ليلى الهنداوي تكتب: قلب لؤلؤي

\"\"

صغيرة هى، كائن لا تحتمل خفته، مدركة تمامًا أن الحياة لا تتسع لها، دائمًا صامتة وبطريقة مرعبة لا تبكي، لا تتحدث عما بداخلها، قلبها مثل اللؤلؤ يداوي الكثيرين ولا يجد من يداويه أبدًا، تقاوم دائما حتى تنفذ طاقتها وترتخي أرضًا.
لا تعرف كيف تتعامل مع الأوغاد، تتظاهر بالقسوة وهى لم تتعلم عنها شيئا، ولكن بعفوية طفلة ناضجة لم تتم عامها العشرين بعد، تتمايل مع إيقاع الحياة على صوت الكمان الذى يشبه هذا القلب الؤلؤي؛ كي يداوي جرحه قليلًا بخفة تلامس روحها.
مثل النجمات هي، وحيدة لامعة، مأساتها الوحيدة أنها لا تشعر بالانتماء حيال أي شئ، حتى هذه الأحلام الساذجة التي تبنيها وتحطمها الظنون والخيبات، لا تنتمي إليها أيضًا، وهن كبير يحتل جسدها النحيف.
وكأنها امرأة عجوز غير قادرة على الاستيعاب، غير قادرة حتى على تحديد ألمها من أين يأتى وبأى شئ يشفى ويطيب، امراة هزمها الحب وهزمها القدر وهزمتها أحلامها، وهزمت نفسها ألفًا.
تعبت من هذه اللعبة السخيفة، من اليأس، الأمل، الحب، الخوف، من السقوط والمقاومة.
أيمكن لمثل هذه السيدة أن تُشفى! أيمكن أن يتحدد مكان هذا الوهن ويتم استئصاله، إنه يخيم فى جميع أنحاء جسدها، هل يجوز استئصاله بالكامل! خوف كبير في داخلها يضرب جذوره بأرضها ويتأصل.
قال أحدهم مرة: \”إنتِ فعلًا قلب لؤلؤ مينفعش يتكسر\” شعرت هى وكأن الكون اختفى، وبقيت هى عالقة فى السماوات السبع تراقب النجوم وتتراقص على أنغام أحلامها \”بكل خفة ودلع \”
قلبها متحطم ذائب مثل قطعة ثلج وضعها طفل صغير أمام النافذة ليشاهدها وهى تذوب، إنها منهكة حد ما تعلمون وحد ما تجهل هى، تستمر فى التظاهر أن كل شئ على ما يرام، وأن كل الحوائط حولها سليمة لا شروخ فيها، وأن هذا الانفجار لا يحدث بداخلها، ولكن من تخدع!
على من تتصنع الكذب، كاذبة هى حيال نفسها أيضًا، هى ليست بخير، قد تنجح مرة أو مرتين ولكن حتمًا سيفلت منها أحد هذه الشروخ، ربما فى رعشة يد أو تهدج صوت أو دموع تخونها كعادتها، فهى كانت وستظل تحمل فوق عاتقها حمل إصلاح العالم. شيء ما سيظل فى النهاية، فمثل هذا لا يشفى.
فهنيئًا لكل من كان العالم قادرًا على تحمل أرواحهم، قلوبهم وأحلامهم. إنهم أحرار.
أما الساذجون، المتفائلون حد البلاهة، من يظنون أن \”كل حاجه هتبقى تمام\”، من يخفون خوفهم بكبرياء، الذين يواسون أنفسهم بقراءة علم الفلك، الذى يؤكد أن حجم الكرة الأرضية لا يزيد عن حجم حبة رمل على شاطئ لا نهاية له، مقارنة بمقدار الحزن الذى يستوطن قلوبهم، وأصاب ملامحهم بالشيخوخه. فلهم الرضا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back To Top