لسوء الحظ فإنني ولدت بشرًا في الوطن العربي. في دولة متوسط دخل الفرد فيها شهريًا يعادل أجر يوم لعامل في مصنع بداخل إحدى الولايات الأميركية المتقدمة. ولكن سأقول ذلك بطريقة أنانية بعض الشيء: الحمدلله الذي لم يخلقني قطة أو حمارً أو حتى \”كلب بلدي\” في منطقة شعبية مثلًا في إحدى مناطق القاهرة.
بعد كل محادثة مع مهاجر جديد لدولة أوروبية مثلًا أو دولة ما من تلك التي تحترم الكائنات التي تعيش بداخلها. يدور الحديث دومًا عن فكرة الاحترام المجاني. هو ليس مجانيًا بشكل كامل، ولكنه متاح للكل. الجميع يمكنه أن يحصل على لقب \”محترم\” بشكل فوري مهما كانت لكنته، طريقة كلامه الغريبة أو ذيله الأصفر. لكل من يتنفس الحق في الحياة ولك أن تتخيل مدى الذهول الذي يصيب شخصًا هاجر إلى الخارج بعدما كان يضرب أي كائن حي فوق كوبري مثلًا أو تحت سيارته الجديدة بشكل عشوائي. شخصًا مصريًا بسيطًا لا يحاسبه أي أحد على قطعه لذيل قطة أو عند شرائه لسلحفاة وتصويرها هو وأصدقائه وهو يحاول كسر غطائها الخارجي. فتحين له الفرصة للهجرة فيجد ما لم يكن يصدقه. يرى أنه في خطر فقط لأنه لم يطعم كلبته لمدة أسبوع وسافر بدون رعايتها أو حتى سجنه عند دهسه لحيوان كان يعبر الطريق.
إذا ولدت كلبًا في مصر وأتيحت لك الفرصة لتقرأ هذا المقال فحاول الهروب بأي طريقة، حاول أن تستنفذ كل طاقتك للهجرة، للسفر أو للنزوح واللجوء. حياتك هنا جحيم، لا أحد يحميك لا أحد يريدك ويقيمونك من نواحي عنصرية خالصة. فكونك كلب \”بلدي\” عادي لا يرى فيك أحد شيئًا مميزا بالمرة. الكلاب هنا التي يحبها ويحترمها الجميع هي التي تملك ألوانًا معينة أشكالًا معينة وأحجامًا معينة. إنما أنت \”بلدي\” مثلنا جميعًا صدقني. لي صديق يحب الحيوانات ويعمل في إحدى منظمات إنقاذ الحيوانات وبرغم ذلك فإنه لا تتم مكافأته أو حتى تشجيعه ولكن يحصل على الكثير من السخرية وكلمات يريد الناس بها إيصال فكرة عدم صلاحيتهم لتلك الرفاهية (الرأفة بالحيوان)!
الرحمة لا يجب طلبها أو الاعتماد على ضمير الإنسان في إنتاجها وإنما من الممكن أن يلزم بها القانون البشر. فعندما يتم سجن شخص ما بسبب قتله بقرة أو تعذيبه لكلب جيرانه فسيصبح بعدها احترام الكائنات الأخرى خطا أحمر.
في أوقات سابقة كانت بعض الأمهات تتحدث عن أن القطة التي حاول الطفل ركلها ستخرج له أثناء نومه وتفزعه وأحيانًا كان ذلك يحدث بالفعل لا أعلم كيف ولكن هذه لفتة جيدة من القطط وطريقة ليست سيئة للإنتقام.
حاول أن تتخيل نفسك ولدت دودة قز يمسك بها طفل سادي ويرميها في المجاري بعد تقطيعها، أو يمامة حظها القذر جعلها تجرح في إحدى أجنحتها ومن ثم يمسك بها بعض الصبية في قرية مصرية ما. صدقني لن تحب أن تكون أي شيء إلا أنت (إنسانًا) في ذلك الوقت وستتمنى لو كنت تحلم فقط وقتها وأنك ستستيقظ بعد دقيقة أو ساعة مثلًا وسينتهي ذلك الكابوس.
صدقني لن تشعر بمثل تلك الأحاسيس إلا لو لم تستيقظ ووجدت أنك لم تكن تحلم.