\”يا أم البشاير والمدد. يا أغلى من الروح والولد\”
أراد الله أن تكون هذه الكلمات في مديح السيدة زينب -رضى الله عنها وأرضاها- السبب المبارك فى اشتهار وانتشار فرقة الحضرة على نطاق أوسع؛ وكأنما مدد السيدة زينب هو الذي جُعل سبب في قُرب إنشادهم إلى المريدين، واللائذين بالفرار إلى الله الذاهبين لحضرته خارج أسوار المساجد وساحات الصوفية.
كما كانت السبب فى إعجاب الجمهور العادي من غير المتصوفيين، الذواقين للفن بشكل عام، الذي لجأ إليهم ليستمتع بالموسيقى التراثية، بل والكلاسيكية -حيث ينشدون بعض القصائد على أنغام كلاسيكية مثل Canon in D minor، Dvorak American Quartet – المزخرفة بكلمات الصوفيين الكبار والعارفين بالله أمثال سيدي محي الدين بن عربى، والحلاج وغيرهما.
وبمدد السيدة زينب -ولكن لى هذه المرة- أراد الله أن أستمع لهذه القصيدة عن غير عمد، والاندهاش بلحنها البهيج، فأظل أستمع لها مرارًا وتكرارًا كلما أردت أن أنتشي انتشاءً روحانيًا، حتي زادتني مع كل استماع فيضًا من حب المديح النبوى الشريف وآل البيت والقصائد الصوفية، حتى الوصول لسر كلمة \”مدد\” الأعظم!
وبترتيب من صاحب المدد الأكبر -الله عز وجل- أن أتواجد فى مشهد صوفى لا يقل بهجة عن تلك القصيدة، بإحدى ساحات الصالحين؛ حيث حضرة القلوب مع الله الخالصة، التى لا يشوبها أى مظهر فنى أو أضواء مسرحية، أو كاميرات فوتوغرافية، واستحضار رسول الله بالصلاة عليه عدد ما في علم الله صلاة دائمة بدوام ملك الله، وهى إحدى الساحات التي يرتادها بعض منشدي فرقة الحضرة، فكانت بداية الوصل بيني وبين مديحهم، فاللهم أدم هذا الوصل. بالمدد.
وفى تجمع -صوفي الجوهر عائلي المظهر- أصغر فى ذاك اليوم، تترتب حضرة مصغرة يبدأ فيها شيخ عذب الصوت بالمديح بقصيدة عن الإسراء والمعراج ويقول:
رقي إلى المنتهى بل فوقها سلك. وعن مسيرته قد أوقف الملك
فقال اذهب فإن الله أهَّلك. يا سيد الرسل يا مختار يا عربي
فتميل قريبتي الصغيرة عليَّ وتسألنى: \”عارفة فرقة الحضرة؟\” فهممت بالإجابة بسرعة مجيبة بالإيجاب، وكنت قد قطعت تذكرتي لاحتفال الحضرة بعيد ميلادها الثاني بدون أن أعرف حتى أسماءهم.
ولكن ظننت فى هذه اللحظة، أن الرسالة فى تأليف الفرقة هي بعث روح التصوف، ونشر علم التزكية في القلوب قبل العقول بالوصول لمن لم يأذن الله له التواجد بحضرات المساجد ومقامات آل البيت.
وهذا ما حدث، فذاك هو تمام المعرفة، وذاك هو نور المدد.
وكان ذلك عشية عيد ميلادهم الثانى، وأول لقاء معهم وهم تحت أضواء المسرح لي.
وإليكم ما استنبطت مما تراءى لناظري من ملحوظات عن حضرتهم:
– جمهور الطرب يختلف مظهرًا وسنًا عن جمهور عروض الباليه، عن جمهور عروض الغناء الأوبرالي.
ولكن جمهور الحضرة ليس له شكل أو قالب أو سن أو ثقافة، وهذا أيضًا من نفحات المدد؛ فاذهب لهم بقلبك ليصفي.
– وبذات المدد، يختلف طعم المديح في الساحات عنه فى المقامات، وفى الساقية عن الأوبرا، وفي كل الأحوال يصل الجمهور للحالة المرجوة من السرور وارتقاء الروح.
فهذا الاختلاف كان سببًا آخر لاختلاف شرائح \”حبايب\” الحضرة كما يطلقون على جمهورهم العريض.
– \”كَان رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْه وَسَلَّمَ، دَائِم الْبِشْرِ\”، وهذا ما هم عليه بينما هم يمدحون، فيصل بشرهم إلى أفواه الجالسين وقلوبهم وأرواحهم.
أدام الله عليكم المدد، وأمَدَّ دوامه.