محمد عبد الفتاح يكتب: الست عايدة

عن الست الجميلة اللي بتفرق ورد وريحان على كل الناس اللي بتحس إنهم بيحبوها.
كنت في ليله من ليالي شهر يناير المبجل بالمطر، قاعد على قهوة الكريستال اللي على ناصية شارع الشهدا في اسكندرية، بتأمل اكتئابي اللي كنت ابتديت اتعود عليه واحبه، وبدأت مرحلة المتعة والتأمل من قد 15 سنة يزيدوا أو يقلوا سنة تقريبا.
ساعتها والله، وماليكو عليا حلفان كان لسه عندي شعر بسرحه زيي زي كل الكائنات اللي عندها مشط في بيتهم لتسريح الشعر، وكنت – كالعادة – حاطط في وداني سماعات الووكمان وبسمع كوكتيل لمنيب وفيروز ومنير وسمية القيصر وأصالة ومش عارف ليه التركيبه دي.
المهم.. وأنا بسمع المزيكا المختلطة بصوت البحر والمطرة بتقطع عليا منظر البحر المبجل، والبخار طالع من براد الشاي اللي مطلع ريحة النعناع المندمجة بشكل مذهل مع ريحة الشاي كإنها طبخة من بتوع أمي – الله يرحمها – خارجة لما كنت باتسلطن بمجرد إنها ترفع غطا الحلة واتسحل في الريحة اللي بتخرج مع البخار.

والتفاصيل بتقول إن مع اللحظات اللي فاتت، ظهرت قدامي ست جميلة عجوزة، حسيت من طلتها عليا بروح جمال ستنا مريم العذراء وصفائها اللي في الصور اللي بشوفها حاضنة فيها سيدنا المسيح عليه السلام عشان تحميه من أي حاجة.
مدتلي إيدها بالورد والريحان اللي خرجته من شنطة بلاستيك في إيدها استحاله تتخيل إن جواها ورد وريحان.
طلعت ربع جنيه اديتهولها، واديتلها الورد والريحان، ورفضت تاخدهم وابتسمت وقالت لي: هات سيجارة، وخللي معاك الورد عشان خاطري.
اخدت الورد، وأنا بطلعلها سيجارتين من العلبة، ومركز مع نقط ماية المطر اللي متنطورة على الطرحة السمرا اللي محاوطة وشها زي السما ما محاوطانا ونقط الماية، بدل النجوم والوش وش القمر.
في وسط وشها الجميل.. لسه فيه أثر لنغزتين قدام أوي من قبل ما وشها يكرمش ويتجعد بفعل الزمن.
عايدة بتاعة الورد بقت صاحبتي، وبقيت استناها تعدي عليا في أي وقت نبدل سجاير بورد وريحان، عشان احس إني مبسوط.
عايدة كانت من أهم الأسباب هي وأمي وأبله فضيله إني اختار لحياتي كتابة الحواديت واهتم بالتفاصيل أكتر من الحدوتة.
أصل التلاتة كلهم تفاصيل رهيبة.
قعدت مرتبط بدخول عايدة عليا القهوة، طول فترة دراستي في الأسكندرية، وحتى لما خلصت دراسة، وبقيت اسافر بسبب ومن غير
وفي يوم من كام سنة سافرت وقعدت على نفس القهوة، بس تحت مطرة مختلفة ومش بنفس المتعة، لإني عرفت إن عايدة جالها شلل وبقت تمشي علي كرسي بعجل.
والله يومها عيطت وخبيت دموعي في المطر، وكنت خايف إنها تعدي عليا وهي على الكرسي أبو عجل.
وزي ما انبهرت في أول مرة شوفتها، لقيتها داخله وساندة على الكرسي أبو عجل، وحاطة الورد على الكرسي مكان ما المفروض تقعد، وحسيت إنها أقوى مني ومن أي حد شوفته في حياتي.
انبهرت وما قدرتش اسمح لنفسي إن عايدة تصعب عليا.
بس صعب عليا الورد، لإني حسيت إنه هو اللي اتشل، وعايدة بتساعده.
كنت في أسكندريه قريب، وقعدت على البحر مستني عايدة تعدي عليا وماعديتش.

مازعلتش إني ماشوفتهاش، لأني متأكد إنها أكيد بتساعد ورد.
افتكرت وشها اللي شبه ستنا مريم وحضنها للورد كأنه المسيح، وكأنها مريم، وكأني واحد من الحواريين المخلصين اللي نقلوا الرسالة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back To Top