير هي الضامن الوحيد لحدوث ديموقراطية، إلا أن ما نراه الآن هو مسرحية هزلية تتم في جو عام فاسد، بعيد كل البعد عن احترام حرية التعبير في مجتمع الحاكم والمحكوم فيه – في الأغلب- لا يقرأ، ولم يعتد على الحوار ولا أدواته ولا يسمع إلا نفسه، وعندما يختلف في الرأي، فهو يتخاصم ويلجأ للعنف والقتل والقضاء على الآخر الذي يختلف معه.
وتحت وطأه نظام قمعي لا يطيق سماع من يعارض وجهة نظره وتمتلىء سجونه بآلاف المصريين نساءا ورجالا يحاكموان بتهمة حرية التعبير.. نعم لأن حرية التعبير في مصر، هي تهمه يعاقب عليها القانون مثل القانون سيء السمعة الخاص بالتظاهر، والذي وضعه النظام لإخراس الألسنة أو قانون إزدراء الأديان الذي أخرجه الإخوان لكل معارضيهم.
إنها حرية التعبير حسب المزاج، ففي الوقت الذي أجريت فيه مناظرة للحديث عن تابو ديني في قناة المخبرين، كانت قوات الأمن قد اقتحمت مقر راديو حريتنا، وقبضت على مديره ومؤسسه أحمد سميح ووجهت له تهمه بث راديو على الإنترنت بدون تصريح، بالرغم من أن البث يتم منذ ما يقرب من تسع سنوات، وقامت القوة الأمنية التي اقتحمت الراديو بالتحقيق مع العاملين به حول طريقة صياغة الأخبار، ومحتوى الخبر، وإذا كانو يتبعون أي جماعة سياسية.
ما يحدث ليس جديدا وسيتكرر، ولن يخرج عن فرقعة ستنتهي دون أدنى ىتغيير، وربما بدت القضية المثارة الآن من كسر لتابوهات دينية – وهي بالفعل مهمة- ونقاشها ضروري، إلا أن الكيل بمكايلين، وتسامح الحاكم الذي ربما يكون وقتيا لشخص بعينه للحديث بحرية، وفي نفس الوقت قمع آخرين لا يعجبونه، بالإضافه لتدخل المال وعالم البيزنس ورجاله والمصالح المشتركة بين هؤلاء، والنظام القمعي، مما يؤدي إلى عدم استقلاليه الأشخاص الذين يعرضون أفكارهم، وتأثير ذلك على ما يقولون وما يعرضون من مواد إعلاميه أو بعض منه، وقد رأينا، كيف غير المال والنفوذ من اعتقدنا في أفكارهم وآرائهم .
في النهايه هي وجبه شكلها حلو، إلا أنها فاسدة ورائحتها كريهة، وكأن هناك حرية، وكأن هناك حوار، وكأن هناك مناظرة.