محمود مصطفي كمال يكتب: كنا نظن أننا لن نموت أبداً

أنت مثلي.. تقضي ٣٦٥ يوماً من أجل أن تضيف رقماً جديداً إلى خانة الآحاد بعداد الزمن.. ٢٠١١.. ٢٠١٢.. ٢٠١٣.. ٢٠١٥.. قد تنتظر أن تضيف هذا الرقم من أجل أن تتخرج.. من أجل علاوة في العمل.. من أجل أن تخرج من السجن.. لا يهمني ما سببك، ولكن إضافة هذا الرقم ضروري لكل منا، رغم أنه حتمي.. نتوق إلى مرور العام الحالي للعبور إلى عام جديد، وكأننا نستطيع أن نوقف هذا العام عن أن ينقضي.. ما هذا العبث.

فكر قبل أن ترغب في أن يرحل عنك عاماً.. هل تعرف ما هو عدد أعوامك؟ ٥٠؟ ٦٠؟ ٢٧؟! كم أمضيت منها طفلاً لا يعي شيئا؟ كم ستقضي منها كهلاً لا يقدر علي شئ؟ هل تعرف أن العدد الحقيقي لسنوات حياتك قصير بشكل مرعب؟

كلما تماديت في إضافة الأعداد الأحادية لعدادك .. ستتعرف علي حقيقة بديهية، ولكنها غائبة عن الكثيرين: كل وقت فات لن يعود أبداً.. أبداً.. لن تحتفل بعيد ميلادك الثامن عشر مرة ثانية، في عيدك ميلادك الثلاثين ستودع العشرينيات من عمرك إلى الأبد، لقد صرت رجلاً ثلاثينياً.. وما إن تعبر الستين من عمرك، فأنت تسير على الطريق السريع للشيخوخة بدون علامات توقف.. لا يوجد مخرج للدوران للخلف.

بمرور الزمن تبدأ بشكل لا إرادي في التفكير في الموت.. تود أن تبعد هذه الفكرة عن رأسك، ولكنها تظل هناك.. حينما كنا صغاراً، كنا نظن أننا لن نموت أبداً.. وأن الحياة مستمرة بالصحة والعافية للأبد للجميع، لكن مع كل عدد يضاف لعداد الزمن، فأنت تأخذ خطوة للأمام لتقف وجهاً لوجه مع حقيقة أنك ستموت.. وأنك عامُ أقرب لذلك.. ليس بسبب حادث.. ليس بسبب مرض مفاجئ.. ليس بسبب حرب.. ولن يقتلك أحد.. ستموت لأن الناس تموت.. هذه هي الحقيقة الواحدة المؤكدة للجميع.

جِد لي أي طفل، ولن نعرف أي شئ عن مستقبله سوى شئ واحد.. أنه في يوم من الأيام سيموت.

تبدأ في النظر لكل شئ بطريقة مختلفة.. حتى جسدك.. سترى أن تلك التجاعيد الجديدة لن تختفي، وأن تلك النضارة بوجهك عقب مباراة كرة قدم في سن الخامسة عشر قد اختفت، وأن هذا الشعر الذي سقط لن ينمو مجددا.

في الواقع إن جسدك ينهار مع الوقت، وما تقدر أن تفعله اليوم لن تقدر على فعله غداً.

ستغير طريقة نظرك لكل شئ، مطاردتك للكثير من الأشياء التي شكلت كل محاور إهتمامك ستهدأ، ستبدأ في تقبل الحياة بخوف أقل.. فما الداعي للخوف؟! سنصل جميعاً إلى نهاية الطريق في يوم ما، فعلي الأقل سنجعل هذه الرحلة ممتعة .. إذا إستطعنا.

المشكلة الوحيدة أن هناك بعض الأشياء التي تضطرك للانتظار بدون ميعاد محدد لكي تجده .. فأنت لا تعرف متي ستقابلها وتضطر أن تنتظر عاماً بعد عام.. هل ستأتي.. أم ستسبقها أنت.. وسيكون كل شئ قد تأخر؟ لا أحد يعلم.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back To Top